اقتباسات ملهمة من الفتوحات المكية (... المزيد)
لم نتعرض إلى صحة ما يظهر فيه ولا إلى فساده فقد ثبت أن الحكم له بكل وجه وعلى كل حال في المحسوس والمعقول والحواس والعقول وفي الصور والمعاني وفي المحدث وفي القديم وفي المحال وفي الممكن وفي الواجب ومن لا يعرف مرتبة الخيال فلا معرفة له جملة واحدة وهذا الركن من المعرفة إذا لم يحصل للعارفين فما عندهم من المعرفة رائحة ثم إنه مما يؤيد ما ذكرناه إنك لا تشك إنك مدرك لما أدركته إنه حق محسوس لما تعلق به الحس وأن الحديث الوارد عن النبي صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم في قوله الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا
فنبه أن ما أدركتموه في هذه الدار هو مثل إدراك النائم بل هو إدراك النائم في النوم وهو خيال ولا تشك أن الناس في البرزخ بين هذه الدار والدار الآخرة وهو مقام الخيال فانتباهك بالموت هو كمن يرى أنه استيقظ في النوم في حال نومه فيقول في النوم رأيت كذا وكذا وهو يظن أنه قد استيقظ ويعضد هذا الخبر قوله تعالى في حق الميت فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ أي تدرك ما لم تكن أدركته بالموت فهو يقظة بالنسبة لما كنت عليه في حال الحياة الدنيا ثم إذا بعثت في النشأة الآخرة يقول المبعوث من بَعَ
--- المزيد من الاقتباسات من الفتوحات المكية
تقدم حديث سبب الخلاف
خرج مسلم عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر رمضان فضرب بيده فقال الشهر هكذا وهكذا ثم عقد إبهامه في الثالثة صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غمي عليكم فاقدروا ثلاثين
وقد ورد أيضا من حديث ابن عمر أنه قال صلى الله عليه وسلم إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب الشهر هكذا وهكذا وهكذا وعقد الإبهام والشهر هكذا وهكذا وهكذا يعني تمام ثلاثين
فهذا الحديث الثاني رفع الإشكال وحديث اقدروا من حمله على التضيق ابتدأ بصوم رمضان من يوم الشك ومن حمله على التقدير حكم بالتسيير وبه أقول
--- المزيد من الاقتباسات من الفتوحات المكية
وأما عين التحكيم عندنا فأمر هين في شهود المعرفة فإن التحكيم للظاهر في المظهر فما تحكم إلا من له التحكم فمهما ظهر الظاهر به دل على إن استعداد المظهر أعطى هذا فيفرق بينه وبين ما يعطيه مظهر آخر من عدم التحكيم وهذه طريقة انفردنا بإظهارها في الوجود لأنها تقرب على أهل الله مأخذ الأمور ولا تستعظم شيئا مما ظهر فإنه ما ظهر إلا ممن له الْأَمْرُ من قَبْلُ ومن بَعْدُ والله يَقُولُ الْحَقَّ وهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ
--- المزيد من الاقتباسات من الفتوحات المكية
ولكل جسم ما يشأ كل طبعه *** خلق يسمى العالم النوراني
فهم الملائكة الكرام شعارهم *** حفظ الوجود من اسمه المحسان
فتحركت نحو الكمال فولدت *** عند التحرك عالم الشيطان
ثم المعادن والنبات وبعده *** جاءت لنا بعوالم الحيوان
والغاية القصوى ظهور جسومنا *** في عالم التركيب والأبدان
لما استوت وتعدلت أركانه *** نفخ الإله لطيفة الإنسان
وكساه صورته فعاد خليفة *** يعنو له الأملاك والثقلان
وبدورة الفلك المحيط وحكمه *** أبدى لنا في عالم الحدثان
في جوف هذا الأرض ماء أسودا *** نتنا لأهل الشرك والطغيان
يجري على متن الرياح وعندها
--- المزيد من الاقتباسات من الفتوحات المكية
من شغله وأحكم صنعته فيما ذهب إليه جاء الملك فوقف على ما صوره صاحب الصور فرأى صورا بديعة يبهر العقول حسن نظمها وبديع نقشها ونظر إلى تلك الأصبغة في حسن تلك الصنعة فرأى أمرا هاله منظره ونظر إلى ما صنع الآخر من صقالة ذلك الوجه فلم ير شيئا فقال له أيها الملك صنعتي ألطف من صنعته وحكمتي أغمض من حكمته ارفع الستر بيني وبينه حتى ترى في الحالة الواحدة صنعتي وصنعته فرفع الستر فانتقش في ذلك الجسم الصقيل جميع ما صوره هذا الآخر بألطف صورة مما هو ذلك في نفسه فتعجب الملك ثم إن الملك رأى صورة نفسه وصورة الصاقل في ذلك الجسم فحار وتعجب وقال كيف يكون هكذا فقال أيها الملك ضربته لك مثلا لنفسك مع صور العالم إذا أنت صقلت مرآة نفسك بالرياضات والمجاهدات حتى تزكو وأزلت عنها صدأ الطبيعة وقابلت بمرآة ذاتك صور العالم انتقش فيها جميع ما في العالم كله وإلى هذا الحد ينتهي صاحب النظر وأتباع الرسل وهذه الحضرة الجامعة لهما ويزيد التابع على صاحب النظر بأمور لم تنتقش في العالم جملة واحدة من حيث ذلك الوجه الخاص الذي لله في كل ممكن محدث مما لا ينحصر ولا ينضبط ولا يتصور يمتاز به هذا التابع عن صاحب النظر ومن هذه السم