الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية) |
![]() |
![]() |
|||||||||
الصفحة - من الجزء (عرض الصورة)![]() لكم كلام نفيس كله درر *** و ذا من الدر فلنلحقه في دررك (و مما يتضمنه هذا الباب في حب الحب قولنا) و لما رأيت الحب يعظم قدره *** و مالي به حتى الممات يدان تعشقت حب الحب دهري و لم أقل *** كفاني الذي قد نلت منه كفاني فابد إلى المحبوب شمس اتصاله *** أضاء بها كوني و عين جناني و ذاب فؤادي خيفة من جلاله *** فوقع لي في الحين خط أمان و نزهني في روض إنس جماله *** فغبت عن الأرواح و الثقلان و أحضرني و السر مني غائب *** و غيبني و الأمر مني داني فإن قلت أنا واحد فوجوده *** و إن أثبتوا عيني فمزدوجان و لكنه مزج رقيق منزه *** يرى واحدا و العلم يشهد ثاني فقلت له و هو القوول و إنه *** عبارته المثلى جرت بلسان أيا من بدا في نفسه لنفيسه *** و لا عدد فالعين مني فإني فنفسك شاهدت النفيسة منعما *** بنفسك و انظر في المراة تراني فيا غائبا من كان هذا مقامه *** يرى في جنان الناعمات بجان فلا و الذي طارت إلى حسن ذاته *** قلوب فأفناها عن الطيران [أن الحب مقام إلهي]اعلم وفقك اللّٰه أن الحب مقام إلهي فإنه وصف به نفسه و تسمى بالودود : و في الخبر بالمحب و «مما أوحى اللّٰه به إلى موسى في التوراة يا ابن آدم أنى و حقي لك محب فبحقي عليك كن لي محبا» و قد وردت المحبة في القرآن و السنة في حق اللّٰه و في حق المخلوقين و ذكر أصناف المحبوبين بصفاتهم و ذكر الصفات التي لا يحبها اللّٰه و ذكر الأصناف الذين لا يحبهم اللّٰه فقال تعالى لنبيه ﷺ آمرا أن يقول لنا ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللّٰهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّٰهُ﴾ [آل عمران:31] و قال تعالى ﴿يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّٰهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَ يُحِبُّونَهُ﴾ [المائدة:54] و قال في ذكر الأصناف الذين يحبهم ﴿إِنَّ اللّٰهَ يُحِبُّ التَّوّٰابِينَ وَ يُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ﴾ [البقرة:222] و ﴿يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ﴾ [التوبة:108] و ﴿يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ﴾ [آل عمران:159] و ﴿يُحِبُّ الصّٰابِرِينَ﴾ [آل عمران:146] و يحب الشاكرين و يحب المتصدقين و ﴿يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ [البقرة:195] و ﴿يُحِبُّ الَّذِينَ يُقٰاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيٰانٌ مَرْصُوصٌ﴾ [الصف:4] كما نفى عن نفسه أن يحب قوما لأجل صفات قامت بهم لا يحبها ففحوى الخطاب أنه سبحانه يحب زوالها و لا تزول إلا بضدها و لا بد فقال ﴿إِنَّ اللّٰهَ لاٰ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ﴾ [القصص:77] و ﴿لاٰ يُحِبُّ الْفَسٰادَ﴾ [البقرة:205] و ضده الصلاح فعين ترك الفساد صلاح و قال ﴿إِنَّ اللّٰهَ لاٰ يُحِبُّ الْفَرِحِينَ﴾ [القصص:76] و ﴿لاٰ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتٰالٍ فَخُورٍ﴾ [لقمان:18] و ﴿لاٰ يُحِبُّ الظّٰالِمِينَ﴾ [آل عمران:57] و ﴿لاٰ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾ [الأنعام:141] و ﴿لاٰ يُحِبُّ الْكٰافِرِينَ﴾ [آل عمران:32] و لا يحب ﴿اَلْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ﴾ [النساء:148] و ﴿لاٰ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾ [البقرة:190] ثم إنه سبحانه حبب إلينا أشياء منها بالتزيين و منها مطلقة فقال ممتنا علينا ﴿وَ لٰكِنَّ اللّٰهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمٰانَ﴾ [الحجرات:7] و قال ﴿زُيِّنَ لِلنّٰاسِ حُبُّ الشَّهَوٰاتِ﴾ [آل عمران:14] الآية و قال في حق الزوجين ﴿وَ جَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَ رَحْمَةً﴾ [الروم:21] و نهانا أن نلقي بالمودة إلى أعداء اللّٰه فقال ﴿لاٰ تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَ عَدُوَّكُمْ أَوْلِيٰاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ﴾ [الممتحنة:1] و المحبة الواردة في القرآن كثيرة و أما الأخبار «فقوله ﷺ عن اللّٰه إنه قال كنت كنزا لم أعرف فأحببت أن أعرف فخلقت الخلق و تعرفت إليهم فعرفوني» فما خلقنا إلا له لا لنا لذلك قرن الجزاء بالأعمال فعملنا لنا لا له و عبادتنا له لا لنا و ليست العبادة نفس العمل فالأعمال الظاهرة في المخلوقين خلق له فهو العامل و يضاف إليه حسنها أدبا مع اللّٰه مع كونها كل من عند اللّٰه لأنه قال ﴿وَ نَفْسٍ وَ مٰا سَوّٰاهٰا فَأَلْهَمَهٰا فُجُورَهٰا وَ تَقْوٰاهٰا﴾ ﴿وَ اللّٰهُ خَلَقَكُمْ وَ مٰا تَعْمَلُونَ﴾ [الصافات:96] و قال ﴿اَللّٰهُ خٰالِقُ كُلِّ شَيْءٍ﴾ [الرعد:16] فدخلت أعمال العباد في ذلك و «قال رسول اللّٰه ﷺ إن اللّٰه يقول ما تقرب المتقربون بأحب إلي من أداء ما افترضته عليهم و لا يزال العبد يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به و بصره الذي يبصر به» الحديث و من هذا التجلي قال من قال بالاتحاد و بقوله ﴿وَ مٰا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَ لٰكِنَّ اللّٰهَ رَمىٰ﴾ [الأنفال:17] و بقوله ﴿وَ مٰا تَعْمَلُونَ﴾ [الصافات:96] و «في الخبر أن اللّٰه» |
|
|||||||||
![]() |
![]() |
|||||||||
الفتوحات
المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين. |