الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية) |
![]() |
![]() |
||||||||
الصفحة - من الجزء (عرض الصورة)![]() فليس ليلى و ليس لبني *** سوى الذي أنت قد علمتا إن كنت في حبه بصيرا *** تشهده منك أنت أنتا فما أحب المحب غيرا *** سواه فالكل أنت أنتا فما أعجب القرآن في مناسبة الأسماء بالأحوال ف ﴿هُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ فَعّٰالٌ لِمٰا يُرِيدُ﴾ فهو المحب و هو فعال لما يريد فهو المحبوب لأن المحبوب فعال لما يريد بمحبوبه و المحب سامع مطيع مهيأ لما يريد به محبوبه لأنه المحب الودود أي الثابت على لوازم المحبة و شروطها و العين واحدة فإن الودود هنا هو الفعال لما يريد فانظر في هذا التنبيه الإلهي ما أعجبه ﴿وَ قُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً﴾ [ طه:114] ﴿وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ﴾ [الأحزاب:4] «المجد حضرة المجد»يدعى صاحبها عبد المجيد و القرآن المجيد و هو كلامه تعالى فهو عينه حضرة المجد و الشرف *** حضرة الزهو و الصلف فذوو مجدنا فمن *** بحرها الكل يغترف فإذا ما تمجدت *** عينه قام ينصرف لقصور له بها *** خادم العز قد وقف فتحلى بحلية *** وهبته حكم النصف و هبته نصيفها *** و به قام فالتحف نحن للجوهر المكون *** في عيننا صدف «إذا قال المصلي ملك يوم الدين يقول الحق مجدني عبدي» أي جعل لي الشرف عليه كما هو الأمر في نفسه فانظر إلى هذا الاعتراف و هو الحق الذي له المجد بالأصالة و الكلام كلامه بلا خلاف فإنه القرآن و «قال عن نفسه إنه يقول عند» ﴿مٰالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾ مجدني عبدي و هو تنبيه إلهي من اللّٰه على إن الأمر إضافي فإنه إذا لم يكن هناك من يشرف عليه كونا ثابتا أو عينا كائنة فعلى من يشرف و يتمجد فما أعطاه المجد إلا وجود العبد فما قال الحق في قوله مجدني عبدي إلا حقا فلو زلنا لزال المجد عنه *** فتمجيدي له المجد التليد تولد عن وجود القول مني *** كذا قال الإله لي المجيد و قلناه بعلم و اعتقاد *** فجاء لشكرنا منه المزيد فكان هو المراد بعين قولي *** كما قد كان في الأصل المريد له حكم التحكم في وجودي *** هو الفعال فينا ما يريد و ليس يريد إلا كل ما لا *** وجود له فحقق ما أريد فليس يريد عيني حال كوني *** فكون الكائنات هو الوجود فقد شهدت إرادته عليه *** بأن مراده أبدا فقيد [إن يوم الدين يوم الجزاء]فلما قال مجدني عبدي عند قول المصلي ملك يوم الدين علمنا أنه قال أعطاني عبدي المجد و الشرف على العالم في الدنيا و الآخرة لأني جازيت العالم على أعمالهم في الدنيا و الآخرة فيوم الدين هو يوم الجزاء فإن الحدود ما شرعت في الشرائع الأجزاء و ما أصابت المصائب من أصابته الأجزاء بما كسبت يده مع كونه يعفو عن كثير قال تعالى ﴿وَ مٰا أَصٰابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمٰا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَ يَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ﴾ و كذلك ما ظهر من الفتن و الخراب و الحروب و الطاعون فهو كله جزاء بأعمال عملوها استحقوا بذلك ما ظهر من الفساد في البر من خسف و غير ذلك و قحط و وباء و قتل و أسر و كذلك في البحر مثل هذا مع غرق و تجرع غصص لزعزع ريح متلفة قال تعالى ﴿ظَهَرَ الْفَسٰادُ﴾ [الروم:41] و هو ما ذكرناه و من جنس ما قررناه ﴿فِي الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ بِمٰا كَسَبَتْ أَيْدِي النّٰاسِ﴾ [الروم:41] أي بما عملوا ﴿لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي﴾ [الروم:41] |
|
||||||||
![]() |
![]() |
||||||||
الفتوحات
المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين. |