اختلف علماء الشريعة في الماء تخالطه النجاسة ولم تغير أحد أوصافه فمن قائل إنه طاهر مطهر سواء كان قليلا أو كثيرا وبه أقول إلا أني أقول إنه مطهر غير طاهر في نفسه لأنا نعلم قطعا إن النجاسة خالطته لكن الشرع عفا عنها ولا أعرف هذا القول لأحد وهو معقول وما عندنا من الشرع دليل إنه طاهر في نفسه لكنه طهور وإن احتجوا علينا
بأن رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم قال خلق الله الماء طهورا لا ينجسه شيء
قلنا ما قال إنه طاهر في نفسه وإنما قال فيه إنه طهور والطهور هو الماء والتراب الذي يطهر غيره
[الماء طاهر في نفسه]
فإنا كما قلنا نعلم قطعا إن الماء حامل النجاسة عقلا ولكن الشارع ما جعل لها أثرا في طهارة الإنسان به ولا سماه نجسا فقد يريد الشارع التعريف بحقيقة الأمر وهو أن الماء في نفسه طاهر بكل وجه أبدا لم يحكم عليه بنجاسة أي أن النجاسة ليست بصفة له وإنما أجزاء النجس تجاور أجزاءه فلما عسر الفصل بين أجزاء البول مثلا وبين أجزاء الماء وكثرت أجزاء النجاسة على أجزاء الماء فغيرت أحد أوصافه منع من الوضوء به شرعا على الحد المعتبر في الشرع وإذا غلبت
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية