فإن المتقي هو الحذر الخائف الوجل و لا يكون أحد يشهد الرحمن الرحيم الرءوف و يتقيه و إنما مشهود المتقي السريع الحساب الشديد العقاب المتكبر الجبار فيتقي و يخاف فيؤمنه اللّٰه تعالى بأن يحشره إلى الرحمن فيأمن سطوة الجبار القهار و لهذا «قال تعالى فينا إن رحمته سبقت غضبه» لأنه بالرحمة أوجدنا لم يوجدنا بصفة القهر و كذلك تأخرت المعصية فتأخر الغضب عن الرحمة في الثقلين فالله يجعل حكمهما في الآخرة كذلك و لو كانت بعد حين أ لا ترى اللّٰه تعالى إذا ذكر أسماءه لنا يبتدئ بأسماء الرحمة و يؤخر أسماء الكبرياء لأنا لا نعرفها فإذا قدم لنا أسماء الرحمة عرفناها و حننا إليها عند ذلك يتبعها أسماء الكبرياء لنأخذها بحكم التبعية فقال تعالى ﴿هُوَ اللّٰهُ الَّذِي لاٰ إِلٰهَ إِلاّٰ هُوَ عٰالِمُ الْغَيْبِ وَ الشَّهٰادَةِ﴾ [الحشر:22] فهذا نعت يعم الجميع و ليس واحدته بأولى من الآخر ثم ابتدأ فقال ﴿هُوَ الرَّحْمٰنُ﴾ [البقرة:163] فعرفنا الرحمن ﴿اَلرَّحِيمُ﴾ [الفاتحة:1] لأنا عنه وجدنا ثم قال بعد ذلك
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية