الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية) |
![]() |
![]() |
||||||||||||||
الصفحة - من الجزء (عرض الصورة)![]() له وجها من تلك الوجوه حتى سكن إليه قلبه فعلم كيف يحيي اللّٰه الموتى و كذلك قصة يوسف و لوط و موسى و داود و محمد عليه السّلام الإلهي و كذلك ما نسبوه في قصة سليمان إلى الملكين و كل ذلك نقل عن اليهود و استحلوا أعراض الأنبياء و الملائكة بما ذكرته اليهود الذين جرحهم اللّٰه و ملئوا كتبهم في تفسير القرآن العزيز بذلك و ما في ذلك نص في كتاب و لا سنة فالله يعصمنا و إياكم من غلطات الأفكار و الأقوال و الأفعال أمين بعزته و قوته و فيه علم من قام الدليل على عصمته فله إن يثني على نفسه بما أعلمه اللّٰه أنه عليه من الصفات المحمودة فإنها من أعظم النعم الإلهية على عبده و اللّٰه يقول ﴿وَ أَمّٰا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ﴾ [الضحى:11] و فيه علم التسليم و الاعتصام و فيه علم رتبة الخيال و أنه حق ما فيه شيء من الباطل إلا إن المعبر عنه يصيب و يخطئ بحسب ما يراه في نزوله بالمواطن فإن المصيب من لم يتعد بالحقائق مراتبها و فيه علم الأسماء و ما عبد منها و ما لم يعبد و فيه علم معرفة منازل الموجودات و فيه علم الستر و التجلي و فيه علم المفاضلة في العلم و فيه علم الشكر و الشاكر و فيه علم الآيات المعتادة و غير المعتادة و فيه علم التبري و التنزيه و ما هو تنزيه في حق اللّٰه عزَّ وجلَّ و هو تبري في حق المخلوق و لا تنزيه و فيه علم تقاسم أهل اللّٰه و طبقاتهم ﴿وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ﴾ [الأحزاب:4] انتهى السفر السادس و العشرون من الفتوح المكي بانتهاء الباب الثاني و السبعون و ثلاثمائة بسم اللّٰه الرحمن الرحيم «الباب الثالث و السبعون و ثلاثمائة»في معرفة منزل ثلاثة أسرار ظهرت في الماء الحكمي المفضلمرتبته على العالم بالعناية و بقاء العالم أبد الآبدين و إن انتقلت صورته و هو من الحضرة المحمدية مقامات تنص على اتساق *** لأرواح منباة كرام أفوه بها و لا يدري جليسي *** لأن النور في عين الظلام فلو لا ظلمة ما كان نور *** فعين النقص يظهر بالتمام إذا علم الإضافة من يراها *** تقيد بالعقود و بالقيام يرى أن الوجود له انتهاء *** و أن البدء يظهر بالختام فحال بين بدء و انقضاء *** وجود لا يزال مع الدوام [العالم كله كتاب مسطور]اعلم أيدك اللّٰه أن العالم كله كتاب مسطور ﴿فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ﴾ [الطور:3] و هو الوجود فهو ظاهر مبسوط غير مطوي ليعلم ببسطه أنه مخلوق للرحمة و بظهوره يعقل و يعلم ما فيه و ما يدل عليه و جعله كتابا لضم حروفه بعضها إلى بعض و هو ترتيب العالم على الوجوه التي ذكرناها و ضم معانيه إلى حروفه مأخوذ من كتيبة الجيش و إنما قلنا في بسطة إنه للرحمة لأنه منها نزل كما قال تعالى ﴿تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ كِتٰابٌ فُصِّلَتْ آيٰاتُهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ﴾ و قال تعالى في ذلك ﴿كِتٰابٌ أُحْكِمَتْ آيٰاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ﴾ [هود:1] فأحكام الآيات فيه و تفصيلها لا يعرفه إلا من آتاه اللّٰه الحكمة و فصل الخطاب و صورة الحكمة التي أعطاها الحكيم الخبير لأهل العناية علم مراتب الأمور و ما تستحقه الموجودات و المعلومات من الحق الذي هو لها و هو إعطاء كل شيء خلقه إعطاء إلهيا ليعطي كل خلق حقه إعطاء كونيا بما آتانا اللّٰه فنعلم بالقوة ما يستحقه كل موجود في الحدود و نفصله بعد ذلك آيات بالفعل لمن يعقل كما أعطانيه الخبير الحكيم فننزل الأمور منازلها و نعطيها حقها و لا نتعدى بها مرتبتها فتفصيل الآيات و الدلالات من المفصل إذا جعلها في أماكنها بهذا الشرط لأنه ما كل مفصل حكيم دليل على أنه قد أوتي الحكمة و علم أحكام الآيات و رحمته بالآيات و الموجودات التي هي الكتاب الإلهي و ليس إلا العالم دليل على علمه بمن أنزله و ليس إلا الرحمن الرحيم و خاتمة الأمر ليست سوى عين سوابقها و سوابقها الرحمن الرحيم فمن هنا تعلم مراتب العالم و مآله إنه إلى الرحمة المطلقة و إن تعب في الطريق و أدركه العناء و المشقة فمن الناس من ينال الرحمة و الراحة بنفس ما يدخل المنزل الذي وصل إليه و هم أهل الجنة و منهم من يبقى معه تعب الطريق و مشقته و نصب بحسب مزاجه و ربما مرض و اعتل زمانا ثم انتقل من دائه و استراح و هم أهل النار الذين هم أهلها ما هم الذين |
|
||||||||||||||
![]() |
![]() |
||||||||||||||
الفتوحات
المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين. |