الفتوحات المكية

المكتبة الأكبرية: القرآن الكريم: سورة يونس: [الآية 32]

سورة يونس
فَذَٰلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُمُ ٱلْحَقُّ ۖ فَمَاذَا بَعْدَ ٱلْحَقِّ إِلَّا ٱلضَّلَٰلُ ۖ فَأَنَّىٰ تُصْرَفُونَ ﴿32﴾

تفسير الجلالين:

«فذلكم» الفاعل لهذه الأشياء «الله ربكم الحق» الثابت «فماذا بعد الحق إلا الضلال» استفهام تقرير، أي ليس بعده غيره فمن أخطأ الحق وهو عبادة الله وقع في الضلال «فأنَّى» كيف «تُصرفون» عن الإيمان مع قيام البرهان.

تفسير الشيخ محي الدين:

وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللَّهِ فَتَكُونَ مِنَ الْخاسِرِينَ (95) إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ (96) وَلَوْ جاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ (97) فَلَوْ لا كانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَها إِيمانُها إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنا عَنْهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَمَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ (98)

إن الإنسان ولد على الفطرة ، وهي العلم بوجود الرب أنه ربنا ، ونحن عبيد له ، والإنسان لا يقبض حين يقبض إلا بعد كشف الغطاء ، فلا يقبض إلا مؤمنا ولا يحشر إلا مؤمنا ، غير أن اللّه تعالى لما قال : «فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا» فما آمنوا إلا ليندفع عنهم ذلك البأس ، فما اندفع عنهم ، وأخذهم اللّه بذلك البأس ، وما ذكر أنه لا ينفعهم في الآخرة ، ويؤيد ذلك قوله : «فَلَوْ لا كانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَها إِيمانُها إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا» حين رأوا البأس «كَشَفْنا عَنْهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا» فهذا معنى قولنا : «فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ» في رفع البأس عنهم في الحياة الدنيا كما نفع قوم يونس ، فما تعرض إلى الآخرة ومع هذا فإن اللّه يقيم حدوده على عباده حيث شاء ومتى شاء ، فثبت أن انتقال الناس في الدارين في أحوالهم من نعيم إلى نعيم ، ومن عذاب إلى عذاب ، ومن عذاب إلى نعيم ، من غير مدة معلومة لنا ، فإن اللّه ما عرفنا ، إلا أنا استروحنا من قوله : (فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ) أن هذا القدر مدة إقامة الحدود ، ودلت هذه الآية على أن يونس عليه السلام كان محبوبا للّه ، حيث خص قومه من أجله بما لم يخص به أمة قبلها ، وعرفنا بذلك ، فعامل قوم يونس بما عاملهم به من كونه كشف عنهم العذاب بعد ما رأوه نازلا بهم ، فآمنوا ، أرضاه اللّه في أمته فنفعها إيمانها ، ولم يفعل ذلك مع أمة قبلها ، ومتعهم إلى حين فأمدّ لهم في التمتع في مقابلة ما نالوه من الألم عند رؤية العذاب ، فلما اشتد البلاء

على قوم يونس وكانت اللحظة الزمانية عندهم في وقت رؤية العذاب كالسنة أو أطول ، ذكر أنه تعالى في مقابلة هذا الطول الذي وجدوه في نفوسهم أنه متعهم إلى حين ، فبقوا في نعيم الحياة الدنيا زمنا طويلا ، لم يكن يحصل لهم ذلك لولا هذا البلاء وقد قيل إن الحين الذي جعله غاية تمتعهم أنه القيامة واللّه أعلم .

------------

(98) الفتوحات ج 3 / 383 - ج 2 / 415

تفسير ابن كثير:

وقوله : ( فذلكم الله ربكم الحق فماذا بعد الحق إلا الضلال فأنى تصرفون ) أي : فهذا الذي اعترفتم بأنه فاعل ذلك كله هو ربكم وإلهكم الحق الذي يستحق أن يفرد بالعبادة ، ( فماذا بعد الحق إلا الضلال ) أي : فكل معبود سواه باطل ، لا إله إلا هو ، واحد لا شريك له .

( فأنى تصرفون ) أي : فكيف تصرفون عن عبادته إلى عبادة ما سواه ، وأنتم تعلمون أنه الرب الذي خلق كل شيء ، والمتصرف في كل شيء ؟


تفسير الطبري :

فيه ثماني مسائل: الأولى: قوله تعالى: {فذلكم الله ربكم الحق} أي هذا الذي يفعل هذه الأشياء هو ربكم الحق، لا ما أشركتم معه. {فماذا بعد الحق} {ذا} صلة أي ما بعد عبادة الإله الحق إذا تركت عبادته إلا الضلال. وقال بعض المتقدمين : ظاهر هذه الآية يدل على أن ما بعد الله هو الضلال؛ لأن أولها {فذلكم الله ربكم الحق} وآخرها {فماذا بعد الحق إلا الضلال} فهذا في الإيمان والكفر، ليس في الأعمال. وقال بعضهم : إن الكفر تغطية الحق، وكل ما كان غير الحق جرى هذا المجرى؛ فالحرام ضلال والمباح هدى؛ فإن الله هو المبيح والمحرم. والصحيح الأول؛ لأن قبل {قل من يرزقكم من السماء والأرض} ثم قال {فذلكم الله ربكم الحق} أي هذا الذي رزقكم، وهذا كله فعله هو. {ربكم الحق} أي الذي تحق له الألوهية ويستوجب العبادة، وإذا كان ذلك فتشريك غيره ضلال وغير حق. الثانية: قال علماؤنا : حكمت هذه الآية بأنه ليس بين الحق والباطل منزلة ثالثة في هذه المسألة التي هي توحيد الله تعالى، وكذلك هو الأمر في نظائرها، وهي مسائل الأصول التي الحق فيها في طرف واحد؛ لأن الكلام فيها إنما هو في تعديد وجود ذات كيف هي، وذلك بخلاف مسائل الفروع التي قال الله تعالى فيها: {لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا}[المائدة : 48]، وقوله عليه السلام : (الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور متشابهات). والكلام في الفروع إنما هو في أحكام طارئة على وجود ذات متقررة لا يختلف فيها وإنما يختلف في الأحكام المتعلقة بها. الثالثة: ثبت عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قام إلى الصلاة في جوف الليل قال : (اللهم لك الحمد) الحديث. وفيه (أنت الحق ووعدك الحق وقولك الحق ولقاؤك الحق والجنة حق والنار حق والساعة حق والنبيون حق ومحمد حق) الحديث. فقوله : (أنت الحق) أي الواجب الوجود؛ وأصله من حق الشيء أي ثبت ووجب. وهذا الوصف لله تعالى بالحقيقة إذ وجوده لنفسه لم يسبقه عدم ولا يلحقه عدم؛ وما عداه مما يقال عليه هذا الاسم مسبوق بعدم، ويجوز عليه لحاق العدم، ووجوده من موجده لا من نفسه. وباعتبار هذا المعنى كان أصدق كلمة قالها الشاعر، كلمة لبيد : ألا كل شيء ما خلا الله باطل وإليه الإشارة بقوله تعالى: {كل شيء هالك إلا وجهه له الحكم وإليه ترجعون} [القصص : 88]. الرابعة: مقابلة الحق بالضلال عرف لغة وشرعا، كما في هذه الآية. وكذلك أيضا مقابلة الحق بالباطل عرف لغة وشرعا؛ قال الله تعالى: {ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه الباطل} [لقمان : 30]. والضلال حقيقته الذهاب عن الحق؛ أخذ من ضلال الطريق، وهو العدول عن سمته. قال ابن عرفة : الضلالة عند العرب سلوك غير سبيل القصد؛ يقال : ضل عن الطريق وأضل الشيء إذا أضاعه. وخص في الشرع بالعبارة في العدول عن السداد في الاعتقاد دون الأعمال؛ ومن غريب أمره أنه يعبر به عن عدم المعرفة بالحق سبحانه إذا قابله غفلة ولم يقترن بعدمه جهل أو شك، وعليه حمل العلماء قوله تعالى: {ووجدك ضالا فهدى} [الضحى : 7] أي غافلا، في أحد التأويلات، يحققه قوله تعالى: {ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان} [الشورى : 52]. الخامسة: روى عبدالله بن عبدالحكم وأشهب عن مالك في قوله تعالى: {فماذا بعه الحق إلا الضلال} قال : اللعب بالشطرنج والنرد من الضلال. وروى يونس عن ابن وهب أنه سئل عن الرجل يلعب في بيته مع امرأته بأربع عشرة؛ فقال مالك : ما يعجبني! وليس من شأن المؤمنين، يقول الله تعالى: {فماذا بعد الحق إلا الضلال}. وروى يونس عن أشهب قال : سئل - يعني مالكا - عن اللعب بالشطرنج فقال : لا خير فيه، وليس بشيء وهو من الباطل، واللعب كله من الباطل، وإنه لينبغي لذي العقل أن تنهاه اللحية والشيب عن الباطل. وقال الزهري لما سئل عن الشطرنج : هي من الباطل ولا أحبها. السادسة: اختلف العلماء في جواز اللعب بالشطرنج وغيره إذا لم يكن على وجه القمار؛ فتحصيل مذهب مالك وجمهور الفقهاء في الشطرنج أن من لم يقامر بها ولعب مع أهله في بيته مستترا به مرة في الشهر أو العام، لا يطلع عليه ولا يعلم به أنه معفو عنه غير محرم عليه ولا مكروه له، وأنه إن تخلع به واشتهر فيه سقطت مروءته وعدالته وردت شهادته. وأما الشافعي فلا تسقط في مذهب أصحابه شهادة اللاعب بالنرد والشطرنج، إذا كان عدلا في جميع أصحابه، ولم يظهر منه سفه ولا ريبة ولا كبيرة إلا أن يلعب به قمارا، فإن لعب بها قمارا وكان بذلك معروفا سقطت عدالته وسفه نفسه لأكله المال بالباطل. وقال أبو حنيفة : يكره اللعب بالشطرنج والنرد والأربعة عشر وكل اللهو؛ فإن لم تظهر من اللاعب بها كبيرة وكانت محاسنه أكثر من مساويه قبلت شهادته عندهم. قال ابن العربي : قالت الشافعية إن الشطرنج يخالف النرد لأن فيه إكداد الفهم واستعمال القريحة. والنرد قمار غرر لا يعلم ما يخرج له فيه كالاستقسام بالأزلام. السابعة: قال علماؤنا : النرد قطع مملوءة من خشب البقس ومن عظم الفيل، وكذا هو الشطرنج إذ هو أخوه غذي بلبانه. والنرد هو الذي يعرف بالباطل، ويعرف بالكعاب ويعرف في الجاهلية أيضا بالأرن ويعرف أيضا بالنردشير. وفي صحيح مسلم عن سليمان بن بريدة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (من لعب بالنردشير فكأنما غمس يده في لحم خنزير ودمه). قال علماؤنا : ومعنى هذا أي هو كمن غمس يده في لحم الخنزير يهيئه لأن يأكله، وهذا الفعل في الخنزير حرام لا يجوز؛ يبينه قوله تعالى : (من لعب بالنرد فقد عصى الله ورسوله) رواه مالك وغيره من حديث أبي موسى الأشعري وهو حديث صحيح، وهو يحرم اللعب بالنرد جملة واحدة، وكذلك الشطرنج، لم يستثن وقتا من وقت ولا حالا من حال، وأخبر. أن فاعل ذلك عاص لله ورسوله؛ إلا أنه يحتمل أن يكون المراد باللعب بالنرد المنهي عنه أن يكون على وجه القمار؛ لما روي من إجازة اللعب بالشطرنج عن التابعين على غير قمار. وحمل ذلك على العموم قمارا وغير قمار أولى وأحوط إن شاء الله. قال أبو عبدالله الحليمي في كتاب منهاج الدين : ومما جاء في الشطرنج حديث يروى فيه كما يروى في النرد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (من لعب بالشطرنج فقد عصى الله ورسوله). وعن علي رضي الله عنه أنه مر على مجلس من مجالس بني تميم وهم يلعبون بالشطرنج فوقف عليهم فقال : (أما والله لغير هذا خلقتم! أما والله لولا أن تكون سنة لضربت به وجوهكم). وعنه رضي الله عنه أنه مر بقوم يلعبون بالشطرنج فقال : ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون؛ لأن يمس أحدكم جمرا حتى يطفأ خير من أن يمسها. وسئل ابن عمر عن الشطرنج فقال هي شر من النرد. وقال أبو موسى الأشعري : لا يلعب بالشطرنج إلا خاطئ. وسئل أبو جعفر عن الشطرنج فقال : دعونا من هذه المجوسية. وفي حديث طويل عن النبي صلى الله عليه وسلم : (وأن من لعب بالنرد والشطرنج والجوز والكعاب مقته الله ومن جلس إلى من يلعب بالنرد والشطرنج لينظر إليهم محيت عنه حسناته كلها وصار ممن مقته الله). وهذه الآثار كلها تدل على تحريم اللعب بها بلا قمار، والله اعلم. وقد ذكرنا في {المائدة} بيان تحريمها وأنها كالخمر في التحريم لاقترانها به، والله أعلم. قال ابن العربي في قبسه : وقد جوزه الشافعي، وانتهى حال بعضهم إلى أن يقول : هو مندوب إليه، حتى اتخذوه في المدرسة؛ فإذا أعيا الطالب من القراءة لعب به في المسجد. وأسندوا إلى قوم من الصحابة والتابعين أنهم لعبوا بها؛ وما كان ذلك قط! وتالله ما مستها يد تقي. ويقولون : إنها تشحذ الذهن، والعيان يكذبهم، ما تبحر فيها قط رجل له ذهن. سمعت الإمام أبا الفضل عطاء المقدسي يقول بالمسجد الأقصى في المناظرة : إنها تعلم الحرب. فقال له الطرطوشي : بل تفسد تدبير الحرب؛ لأن الحرب المقصود منها الملك واغتياله، وفي الشطرنج تقول : شاه إياك : الملك نحه عن طريقي؛ فاستضحك الحاضرين. وتارة شدد فيها مالك وحرمها وقال فيها {فماذا بعد الحق إلا الضلال} وتارة استهان بالقليل منها والأهون، والقول الأول أصح والله أعلم. فإن قال قائل : روى عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه سئل عن الشطرنج فقال : وما الشطرنج؟ فقيل له : إن امرأة كان لها ابن وكان ملكا فأصيب في حرب دون أصحابه؛ فقالت : كيف يكون هذا أرونيه عيانا؛ فعمل لها الشطرنج، فلما رأته تسلت بذلك. ووصفوا الشطرنج لعمر رضي الله عنه فقال : لا بأس بما كان من آلة الحرب؛ قيل له : هذا لا حجة فيه لأنه لم يقل لا بأس بالشطرنج وإنما قال لا بأس بما كان من آلة الحرب. وإنما قال هذا لأنه شبه عليه أن اللعب بالشطرنج مما يستعان به على معرفة أسباب الحرب، فلما قيل له ذلك ولم يحط به علمه قال : لا بأس بما كان من آلة الحرب، إن كان كما تقولون فلا بأس به، وكذلك من روى عنه من الصحابة أنه لم ينه عنه، فإن ذلك محمول منه على أنه ظن أن ذلك ليس يتلهى به، وإنما يراد به التسبب إلى علم القتال والمضاربة فيه، أو على أن الخبر المسند لم يبلغهم. قال الحليمي : وإذا صح الخبر فلا حجة لأحد معه، وإنما الحجة فيه على الكافة. الثامنة: ذكر ابن وهب بإسناده أن عبدالله بن عمر مر بغلمان يلعبون بالكجّة، وهي حفر فيها حصى يلعبون بها، قال : فسدها ابن عمر ونهاهم عنها. وذكر الهروي في باب (الكاف مع الجيم) في حديث ابن عباس : في كل شيء قمار حتى في لعب الصبيان بالكجة؛ قال ابن الأعرابي : هو أن يأخذ الصبي خرقة فيدورها كأنها كرة، ثم يتقامرون بها. وكج إذا لعب بالكجة. قوله تعالى: {فأنى تصرفون} أي كيف تصرفون عقولكم إلى عبادة ما لا يرزق ولا يحيي ولا يميت.

التفسير الميسّر:

فذلكم الله ربكم هو الحق الذي لا ريب فيه، المستَحِق للعبادة وحده لا شريك له، فأي شيء سوى الحق إلا الضلال؟، فكيف تُصْرَفون عن عبادته إلى عبادة ما سواه؟

تفسير السعدي

‏{‏فَذَلِكُمُ‏}‏ الذي وصف نفسه بما وصفها به ‏{‏اللَّهُ رَبُّكُمْ‏}‏ أي‏:‏ المألوه المعبود المحمود، المربي جميع الخلق بالنعم وهو‏:‏ ‏{‏الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ‏}‏

فإنه تعالى المنفرد بالخلق والتدبير لجميع الأشياء، الذي ما بالعباد من نعمة إلا منه، ولا يأتي بالحسنات إلا هو، ولا يدفع السيئات إلا هو، ذو الأسماء الحسنى والصفات الكاملة العظيمة والجلال والإكرام‏.‏

‏{‏فَأَنَّى تُصْرَفُونَ‏}‏ عن عبادة من هذا وصفه، إلى عبادة الذي ليس له من وجوده إلا العدم، ولا يملك لنفسه نفعًا ولا ضرًا، ولا موتًا ولا حياة ولا نشورًا‏.‏

فليس له من الملك مثقال ذرة، ولا شركة له بوجه من الوجوه، ولا يشفع عند الله إلا بإذنه، فتبا لمن أشرك به، وويحًا لمن كفر به، لقد عدموا عقولهم، بعد أن عدموا أديانهم، بل فقدوا دنياهم وأخراهم‏.‏


تفسير البغوي

( فذلكم الله ربكم ) الذي يفعل هذه الأشياء هو ربكم ، ( الحق فماذا بعد الحق إلا الضلال فأنى تصرفون ) أي : فأين تصرفون عن عبادته وأنتم مقرون به؟


الإعراب:

(فَذلِكُمُ) الفاء استئنافية واسم الإشارة مبتدأ واللام للبعد والكاف للخطاب (اللَّهُ) لفظ الجلالة خبر والجملة مستأنفة (رَبُّكُمُ) بدل والكاف مضاف إليه (الْحَقُّ) بدل أو صفة لرب (فَما ذا) الفاء استئنافية وما نافية وذا زائدة (بَعْدَ) ظرف زمان متعلق بالخبر المحذوف (الْحَقُّ) مضاف إليه (إِلَّا) أداة حصر (الضَّلالُ) مبتدأ مؤخر والجملة مستأنفة (فَأَنَّى) الفاء استئنافية وأنى اسم استفهام في محل نصب على الحال (تُصْرَفُونَ) مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون والواو نائب فاعل والجملة مستأنفة.

---

Traslation and Transliteration:

Fathalikumu Allahu rabbukumu alhaqqu famatha baAAda alhaqqi illa alddalalu faanna tusrafoona

بيانات السورة

اسم السورة سورة يونس (Yunus - Jonah)
ترتيبها 10
عدد آياتها 109
عدد كلماتها 1841
عدد حروفها 7425
معنى اسمها (يُونُسُ عليه السلام): هُوَ نَبِيُّ اللهِ يُونُسُ بْنُ مَتَّى، مِنْ قَرْيَةِ نِينَوَى فِي العِرَاقِ، لُقِّبَ بِذِي النُّونِ أَو صَاحِبِ الحُوتِ
سبب تسميتها انْفِرَادُ السُّورَةِ بِالحَدِيثِ عَنْ قَومِ يُونُسَ عليه السلام لَمّا آمَنُوا قَبلَ نُزُولِ الْعَذَابِ بِهِم
أسماؤها الأخرى لا يُعرَفُ لِلسُّورَةِ اسمٌ آخَرُ سِوَى سُورَةِ (يُونُسَ عليه السلام)
مقاصدها بَيَانُ مُهِمَّةِ الرُّسُلِ، وَمَوقِفِ أَقْوَامِهِم مِنهُمْ، وتَقرِيرُ هَلَاكِهِم
أسباب نزولها سُورَةٌ مَكِّيَّةٌ، لَمْ تَصِحَّ رِوَايَة فِي سَبَبِ نُزُولِها أَو فِي نُزُولِ بَعْضِ آيَاتِهَا
فضلها هِيَ مِنْ ذَوَاتِ ﴿الٓر﴾، فَفِي الحَدِيثِ الطَّوِيْلِ أَنَّ رَجُلًا أَتَى رَسُولَ اللهِ ﷺ فَقَالَ: أَقرِئْنِي يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ: «اقرَأْ ثَلاثًا مِنْ ذَوَاتِ ﴿الٓر﴾». (حَدِيثٌ صَحِيحٌ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُود)
مناسبتها مُنَاسَبَةُ أَوَّلِ سُورَةِ (يُونُسَ عليه السلام) بِآخِرِهَا: الحَدِيثُ عَنْ ثُبُوتِ صِفَةِ الإِحْكَامِ لِلْقُرآنِ الكَرِيمِ وَصِفَةِ الحَكِيمِ لِلَّهِ تَعَالَى. فقَالَ فِي فَاتِحَتِهَا: ﴿الٓرۚ تِلۡكَ ءَايَٰتُ ٱلۡكِتَٰبِ ٱلۡحَكِيمِ ١﴾، وَقَالَ فِي خَاتِمَتِهَا: ﴿وَهُوَ خَيۡرُ ٱلۡحَٰكِمِينَ ١٠٩﴾. مُنَاسَبَةُ سُورَةِ (يُونُسَ عليه السلام) لِمَا قَبلَهَا مِنْ سُورَةِ (التَّوبَةِ): خَتَمَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى سُورَةَ (التَّوبَةَ) بِإِعْرَاضِ الكُفَّارِ عَنِ الوَحْيِ، فَقَالَ: ﴿فَإِن تَوَلَّوۡاْ فَقُلۡ حَسۡبِيَ ٱللَّهُ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَۖ ...١٢٩﴾، وَبَيَّنَ سَبَبَ إِعْرَاضِهِم فِي مُفْتَتَحِ سُورَةِ (يُونُسَ) عليه السلام، فَقَالَ: ﴿أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنۡ أَوۡحَيۡنَآ إِلَىٰ رَجُلٖ مِّنۡهُمۡ ...٢﴾.
اختر الًجزء:
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30
اختر السورة:
1 - ﴿الفاتحة﴾
2 - ﴿البقرة﴾
3 - ﴿آل عمران﴾
4 - ﴿النساء﴾
5 - ﴿المائدة﴾
6 - ﴿الأنعام﴾
7 - ﴿الأعراف﴾
8 - ﴿الأنفال﴾
9 - ﴿التوبة﴾
10 - ﴿يونس﴾
11 - ﴿هود﴾
12 - ﴿يوسف﴾
13 - ﴿الرعد﴾
14 - ﴿إبراهيم﴾
15 - ﴿الحجر﴾
16 - ﴿النحل﴾
17 - ﴿الإسراء﴾
18 - ﴿الكهف﴾
19 - ﴿مريم﴾
20 - ﴿طه﴾
21 - ﴿الأنبياء﴾
22 - ﴿الحج﴾
23 - ﴿المؤمنون﴾
24 - ﴿النور﴾
25 - ﴿الفرقان﴾
26 - ﴿الشعراء﴾
27 - ﴿النمل﴾
28 - ﴿القصص﴾
29 - ﴿العنكبوت﴾
30 - ﴿الروم﴾
31 - ﴿لقمان﴾
32 - ﴿السجدة﴾
33 - ﴿الأحزاب﴾
34 - ﴿سبأ﴾
35 - ﴿فاطر﴾
36 - ﴿يس﴾
37 - ﴿الصافات﴾
38 - ﴿ص﴾
39 - ﴿الزمر﴾
40 - ﴿غافر﴾
41 - ﴿فصلت﴾
42 - ﴿الشورى﴾
43 - ﴿الزخرف﴾
44 - ﴿الدخان﴾
45 - ﴿الجاثية﴾
46 - ﴿الأحقاف﴾
47 - ﴿محمد﴾
48 - ﴿الفتح﴾
49 - ﴿الحجرات﴾
50 - ﴿ق﴾
51 - ﴿الذاريات﴾
52 - ﴿الطور﴾
53 - ﴿النجم﴾
54 - ﴿القمر﴾
55 - ﴿الرحمن﴾
56 - ﴿الواقعة﴾
57 - ﴿الحديد﴾
58 - ﴿المجادلة﴾
59 - ﴿الحشر﴾
60 - ﴿الممتحنة﴾
61 - ﴿الصف﴾
62 - ﴿الجمعة﴾
63 - ﴿المنافقون﴾
64 - ﴿التغابن﴾
65 - ﴿الطلاق﴾
66 - ﴿التحريم﴾
67 - ﴿الملك﴾
68 - ﴿القلم﴾
69 - ﴿الحاقة﴾
70 - ﴿المعارج﴾
71 - ﴿نوح﴾
72 - ﴿الجن﴾
73 - ﴿المزمل﴾
74 - ﴿المدثر﴾
75 - ﴿القيامة﴾
76 - ﴿الإنسان﴾
77 - ﴿المرسلات﴾
78 - ﴿النبأ﴾
79 - ﴿النازعات﴾
80 - ﴿عبس﴾
81 - ﴿التكوير﴾
82 - ﴿الانفطار﴾
83 - ﴿المطففين﴾
84 - ﴿الانشقاق﴾
85 - ﴿البروج﴾
86 - ﴿الطارق﴾
87 - ﴿الأعلى﴾
88 - ﴿الغاشية﴾
89 - ﴿الفجر﴾
90 - ﴿البلد﴾
91 - ﴿الشمس﴾
92 - ﴿الليل﴾
93 - ﴿الضحى﴾
94 - ﴿الشرح﴾
95 - ﴿التين﴾
96 - ﴿العلق﴾
97 - ﴿القدر﴾
98 - ﴿البينة﴾
99 - ﴿الزلزلة﴾
100 - ﴿العاديات﴾
101 - ﴿القارعة﴾
102 - ﴿التكاثر﴾
103 - ﴿العصر﴾
104 - ﴿الهمزة﴾
105 - ﴿الفيل﴾
106 - ﴿قريش﴾
107 - ﴿الماعون﴾
108 - ﴿الكوثر﴾
109 - ﴿الكافرون﴾
110 - ﴿النصر﴾
111 - ﴿المسد﴾
112 - ﴿الإخلاص﴾
113 - ﴿الفلق﴾
114 - ﴿الناس﴾
اختر الًصفحة:
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30
31
32
33
34
35
36
37
38
39
40
41
42
43
44
45
46
47
48
49
50
51
52
53
54
55
56
57
58
59
60
61
62
63
64
65
66
67
68
69
70
71
72
73
74
75
76
77
78
79
80
81
82
83
84
85
86
87
88
89
90
91
92
93
94
95
96
97
98
99
100
101
102
103
104
105
106
107
108
109
110
111
112
113
114
115
116
117
118
119
120
121
122
123
124
125
126
127
128
129
130
131
132
133
134
135
136
137
138
139
140
141
142
143
144
145
146
147
148
149
150
151
152
153
154
155
156
157
158
159
160
161
162
163
164
165
166
167
168
169
170
171
172
173
174
175
176
177
178
179
180
181
182
183
184
185
186
187
188
189
190
191
192
193
194
195
196
197
198
199
200
201
202
203
204
205
206
207
208
209
210
211
212
213
214
215
216
217
218
219
220
221
222
223
224
225
226
227
228
229
230
231
232
233
234
235
236
237
238
239
240
241
242
243
244
245
246
247
248
249
250
251
252
253
254
255
256
257
258
259
260
261
262
263
264
265
266
267
268
269
270
271
272
273
274
275
276
277
278
279
280
281
282
283
284
285
286
287
288
289
290
291
292
293
294
295
296
297
298
299
300
301
302
303
304
305
306
307
308
309
310
311
312
313
314
315
316
317
318
319
320
321
322
323
324
325
326
327
328
329
330
331
332
333
334
335
336
337
338
339
340
341
342
343
344
345
346
347
348
349
350
351
352
353
354
355
356
357
358
359
360
361
362
363
364
365
366
367
368
369
370
371
372
373
374
375
376
377
378
379
380
381
382
383
384
385
386
387
388
389
390
391
392
393
394
395
396
397
398
399
400
401
402
403
404
405
406
407
408
409
410
411
412
413
414
415
416
417
418
419
420
421
422
423
424
425
426
427
428
429
430
431
432
433
434
435
436
437
438
439
440
441
442
443
444
445
446
447
448
449
450
451
452
453
454
455
456
457
458
459
460
461
462
463
464
465
466
467
468
469
470
471
472
473
474
475
476
477
478
479
480
481
482
483
484
485
486
487
488
489
490
491
492
493
494
495
496
497
498
499
500
501
502
503
504
505
506
507
508
509
510
511
512
513
514
515
516
517
518
519
520
521
522
523
524
525
526
527
528
529
530
531
532
533
534
535
536
537
538
539
540
541
542
543
544
545
546
547
548
549
550
551
552
553
554
555
556
557
558
559
560
561
562
563
564
565
566
567
568
569
570
571
572
573
574
575
576
577
578
579
580
581
582
583
584
585
586
587
588
589
590
591
592
593
594
595
596
597
598
599
600
601
602
603
604


يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!