ولا نارا ولا شيئا من أسباب الآخرة ولا علموا أن ثم آخرة وبعثا محسوسا بعد الموت في أجسام طبيعية ودارا فيها أكل وشرب ولباس ونكاح وفرح ودارا فيها عذاب وآلام فإن وجود ذلك ممكن وعدمه ممكن ولا دليل لهم في ترجيح أحد الممكنين بل رَهْبانِيَّةً ابْتَدَعُوها فلهذا كان مبني نواميسهم ومصالحهم على إبقاء الصلاح في هذه الدار ثم انفردوا في نفوسهم بالعلوم الإلهية من توحيد الله وما ينبغي لجلاله من التعظيم والتقديس وصفات التنزيه وعدم المثل والتشبيه ونبه من يدري ومن علم ذلك من لا يدري وحرضوا الناس على النظر الصحيح وأعلموهم أن للعقول من حيث أفكارها حدا تقف عنده لا تتجاوزه وأن لله على قلوب بعض عباده فيضا إلهيا يعلمهم فيه من لدنه علما ولم يبعد ذلك عندهم وإن الله قد أودع في العالم العلوي أمورا استدلوا عليها بوجود آثارها في العالم العنصري وهو قوله تعالى وأَوْحى في كُلِّ سَماءٍ أَمْرَها فبحثوا عن حقائق نفوسهم لما رأوا أن الصورة الجسدية إذا ماتت ما نقص من أعضائها شيء فعلموا أن المدرك والمحرك لهذا الجسد إنما هو أمر آخر زائد عليه فبحثوا عن ذلك الأمر الزائد فعرفوا نفوسهم ثم رأوا أنه يعلم بعد ما كان يجهل
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية