والإنسان شريف المنزلة رفيع المرتبة نائب الحق ومعلم الملائكة فينبغي إن يطهر من عاشره ويقدس من خالطه فلما غفل عن حقيقته اشتغل بطبيعته فصاحبته الأشياء الطاهرة من المشارب والمطاعم أخذ طيبها بطبيعته لا بحقيقته وأخرج خبيثها بطبيعته [الصفحة 380 من طبعة القاهرة] لا بحقيقته فكان طيبها نجسا وهو الدم وكان خبيثها نجسا وهو البول والرجيع وكان الأولى أن لا يكسبه خبث الروائح فإنه من عالم الأنفاس فكانت نجاسته من حيث طبيعته وكذلك هي من كل حيوان غير أن حقائق الحيوانات وأرواحها ليست في علو الشرف والمنزلة مثل حقيقة الإنسان فكانت زلته كبيرة فاتفقوا بلا خلاف على نجاسته من مثل هذا واختلفوا في سائر أبوال الحيوانات ورجيعها وإن كان الكل من الطبيعة فمن راعى الطبيعة قال بنجاسة الكل ومن راعى منزلة الشرف والانحطاط قال بنجاسة بول الإنسان ورجيعه ولم يعف عنه لعظم منزلته وعفا عمن هو دونه من الحيوانات فقد أبنت لك عن سبب الاتفاق والاختلاف والحمد لله والله يَقُولُ الْحَقَّ وهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية