الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية) |
![]() |
![]() |
|||||||||
الصفحة - من الجزء (عرض الصورة)![]() العالم عقلا و نفسا متى كنت نبيا قال و آدم بين الماء و الطين فبه بديء الوجود باطنا و به ختم المقام ظاهرا في عالم التخطيط فقال لا رسول بعدي و لا نبي فالرحيم هو محمد صلى اللّٰه عليه و سلم و بسم هو أبونا آدم و أعني في مقام ابتداء الأمر و نهايته و ذلك أن آدم عليه السّلام هو حامل الأسماء قال تعالى ﴿وَ عَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمٰاءَ كُلَّهٰا﴾ [البقرة:31] و محمد صلى اللّٰه عليه و سلم حامل معاني تلك الأسماء التي حملها آدم عليهما السلام و هي الكلم «قال صلى اللّٰه عليه و سلم أوتيت جوامع الكلم» و من أثنى على نفسه أمكن و أتم ممن أثنى عليه كيحيى و عيسى عليهما السلام و من حصل له الذات فالأسماء تحت حكمه و ليس من حصل الأسماء أن يكون المسمى محصلا عنده و بهذا أفضلت الصحابة علينا فإنهم حصلوا الذات و حصلنا الاسم و لما راعينا الاسم مراعاتهم الذات ضوعف لنا الأجر و لحسرة الغيبة التي لم تكن لهم فكان تضعيف على تضعيف فنحن الإخوان و هم الأصحاب و هو صلى اللّٰه عليه و سلم إلينا بالأشواق و ما أفرحه بلقاء واحد منا و كيف لا يفرح و قد ورد عليه من كان بالأشواق إليه فهل تقاس كرامته به و بره و تحفيه و للعامل منا أجر خمسين ممن يعمل بعمل أصحابه لا من أعيانهم لكن من أمثالهم فذلك قوله بل منكم فجدوا و اجتهدوا حتى يعرفوا أنهم خلفوا بعدهم رجالا لو أدركوه ما سبقوهم إليه و من هنا تقع المجازاة و اللّٰه المستعان (تنبيه) [حملة العرش المحيط في البسملة]ثم لتعلم إن ﴿بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ﴾ [الفاتحة:1] أربعة ألفاظ لها أربعة معان فتلك ثمانية و هم حملة العرش المحيط و هم من العرش و هنا هم الحملة من وجه و العرش من وجه فانظر و استخرج من ذاتك لذاتك (تنبيه) [ميم بسم و ميم الرحيم]ثم وجدنا ميم بسم الذي هو آدم عليه السّلام معرقا و وجدنا ميم الرحيم معرقا الذي هو محمد صلى اللّٰه عليه و سلم تسليما فعلمنا إن مادة ميم آدم عليه السّلام لوجود عالم التركيب إذ لم يكن مبعوثا و علمنا إن مادة ميم محمد صلى اللّٰه عليه و سلم لوجود الخطاب عموما كما كان آدم عندنا عموما فلهذا امتدا (أنبأه) [أيام الرب و البسملة]قال سيدنا الذي لا ينطق عن الهوى إن صلحت أمتي فلها يوم و إن فسدت فلها نصف يوم و اليوم رباني فإن أيام الرب كل يوم من ألف سنة مما نعد بخلاف أيام اللّٰه و أيام ذي المعارج فإن هذه الأيام أكبر فلكا من أيام الرب و سيأتي إن شاء اللّٰه ذكرها في داخل الكتاب في معرفة الأزمان و صلاح الأمة بنظرها إليه صلى اللّٰه عليه و سلم و فسادها بإعراضها عنه فوجدنا ﴿بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ﴾ [الفاتحة:1] يتضمن ألف معنى كل معنى لا يحصل إلا بعد انقضاء حول و لا بد من حصول هذه المعاني التي تضمنها ﴿بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ﴾ [الفاتحة:1] لأنه ما ظهر إلا ليعطي معناه فلا بد من كمال ألف سنة لهذه الأمة و هي في أول دورة الميزان و مدتها ستة آلاف سنة روحانية محققة و لهذا ظهر فيها من العلوم الإلهية ما لم يظهر في غيرها من الأمم فإن الدورة التي انقضت كانت ترابية فغاية علمهم بالطبائع و الإلهيون فيهم غرباء قليلون جدا يكاد لا يظهر لهم عين ثم إن المتأله منهم ممتزج بالطبيعة و لا بد و المتأله منا صرف خالص لا سبيل لحكم الطبع عليه (مفتاح) [ألف الذات و ألف العلم في الرحمن]ثم وجدنا في اللّٰه و في الرحمن ألفين ألف الذات و ألف العلم ألف الذات خفية و ألف العلم ظاهرة لتجلى الصفة على العالم ثم أيضا خفيت في اللّٰه و لم تظهر لرفع الالتباس في الخط بين اللّٰه و اللاه و وجدنا في بسم الذي هو آدم عليه السّلام ألفا واحدة خفيت لظهور الباء و وجدنا في الرحيم الذي هو محمد صلى اللّٰه عليه و سلم ألفا واحدة ظاهرة و هي ألف العلم و نفس سيدنا محمد صلى اللّٰه عليه و سلم الذات فخفيت في آدم عليه السّلام الألف لأنه لم يكن مرسلا إلى أحد فلم يحتج إلى ظهور الصفة و ظهرت في سيدنا محمد صلى اللّٰه عليه و سلم لكونه مرسلا فطلب التأييد فأعطى الألف فظهر بها ثم وجدنا الباء من بسم قد عملت في ميم الرحيم فكان عمل آدم في محمد صلى اللّٰه عليه و سلم و جود التركيب و في اللّٰه عمل سبب داع و في الرحمن عمل بسبب مدعو و لما رأينا أن النهاية أشرف من البداية قلنا من عرف نفسه عرف ربه و الاسم سلم إلى المسمى و لما علمنا إن روح الرحيم عمل في روح بسم لكونه نبيا و آدم بين الماء و الطين و لولاهما ما كان سمي آدم علمنا إن بسم هو الرحيم إذ لا يعمل شيء إلا من نفسه لا من غيره فانعدمت النهاية و البداية و الشرك و التوحيد و ظهر عز الاتحاد و سلطانه فمحمد للجمع و آدم للتفريق (إيضاح) [أحرف الرحيم و دلالتها الغيبية]الدليل على إن الألف في قوله ﴿اَلرَّحِيمِ﴾ [الفاتحة:1] ألف العلم قوله ﴿وَ لاٰ خَمْسَةٍ إِلاّٰ هُوَ سٰادِسُهُمْ﴾ [المجادلة:7] و في ألف باسم ﴿مٰا يَكُونُ مِنْ نَجْوىٰ ثَلاٰثَةٍ إِلاّٰ هُوَ رٰابِعُهُمْ﴾ [المجادلة:7] فالألف الألف ﴿وَ لاٰ أَدْنىٰ مِنْ ذٰلِكَ﴾ [المجادلة:7] باطن التوحيد ﴿وَ لاٰ أَكْثَرَ﴾ [المجادلة:7] يريد ظاهره ثم خفيت الألف في آدم من باسم لأنه أول موجود و لم يكن له منازع يدعي مقامه فدل بذاته من أول وهلة على وجود موجدة لما كان مفتتح وجودنا و ذلك لما |
|
|||||||||
![]() |
![]() |
|||||||||
الفتوحات
المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين. |