خائف من الحيات لما تقدم له في ذلك من الله في الفعل الأول حين قال له خُذْها ولا تَخَفْ فنهاه عن الخوف منها وأعلمه أن ذلك آية له فكان خوفه الثاني على الناس لئلا يلتبس عليهم الدليل والشبهة والسحرة تظن أنه خاف من الحيات فلبس الله عليهم خوفه كما لبسوا على الناس وهذا غاية الاستقصاء الإلهي في المناسبات في هذا الموطن لأن السحرة لو علمت إن خوف موسى من الغلبة بالحجة لما سارعت إلى الايمان ثم إنه كان لحية موسى التلقف ولم يكن لحياتهم تلقف ول أثر لأنها حبال وعصى في نفس الأمر
[المعجزات وانقلاب الأعيان]
فهذا المنزل الذي ذكرناه في هذا الباب أنه مجاور لعلم جزئي من علوم الكون هو هذا العلم الجزئي علم المعجزات لأنه ليس عن قوة نفسية ولا عن خواص أسماء فإن موسى عليه السلام لو كان انفعال العصا حية عن قوة وهمية أو عن أسماء أعطيها ما ولى مدبرا ولم يعقب خوفا فعلمنا أن ثم أمورا تختص بجانب الحق في علمه لا يعرفها من ظهرت على يده تلك الصورة فهذا المنزل مجاور لما جاءت به الأنبياء من كونه ليس عن حيلة ولم يكن مثل معجزات الأنبياء عليهم السلام لأن الأنبياء لا علم لهم بذلك وهؤلاء ظهر ذلك عنهم بهمتهم أو قوة نفسهم
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية