الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية) |
![]() |
![]() |
|||||||||
الصفحة - من الجزء (عرض الصورة)![]() ذلك التالي أو ضعفه فهو مع ما حصل في نفسه من ذلك و ﴿نُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمٰاوٰاتِ وَ مَنْ فِي الْأَرْضِ إِلاّٰ مَنْ شٰاءَ اللّٰهُ﴾ [الزمر:68] و هذا أمر إضافي فقد يكون الأمر عند زيد أهول منه عند عمرو و قد يكون عند عمرو أمر آخر أهول منه عند زيد فتؤثر الأهوال عند كل واحد منهما بحيث أن يقول كل واحد منهما عن صاحبه عجبت لفلان ما الذي رأى حتى أثر فيه بما ظهر عليه كيف به لو علم ما عندي من هذا الذي لم يرفع به رأسا كل واحد منهما يقول هذه المقالة و العالم الكامل الثالث يقول خلاف قولهما و يعلم السبب المؤثر في كل واحد منهما فيعلم منهما ما لا يعلمان من نفوسهما فسبحان الحكم العدل منزل الأشياء منازلها و معين المراتب لأهلها فإذا علمت هذا علمت علما غريبا هو العجب العجاب يحتوي على سر لا يتمكن كشفه و لا ينبغي التصريح به فإن اللّٰه يغار على العبد أن يظهر مثل هذا فإنه أمر يقتضيه الوجود و هو عظيم الفائدة فما ظهر العالم إلا بالنسب و لا حصل القبول من العالم لما قبله من العالم أيضا إلا بالنسب فالموجد بالنسب و القابل بالنسب فالحكم لها و قد علمت ما هي النسب فيها صح وجودي و بها فبها صحت السعادة فينا *** و بها صح للشقي الشقاء عدم بحكم الوجود و أبدى *** عجبا فيه كيف ليس يشاء فهو الموجد المؤثر فينا *** و هو الحق ليس فيه امتراء فالله غني عن العالمين و الغني صفة تنزيه و أعظم الثناء عندنا في حق الحق قوله تعالى ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ [الشورى:11] سواء كانت كاف الصفة أو كانت زائدة و كونها للصفة أبلغ في الثناء عند العالم باللسان الذي نزل به القرآن «يقول رسول اللّٰه ﷺ في دعائه و ثنائه على ربه عزَّ وجلَّ لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك» يريد قوله تعالى ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ [الشورى:11] و قال الصديق الأكبر رضي اللّٰه عنه العجز عن درك الإدراك إدراك و الحق سبحانه ما أثنى على نفسه بأعظم من نفي المثل فلا مثل له سبحانه و لهذا قال في حق العالم من حيث ما هو ناطق ﴿وَ إِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاّٰ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ﴾ [الإسراء:44] و التسبيح تنزيه فإذا أسندت العالم إليه تعالى في الوجود و قلت إنه موجد العالم لم يتمكن لك أن تعقل هذا إلا بنسب تثبتها من حياة و علم و قدرة و إرادة هذا حد نظر العقل و يثبت بالشرع أنه قائل فإن كانت أعيانا زائدة على ذات فما أوجد شيئا بها إلا عن تعلق بالذي حدث و التعلق نسبة منها إلى المتعلق و إن كانت هذه الصفات ليست بزائدة و إنما ثم عين واحدة و هي الذات و توجهاتها على إيجاد الممكنات فالتوجهات نسب و هي مختلفة لما يظهر في العالم من الاختلاف الذي هو دليل على حكمنا بها فعلى كل حال ما زالت من النسب و هي الثابتة في العقائد و في نفوس العلماء كانوا ما كانوا جاء حديث وارد و ما له من دائه بكل ما خاطبه و هذا القول كله صحيح فهل حصل في معلومات الأنسب من جانب الحق و من جانب المخلوق فأوجدت بنسب و قبلت بنسب و أوضح من هذا الذي ذكرنا فما يكون ﴿وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ﴾ [الأحزاب:4] «الباب الرابع و التسعون و ثلاثمائة في معرفة منازلة من تأدب وصل و من |
|
|||||||||
![]() |
![]() |
|||||||||
الفتوحات
المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين. |