الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية) |
![]() |
![]() |
|||||||||
الصفحة - من الجزء (عرض الصورة)![]() أو تركه للحديث الثابت صلاة على أثر صلاة لا لغو بينهما كتاب في عليين و يدخل في هذا الحديث صلاة النافلة بعد النافلة و النافلة بعد الفريضة و الفريضة بعد النافلة و الفريضة بعد الفريضة و اللغو من الكلام هو الساقط لا دخول له في الميزان و هو المباح فيقول رسول اللّٰه ﷺ في الرجل يصلي الصلاة ثم يتبعها بصلاة أخرى و لم يفعل بين هاتين الصلاتين في الزمان الذي لا يكون فيه مصليا فعلا مباحا من قول و عمل بل كان مشتغلا بما يدخل الميزان من أمر مندوب إليه من ذكر أو غير ذكر ثم يصلي الصلاة الأخرى فإن ذلك كتاب في عليين لأنه لم يفعل بين الصلاتين لغوا أصلا و هذا عزيز الوقوع فإن أحمد أحوال الناس اليوم من يتصرف في المباح فلا عليه و لا له و الغالب من أحوال الناس التصرف في المكروه أو المحظور فلهذا أوصيتك بمراعاة الزمان الذي بين الصلاتين و ما رأيت أحدا نبه عليه إلا إن كان و ما وصل إلينا إلا رسول اللّٰه ﷺ و منه أخذنا ذلك (وصية)و عليك بالصلاة المكتوبة حيث ينادى بها مع الجماعة فإن المساجد ما اتخذت إلا لإقامة الصلاة المكتوبة فيها و ما ينادى إلا إلى الإتيان إليها فإن ذلك سنة رسول اللّٰه ﷺ و المراد بذلك الاجتماع على إقامة الدين و أن لا نتفرق فيه و لهذا اختلف الناس في صلاة الفذ المكتوبة إذا قدر على الجماعة هل تجزيه أم لا و من ترك سنة رسول اللّٰه ﷺ ضل بلا شك لأنه ﷺ ما سن إلا ما هو المهداة ﴿فَمٰا ذٰا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلاٰلُ فَأَنّٰى تُصْرَفُونَ﴾ [يونس:32] فحافظ على المكتوبة في الجماعات و الأرض كلها مسجد فحيث ما قامت الجماعة من الأرض فما قامت إلا في مسجد و لهذا ينبغي لمن صلى في جماعة في مسجد بيته أن يؤذن لها و إن كانت الإقامة أذانا و إنما سميت إقامة لقيام المصلي إلى الصلاة عند هذا الأذان الخاص ففرق بين الأذانين بالإقامة و الأذان معناه الإعلام و أبقوا اسم الأذان على الأول المعلم بدخول الوقت فالأذان الأول للاعلام بدخول الوقت و الأذان الثاني الذي هو الإقامة للاعلام بالقيام إلى الصلاة فزاد على الأذان بقوله قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة (وصية)و عليك بالمحافظة على صلاة الأوابين و هي الصلاة في الأوقات المغفول عنها عند العامة و هي ما بين الضحى إلى الزوال و ما بين الظهر و العصر و ما بين المغرب و العشاء الآخرة و التهجد و هو أن ينام من أول الليل بعد صلاة العشاء الآخرة ثم يقوم إلى الصلاة ثم ينام ثم يقوم إلى الصلاة إلى أن يطلع الفجر فإذا طلع الفجر فاركع ركعتي الفجر ثم اضطجع على شقك الأيمن من غير نوم ثم قم إلى صلاة الصبح و اجعل و ترك ثلاث عشرة ركعة في تهجدك فإن هذا كان وتر رسول اللّٰه ﷺ و أطل الركعتين الأوليين من التهجد ثم اللتين بعدهما أقل منهما في الطول و الركعة الأولى من كل ركعتين على قدر الثانية من اللتين تقدمتهما و الركعة الثانية من كل ركعتين على النصف من الركعة الأولى منهما أو قريب من ذلك إلى أن توتر بركعة واحدة إن شئت أن لا تجلس إلا في آخر ركعة من وتر صلاتك و هي الأحدي عشر و إن شئت جلست في كل ركعتين و لا تسلم إلا في آخر ركعة مفردة و إن شئت خمست و سبعت و تسعت كل ذلك مباح لك و لا تثلث من أجل التشبه بصلاة المغرب و قد ورد في النهي عن ذلك خبر و كذلك في الركعة الواحدة و تسمى البتيراء فاجتنب مواقع الخلاف ما استطعت و اهرب إلى محل الإجماع مع أنه ثبت أنه أوتر بثلاث فإن أوترت بثلاث فلا تجلس إلا في آخرها و تسلم حتى تفرق في الشبه بينها و بين المغرب و إذا قمت إلى الصلاة بالليل و توضأت فاركع ركعتين خفيفتين ثم بعدهما اشرع في صلاة الليل كما رسمت لك و عند قيامك للتهجد امسح عينيك من النوم بيديك ثم اتل ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمٰاوٰاتِ وَ الْأَرْضِ وَ اخْتِلاٰفِ اللَّيْلِ وَ النَّهٰارِ لَآيٰاتٍ لِأُولِي الْأَلْبٰابِ﴾ [آل عمران:190] الآيات بكمالها ثم قم فتوضأ و استفتح صلاتك بركعتين خفيفتين ثم اشرع في قيام الليل على ما وصفته لك في باب الصلاة من هذا الكتاب و أذكاره فانظره فيه و انظر اعتباره إن شاء اللّٰه و قد ثبت أن صلاة الأوابين حين ترمض الفصال و اجتنب الصلاة عند الاستواء و يعد العصر حتى تغربها الشمس و بعد الصبح حتى تطلع الشمس و حافظ على الصلاة في جماعة فإنها تزيد على صلاة الفذ بسبع و عشرين درجة و حافظ على أربع ركعات في أول النهار عند الإشراق كما قال ﴿يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَ الْإِشْرٰاقِ﴾ [ص:18] و السبحة صلاة النافلة بقول عبد اللّٰه بن عمر و هو عربي في النافلة في |
|
|||||||||
![]() |
![]() |
|||||||||
الفتوحات
المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين. |