الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية) |
![]() |
![]() |
|||||||||
الصفحة - من الجزء (عرض الصورة)![]() أسعد الخلق فإنه من إرادته النجاة و البشرى من اللّٰه تعالى له بها و إن لم يكن مؤمنا فما وقع المشروط وقع عموم الشرط فافهم و اعمل بحسب ما تعلم ﴿وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ﴾ [الأحزاب:4] «الباب السادس و الثمانون و أربعمائة في معرفة حال قطب كان منزله﴿وَ مَنْ يَعْصِ اللّٰهَ وَ رَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاٰلاً مُبِيناً﴾ [الأحزاب:36] »ألا إن الرسول هو الذي قد *** حباه اللّٰه بالشرف التليد فمن يعص الرسول فقد عصاه *** و حيره بتفصيل الوجود فرام به فلم يقدر عليه *** لما في الرب من نعت العبيد فلم يعلم به إذ لم يجده *** يميزه له حال الشهود فيركب تارة متن اعتراف *** و يركب تارة متن الجحود فسبحان المخصص كل حزب *** بآلام و لذات المزيد [عصيان الرسول عصيان اللّٰه]قال اللّٰه تعالى ﴿مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطٰاعَ اللّٰهَ﴾ [النساء:80] لأنه لا ينطق إلا عن اللّٰه بل لا ينطق إلا بالله بل لا ينطق إلا لله منه فإنه صورته و ما ورد و من يعص الرسول فقد عصى اللّٰه كما أنزله في الطاعة لأن طاعة المخلوق لله ذاتية و عصيانه بالواسطة فلو أنزل هنا الرسول كما أنزله في الطاعة لم يكن إلها و هو إله فلا يعصى الا بحجاب و ليس الحجاب سوى عين الرسول و نحن اليوم أبعد في المعصية للرسول من أصحابه إلى من دونهم إلينا فنحن ما عصينا إلا أولي أمرنا في وقتنا و هم العلماء منا بما أمر اللّٰه به و نهى عنه فنحن أقل مؤاخذة و أعظم أجرا لأن للواحد منا أجر خمسين ممن يعمل بعمل الصحابة «يقول ﷺ للواحد منهم أجر خمسين يعملون مثل عملكم» فاجعل بالك لكونه لم يقل منكم ثم قال تعالى ﴿أَطِيعُوا اللّٰهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ﴾ [النساء:59] فذكر اللّٰه تعالى و ذكر الرسول و ذكرنا أعني أولي الأمر منا و هم الذين قدمهم اللّٰه علينا و جعل زمامنا بأيديهم و لم يكن رسول اللّٰه ﷺ يقدم في السرايا و غيرها إلا من هو أعلمهم و ما كان أعلمهم إلا من كان أكثرهم قرآنا فكان يقدمه على الجيش و يجعله أميرا و ما خص الاسم اللّٰه من غيره من الأسماء في قوله ﴿فَقَدْ أَطٰاعَ اللّٰهَ﴾ [النساء:80] إذ كان اللّٰه هو الاسم الجامع فله معاني جميع الأسماء الإلهية كما هو للتجلي جميع الصور كذلك الخليفة و هو الرسول و أولو الأمر منا لا بد أن يظهروا في جميع الصور التي تحتاج إليها الرعايا فمن بايع الإمام فإنما يبايع اللّٰه تعالى و لا تصح المعصية إلا بعد العقد و قد وقع في أخذ الميثاق و العهد في قوله تعالى ﴿أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ﴾ [الأعراف:172] ثم ألقمه الحجر الأسود و أمر بتقبيله تذكرة و أخبر بلسان الرسول أن الحجر يمينه فأمر ببيعة محمد ﷺ و قال في الذين يبايعونه ﴿إِنَّمٰا يُبٰايِعُونَ اللّٰهَ﴾ [الفتح:10] فأنزله منزلته و لم ينزل الحجر منزلته بالذكر فعظم قدر ابن آدم قبل فإن يمين العهد في الحجر *** و أين رتبته من رتبة البشر إن المبايع من تعنو الوجوه له *** الواحد الأحد القيوم بالصور إن شاء في ملك إن شاء في بشر *** إن شاء في شجر إن شاء في حجر فما تقيده ذات و لا عرض *** و ما له في وجود الكون من أثر بل الوجود هو الحق الصريح فلا *** تروه غيرا فيدعوكم إلى الغير هو المؤثر و الآثار قائمة *** بالحق فيما يراه فيه ذو بصر إن لم يكن هكذا أمر الوجود و ما *** تضمن الكون من نفع و من ضرر فما تكون لحق صورة أبدا *** و لا تضاف إليه آخر العمر هو المطاع فما تعصى أوامره *** و الخلق و الأمر في الأنثى و في الذكر بالشمس يظهر ما في البدر من صفة *** فأنت شمس و عين الحق في القمر و ليس في البدر ما الأبصار تدركه *** لكنه هكذا تدركه في النظر فكوننا في وجود الحق مغلطة *** فالأمر أغمض بالبرهان و الخبر |
|
|||||||||
![]() |
![]() |
|||||||||
الفتوحات
المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين. |