وإنما مشهود المتقي السريع الحساب الشديد العقاب المتكبر الجبار فيتقي ويخاف فيؤمنه الله تعالى بأن يحشره إلى الرحمن فيأمن سطوة الجبار القهار ولهذ
قال تعالى فينا إن رحمته سبقت غضبه
لأنه بالرحمة أوجدنا لم يوجدنا بصفة القهر وكذلك تأخرت المعصية فتأخر الغضب عن الرحمة في الثقلين فالله يجعل حكمهما في الآخرة كذلك ولو كانت بعد حين لا ترى الله تعالى إذا ذكر أسماءه لنا يبتدئ بأسماء الرحمة ويؤخر أسماء الكبرياء لأنا لا نعرفها فإذا قدم لنا أسماء الرحمة عرفناها وحننا إليها عند ذلك يتبعها أسماء الكبرياء لنأخذها بحكم التبعية فقال تعالى هُوَ الله الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ عالِمُ الْغَيْبِ والشَّهادَةِ فهذا نعت يعم الجميع وليس واحدته بأولى من الآخر ثم ابتدأ فقال هُوَ الرَّحْمنُ فعرفن الرحمن الرَّحِيمُ لأنا عنه وجدنا ثم قال بعد ذلك هُوَ الله الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ ابتداء ليجعله فصلا بين الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ وبين الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ فقال الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ وهذا كله من نعوت الرحمن ثم جاء وقال الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ فقبلنا هذه النعوت بعد أن آنسنا بأسماء اللطف والحنان وأسماء الاشتراك التي لها وجه إلى الرحمة ووجه إلى الكبرياء وهو الله والملك فلم جاء بأسماء العظمة
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية