الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية) |
![]() |
![]() |
|||||||||
الصفحة - من الجزء (عرض الصورة)![]() و منعه لحكمه فلا يتهم رب الكرم كيف يتهم الفاني أنه بخيل بالفاني و هو إذا آمن باللقاء فما جعل أعطيته إلا في خزانة البقاء من نقل ما له من خزانته إلى خزانته كيف يقال بعلو منزلته في الجود و مكانته فما خزن من ماله اختزن فلا كريم إلا القديم [الباقي يلاقي]و من ذلك الباقي يلاقي من الباب 228 عظمت بالكرم مكانتي و ما خرج شيء من خزانتي لو لم يكن إلا الثناء فما ثم بيع و لا شراء لا يقال في التاجر إلا بار و فاجر و لا يوصف بالكرم فما في الوجود إلا تاجر لمن فهم ما شيء أحب إلى اللّٰه من أن يمدح و ما يمدح إلا بما منح فما جاد الكريم إلا على ذاته بما يحمده من صفاته و انتفع العير بالعوض بحكم العرض و إن سعى الكريم في إيصال الراحة للمعطي و نفعه فلجهله بعطائه و منعه فمن كرم و جاد و تخيل أن له فضلا على العباد فما جاد فإن الإحسان تبطله المنة مع طلب الامتنان و المنة أذى فاعلم ذا [الجامع واسع]و من ذلك الجامع واسع من الباب 229 لو لم يكن في الجامع اتساع ما كان جامعا بالإجماع قلب المؤمن جامع للواسع فغاية اتساعه على مقداره و اتساعه على قدر أنواره فتجول الأبصار على قدر ما تكشف له الأنوار و يكون السرور على قدر ما يحصل لك من الكشف بذلك النور ﴿اَللّٰهُ نُورُ السَّمٰاوٰاتِ وَ الْأَرْضِ﴾ [النور:35] فقد عم الرفع و الخفض فصاحب البصر الحديد يدرك به ما يريد و لهذا إرادة المحدث قاصره و دائرته ضيقة متقاصرة أ لا تراه ألبسه على ما قلناه «في الخبر فيها ما لا عين رأت و لا أذن سمعت و لا خطر على قلب بشر» و هي جنة محصورة و الأمور فيها مقصورة فكيف بمن لا يأخذه حصر و لا يسعه قصر كيف ينضبط شأنه أو يحد مكانه من مكانه عينه جهل و لو عرف كونه [الطارق مفارق]و من ذلك الطارق مفارق من الباب 230 الطارق هو الآتي ليلا يبتغي نيلا الصائد نهارا و ليلا تفاءلا باسمهما ليجمع بينهما فيقطع النهار صياما و الليل قياما فما قصدهما بالذكر دون سائر الطير إلا لما يكون فيهما من الخير ﴿يٰا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ إِلاّٰ قَلِيلاً﴾ ﴿إِنَّ لَكَ فِي النَّهٰارِ سَبْحاً طَوِيلاً﴾ [المزمل:7] ﴿ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيٰامَ إِلَى اللَّيْلِ﴾ [البقرة:187] تحصلوا على جزيل النيل النهار معاش و الليل رياش فليكن قوتك في معاشك اللّٰه و رياشك زينة اللّٰه كذا قال سهل و هو للسيادة أهل قيل له ما القوت قال اللّٰه قيل له إنما سألناك عن الغذاء قال اللّٰه قيل له الذي يقوم به هذه البنية قال ما لكم و لها دع الدار إلى بانيها إن شاء عمرها و إن شاء خربها و ما تقوم إلا بالله فالعارف يقول في هذا الغذاء ألغ ذا [الحكيم له التحكيم]و من ذلك الحكيم له التحكيم من الباب الأحد و الثلاثين و مائتين يعلم ما تعطيه المواطن في الظواهر و البواطن لأنه الثابت القاطن يعطي كل ذي حق حقه اقتداء بربه ﴿اَلَّذِي أَعْطىٰ كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ﴾ [ طه:50] فالعارف بسره و قلبه من تأسى بربه العدل من شيمه و القبول و الإقبال من كرمه لا يتعدى الحكيم ما رتبه القديم العليم من عرف الحكم تحكم و من يعرف الحكم حكم هو القاضي و إن لم يلي و هو النبي و إن دعي بالولي إشارة الولي في اللفظ لي و من كان له فقد بلغ أمله فما حكم به الولي في الخلق أمضاه الحق و إن رده الحاكم الجائر فقد رد كلام الواحد القاهر فلا يلتفت إلى رده فإنه من صدق وعده و هو ﴿لاٰ يُخْلِفُ الْمِيعٰادَ﴾ [آل عمران:9] فلا بد من رد أهل الإلحاد العقد الصحيح إن كل ما سوى اللّٰه ريح كان بعض مشايخنا يقول من باب الإشارة ﴿فَسَخَّرْنٰا لَهُ الرِّيحَ﴾ [ص:36] الريح تهب و لا تثبت فأثبت و من ذلك الفوائد في الزوائد من الباب 232 ﴿قُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً﴾ [ طه:114] تزدد حكما من علم يرجع إليه فتوكل في تحصيله عليه إنما سميت بالزوائد لأنه ما زاد على الواحد فهو زائد و كل زائد واحد فما زاد عليه سوى نفسه فقل بالشخص لا بنوعه و جنسه فإن راعيت أحدية الكثرة فقد نبهناك على ذلك غير مرة زوائد الحروف عشرة كالمقولات الجامعة بين العلل و المعلومات و قد أودعناها باب النفس بفتح الفاء من هذا الكتاب بين إيجاز و إسهاب و حروف الزوائد أسلمني و تاه فانظر ما أحسن هذا الجمع بالله ما أحسن ما جمع و لقد قال فصدع تاه المعروف و العارف فأين المعارف تاه المعروف من التيه و تيه العارف بحيرته فيه أسلم العارف لنفسه فأراد أن يلحقه بجنسه فلما تحقق علم أنه ما يلحق فأسلمه بأن قال لا أحصي ثناء عليك فهذه بضاعتك رددناها إليك [الإرادة مستفادة]و من ذلك الإرادة مستفادة من الباب 233 الإرادة صفة اختصاص فلها المباص و المناص و لهذا وصف نفسه بالمقدم و المؤخر |
|
|||||||||
![]() |
![]() |
|||||||||
الفتوحات
المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين. |