أنه يسلم عليك فاتركه يبدأ بالسلام ثم ترد عليه فيحصل لك أجر الوجوب فإن رد السلام واجب و الابتداء به مندوب إليه و أحب ما يتقرب به إلى اللّٰه ما افترضه على خلقه و إذا علمت من شخص أنه يكره سلامك عليه و ربما تؤديه تلك الكراهة إلى أنه لو سلمت عليه لم يرد عليك فلا تسلم عليه ابتداء إيثارا له على نفسك و شفقة عليه فإنك تحول بينه و بين وقوعه في المعصية إذا لم يرد عليك السلام فإنه يترك أمر اللّٰه الواجب عليه و من الايمان الشفقة على خلق اللّٰه فبهذه النية اترك السلام عليه و إن علمت من دينه أنه يرد السلام عليك فسلم عليه و إن كره و اجهر بالسلام عليه و ابدأ به فإنك تدخل عليه ثوابا برد السلام و تسقط من كراهته فيك بسلامك عليه بقدر إيمانه و نفسه الصالحة إن كان ممن جبل على خلق حسن و عليك بالنظر إلى من هو دونك في الدنيا و لا تنظر إلى أهل الثروة و الاتساع خوفا من الفتنة فإن الدنيا حلوة خضرة محبوبة لكل نفس فإن النعيم محبوب للنفوس طبعا و لو لا النعيم الذي يجده الزاهد في زهده ما زهد و الطائع في طاعته ما أطاع فإن أخوف ما خافه رسول اللّٰه ﷺ علينا ما يخرج اللّٰه لنا من زهرة الدنيا قال اللّٰه تعالى لنبيه ﴿وَ لاٰ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلىٰ مٰا مَتَّعْنٰا بِهِ أَزْوٰاجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيٰاةِ الدُّنْيٰا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ﴾ [ طه:131] ثم حبب إليه رزق ربه الذي هو ﴿خَيْرٌ وَ أَبْقىٰ﴾ [ طه:73] و هو الحال الذي هو عليه في ذلك الوقت هو رزق ربه الذي رزقه فإنه تعالى لا يتهم في إعطائه الأصلح لعبده فما أعطاه إلا ما هو خير في حقه و أسعد عند اللّٰه و إن قل فإنه ربما لو أعطاه ما يتمناه لعبد طغى و حال بينه و بين سعادته فإن الدنيا دار فتنة و إذا كان لأحد عندك دين و قضيته فأحسن القضاء و زده في الوزن و أرجح تكن بهذا الفعل من خير عباد اللّٰه بأخبار رسول اللّٰه ﷺ فهو من السنة و هو الكرم الخفي اللاحق بصدقة السر فإن المعطي إياه لا يشعر بأنه صدقة و هو عند اللّٰه صدقة سر في علانية و يورث ذلك محبة و ودا في نفس الذي أعطيته و تخفي نعمتك عليه في ذلك ففي حسن القضاء فوائد جمة و عليك يا أخي بالذب و الدفع عن أخيك المؤمن عن عرضه و نفسه و ماله و عن عشيرتك بما لا تأثم به عند اللّٰه فلا تبرح من يدك ميزان مراعاة حق اللّٰه في جميع تصرفاتك و لا تتبع هواك في شيء يسخط اللّٰه فإنك لا تجد صاحبا إلا اللّٰه فلا تفرط في حقه و حقه أحق الحقوق و أوجبها علينا كما ثبت حق اللّٰه أحق أن يقضى و إن عزمت على نكاح فاجهد في نكاح القرشيات و إن قدرت على نكاح من هي من أهل البيت فأعظم و أعظم فإنه قد ثبت أنه خير نساء ركبن الإبل نساء قريش و عاشرهن بالمعروف و اتق اللّٰه فيهن و أحق الشروط ما استحللت به فروجهن و أحسن إليهن في كل شيء و إياك أن تعذب ذا روح إذا كان في يدك حتى الأضحية إذا ذبحتها فحد الشفرة و أسرع و أرح ذبيحتك و ادفع الألم عن كل من يتألم جهد استطاعتك كان ما كان الألم الحسي من كل حيوان و إنسان و من النفسي ما تعلم أنه يرضي اللّٰه و اعلم أنه مما يرضي اللّٰه ما أباحه لك أن تفعله و إذا رأيت أنصاريا من بنى النجار فقدمه على غيره من الأنصار مع حبك جميعهم و عليك بأحسن الحديث و هو كتاب اللّٰه فلا تزل تاليا إياه بتدبر و تفكر عسى اللّٰه أن يرزقك الفهم عنه فيما تتلوه و علم القرآن تكن نائب الرحمن فإن الرحمن ﴿عَلَّمَ الْقُرْآنَ خَلَقَ الْإِنْسٰانَ عَلَّمَهُ الْبَيٰانَ﴾ و هو القرآن فإنه قال فيه هذا بيان للناس و هو القرآن و ﴿هُدىً وَ مَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ﴾ [آل عمران:138] فعلم القرآن قبل الإنسان أنه إذا خلق الإنسان لا ينزل إلا عليه و كذلك كان فإنه ﴿نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ﴾ [الشعراء:193] على قلب محمد ﷺ و هو ينزل على كل قلب تال في حال تلاوته فنزوله لا يبرح دائما فعلم اللّٰه القرآن كما عمل الإنسان القرآن «فخيركم من علم القرآن و علمه» و اتق شح الطبيعة فإن المفلح عند اللّٰه ﴿مَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ﴾ [الحشر:9] و كن شجاعا مقداما على إتيان العزائم التي شرع اللّٰه لك أن تأتيها فتكن من أولي العزم و لا تكن جبانا فإن اللّٰه أمرك بالاستعانة به في ذلك و إذ كان اللّٰه المعين فلا تبال فإنه لا يقاومه شيء بل هو القادر على كل شيء فما ثم مع الإعانة الإلهية قوة نقاوي قوة الحق فإن اللّٰه يقول فيمن سأله الإعانة و لعبدي ما سأل في الخبر الصحيح فإذا قال العبد ﴿إِيّٰاكَ نَعْبُدُ وَ إِيّٰاكَ نَسْتَعِينُ﴾ [الفاتحة:5] يقول اللّٰه هذه الآية بيني و بين عبدي و لعبدي ما سأل و إذا قال ﴿اِهْدِنَا الصِّرٰاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾ [الفاتحة:6] إلى آخر السورة و هدايته من معونته يقول اللّٰه هؤلاء لعبدي و لعبدي ما سأل و خبره صدق و قد قال و لعبدي ما سأل فلا بد من إعانته و لكن هنا شرط لا يغفل عنه العالم إذا تلا مثل هذا لا يتلوه حكاية فإن ذلك لا ينفعه فيما ذهبنا إليه و فيما أريد له و إنما اللّٰه تعالى ما شرع له أن يقرأ القرآن و يذكره بهذا