الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية) |
![]() |
![]() |
||||||||
الصفحة - من الجزء (عرض الصورة)
بهم عن طريق التقديس و وقفوا مع الهوى قال اللّٰه لنا ﴿أَلاٰ إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهٰاءُ﴾ [البقرة:13] الأحلام لما ملكتهم الأهواء و حجبوا عن الالتذاذ بسماع وقع الرذاذ على الأفلاذ بالطور ﴿وَ لٰكِنْ لاٰ يَعْلَمُونَ﴾ [البقرة:13] ليتميز العالي ممن هو دونه و إلا فأية فائدة لقوله لشيء إذا أراده ﴿أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ [يس:82] ذلك الشيء إلا إيجاد الأشياء على أحسن قانون فسبحان من انفرد بالإيجاد و الاختراع و الإتقان و الإبداع (وصل في دعوى المدعين) [المنافقون:من طريق الأسرار]﴿وَ إِذٰا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قٰالُوا آمَنّٰا وَ إِذٰا خَلَوْا إِلىٰ شَيٰاطِينِهِمْ قٰالُوا إِنّٰا مَعَكُمْ إِنَّمٰا نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ﴾ [البقرة:14] الايمان في هذا المقام على خمسة أقسام إيمان تقليد و إيمان علم و إيمان عين و إيمان حق و إيمان حقيقة فالتقليد للعوام و العلم لأصحاب الدليل و العين لأهل المشاهدة و الحق للعارفين و الحقيقة للواقفين و حقيقة الحقيقة و هو السادس للعلماء المرسلين أصلا و وراثة منع كشفها فلا سبيل إلى إيضاحها فكانت صفات الدعاوي إذا لقوا هؤلاء الخمسة قالوا آمنا فالقلب للعوام و سر القلب لأصحاب الدليل و الروح لأهل المشاهدة و سر الروح للعارفين و سر السر للواقفين و السر الأعظم لأهل الغيرة و الحجاب و المنافقون تعروا عن الايمان و انتظموا في الإسلام و إيمانهم ما جاوز خزانة خيالهم فاتخذوا أصناما في ذواتهم أقاموها مقام آلهتهم ف ﴿إِذٰا خَلَوْا إِلىٰ شَيٰاطِينِهِمْ قٰالُوا﴾ [البقرة:14] باستيلاء الغفلة عليهم و خلو المحل عن مراتب الايمان ﴿إِنّٰا مَعَكُمْ إِنَّمٰا نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ﴾ [البقرة:14] فوقع عليهم العذاب من قولهم له إلى شياطينهم في حال الخلوة فلما قامت الأضداد عندهم و عاملوا الحق و الباطل عاملوا الحق بستر الباطل و عاملوا الباطل بإفشاء الحق فصح لهم النفاق و لو خاطبوا ذاتهم في ذاتهم ما صح عليهم هذا و لكانوا من أهل الحقائق فأوقع اللّٰه الجواب على الاستهزاء فقال ﴿اَللّٰهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ﴾ [البقرة:15] و هو استهزاءهم عجبا كيف قالوا ﴿إِنّٰا مَعَكُمْ﴾ [البقرة:14] و هم عدم لو عاينوا إيمان الحقيقة لعاينوا لخالق في الخليقة و لا خلوا و لا نطقوا و لا صمتوا بل كانوا يقومون مقام من شاهد و هو روح جاء مع صاحب المادة فلينظر الإنسان حقيقة اللقاء فإنه مؤذن بافتراق متقدم ثم اجتمعوا بصفة لم يعرفوها بل ظهر لهم منها ظاهر حسن فتأدبوا معها و لم يطيقوا أكثر من ذلك فقالوا آمنا ثم نكسوا على رءوسهم في الخلوة مع الشيطنة و هي البعد مثل اللقاء فقالوا ﴿إِنَّمٰا نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ﴾ [البقرة:14] بالصفة التي لقينا فتدبر هذه الآية من حقيقة الحقيقة عند طلوع الفجر و زوال الشك بزوال الستارة و رفع الموانع يلح لك السر في سبحان و النساء و الشمس فتجد الذين لقوا كمثل الذين لقوا فتصمت و إن تكلمت هلكت و هذه حقيقة الحقيقة التي منع كشفها إلا لمن شم منها رائحة ذوقا فلا بأس فانظر و تدبر ترشد إن شاء اللّٰه تم الجزء العاشر (الباب السادس)في معرفة بدء الخلق الروحاني«بسم اللّٰه الرحمن الرحيم» و من هو أول موجود فيه و مم وجد و فيم وجد و على أي مثال وجد و لم وجد و ما غايته و معرفة أفلاك العالم الأكبر و الأصغر انظر إلى هذا الوجود المحكم *** و وجودنا مثل الرداء المعلم و انظر إلى خلفائه في ملكهم *** من مفصح طلق اللسان و أعجم ما منهمو أحد يحب إلهه *** إلا و يمزجه بحب الدرهم فيقال هذا عبد معرفة و ذا *** عبد الجنان و ذا عبيد جهنم إلا القليل من القليل فإنهم *** سكرى به من غير حس توهم فهموا عبيد اللّٰه لا يدري بهم *** أحد سواه لا عبيد المنعم فأفادهم لما أراد رجوعهم *** لقصورهم من كل علم مبهم علم المقدم في البسائط وحده *** و أساسه ذو عنه لم يتصرم و حقيقة الظرف الذي سترته عن *** أمثاله و مثاله لم يكتم و العلم بالسبب الذي وجدت له *** عين العوالم في الطراز الأقدم و نهاية الأمر الذي لا غاية *** تدري له فيه العظيم الأعظم |
|
||||||||
![]() |
![]() |
||||||||
| الفتوحات
المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين. |
|||||||||





