الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية) |
![]() |
![]() |
|||||||||
الصفحة - من الجزء (عرض الصورة)
ما يمكن من الإبانة عن هذا المقام ﴿وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ﴾ [الأحزاب:4] «الباب التاسع و العشرون و أربعمائة في معرفة منازلة «من تصاغر لجلالى »يعامل الحق بما يعامل *** فاحذر فما أنت له مقابل و كن له عينا و لا تكن به *** فإنه ليس له مماثل من حارب اللّٰه يرى صرعته *** بعينه فالبطل المنازل هو الذي يرمي السلاح و الذي *** له من اللّٰه به المنازل قد قال طيفور بأن بطشه *** أشد و القول بذاك نازل فكونه فينا وجود ثابت *** و كوننا فيه وجود حاصل [العبد إذا كان مسلوب الأوصاف]قال اللّٰه تعالى ﴿وَ مٰا كٰانَ اللّٰهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَ أَنْتَ فِيهِمْ﴾ [الأنفال:33] لأنه قال ﴿وَ مٰا أَرْسَلْنٰاكَ إِلاّٰ رَحْمَةً لِلْعٰالَمِينَ﴾ [الأنبياء:107] و ما خص مؤمنا من غير مؤمن فإذا كان العبد على مقامه الذي هو عينه مسلوب الأوصاف و لم يظهر منه تلبس بصفة محمودة و لا مذمومة فهو على أصله و أصله الصغار و يريد الحق ظهور الصفات فيه فلا بد أن ينزل إليه من هويته التي تقتضي له الغني عن العالم ﴿فَإِنَّ اللّٰهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعٰالَمِينَ﴾ [آل عمران:97] و «النبي ﷺ يقول يوم بدر لربه تعالى إن تهلك هذه العصابة فلن تعبد بعد اليوم» فلو قال مثل هذه المقالة غير رسول اللّٰه ﷺ لقال المنكر ما شاء مما يليق به من حيث إنكاره لجهله و مثل هذه النفحات تهب على قلوب العارفين من أهل اللّٰه فإن نطقوا بها كفرهم المؤمن و جهلهم صاحب الدليل فالحمد لله الذي قد وهب *** و الحمد لله الذي قد عصم فلم يقل ما شأنه قوله *** و هو الذي قال به من عصم فيحجب اللّٰه به من حرم *** و يشهد اللّٰه به من رحم «ورد في الخبر أنه من تواضع لله رفعه اللّٰه» و هو عين نزول الحق إليه «و من تكبر على اللّٰه وضعه اللّٰه» و ما وضعه إلا بشهود عظمته فإنه تعالى العلي العظيم و لما «قال ﷺ إنما هي أعمالكم ترد عليكم» علمنا إنا ما نرى من الحق إلا ما نحن عليه «فمن شاء فليعمل و من شاء لا يعمل» و هذه كلمة نبوية حق كلها فإن العمل ما يعود إلا على عامله و قد أضاف الأعمال إلينا فمن علم منا من هو العامل منا علم من يعود إليه العمل في الرد و هذا القدر من الإشارة في هذا الحديث كاف و لما كان اللّٰه هو الكبير المتكبر علمنا نسبة الكبر إليه و تحير من تحير في نسبة التكبر إليه فلو علم نزول الحق لعباده إذ ليس في قوة الممكن نيل ما يستحقه الحق من الغني عن العالم و في قوة الحق مع غناه من باب الفضل و الكرم النزول لعباده ما هو لعين عباده و إنما ذلك لظهور أحكام أسمائه الحسنى في أعيان الممكنات فما علم أنه لنفسه نزل لا لخلقه كما قال تعالى ﴿وَ مٰا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَ الْإِنْسَ إِلاّٰ لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذاريات:56] فما خلقهما إلا من أجله و الخلق نزول من مقام ما يستحقه من الغناء عن العالمين فالمتخيل من العباد خلاف هذا و أنه تعالى ما نزل إلا لما هو المخلوق عليه من علو القدر و المنزلة فهذا أجهل الجاهلين فأعطى الحق هذا النزول أو ما توهمه الجاهل أن يتسمى الحق بالمتكبر عن هذا النزول و لكن بعد هذا النزول لا قبله وجودا و تقديرا لا بد من ذلك فالكبير ليس كذلك و سيرد تحقيق هذا الفصل في آخر الكتاب في الباب الثامن و الخمسين و خمسمائة إن شاء اللّٰه تعالى فهذه المنازلة تعطيك أن الحق مرآة العالم فلا يرون فيها غير ما هي صورهم عليه و هم في صورهم على درجات فهذا حصر لباب هذه المنازلة ﴿وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ﴾ [الأحزاب:4] «الباب الثلاثون و أربعمائة في معرفة منازلة «أن حيرتك أوصلتك إلى» »كل من حار وصل *** و الذي اهتدى انفصل و هو نعت ثابت *** للذي عز و جل و هو نعت حاصل *** لعبيد قد عقل فإذا قال فتى *** إنه اهتدى غفل |
|
|||||||||
![]() |
![]() |
|||||||||
| الفتوحات
المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين. |
||||||||||





