الفتوحات المكية

المكتبة الأكبرية: القرآن الكريم: سورة الأنعام: [الآية 141]

سورة الأنعام
۞ وَهُوَ ٱلَّذِىٓ أَنشَأَ جَنَّٰتٍ مَّعْرُوشَٰتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَٰتٍ وَٱلنَّخْلَ وَٱلزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُۥ وَٱلزَّيْتُونَ وَٱلرُّمَّانَ مُتَشَٰبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَٰبِهٍ ۚ كُلُوا۟ مِن ثَمَرِهِۦٓ إِذَآ أَثْمَرَ وَءَاتُوا۟ حَقَّهُۥ يَوْمَ حَصَادِهِۦ ۖ وَلَا تُسْرِفُوٓا۟ ۚ إِنَّهُۥ لَا يُحِبُّ ٱلْمُسْرِفِينَ ﴿141﴾

تفسير الجلالين:

«وهو الذي أنشأ» خلق «جنات» بساتين «معروشات» مبسوطات على الأرض كالبطيخ «وغير معروشات» بأن ارتفعت على ساق كالنخل «و» أنشأ «النخل والزرع مختلفا أكلُهُ» ثمره وحبه في الهيئة والطعم «والزيتون والرمان متشابها» ورقهما حال «وغير متشابه» طعمهما «كلوا من ثمره إذا أثمر» قبل النضج «وآتوا حقه» زكاته «يوم حصاده» بالفتح والكسر من العشر أو نصفه «ولا تُسرفوا» بإعطاء كله فلا يبقى لعيالكم شيء «إنه لا يحب المسرفين» المتجاوزين ما حدَّ لهم.

تفسير الشيخ محي الدين:

وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (165)

«وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ»

[ رتبة الخلافة متوارثة ، والخليفة واحد أبدا ]

هي رتبة الخلافة التي كانت لآدم عليه السلام ، فالخلفاء نواب الحق في عباده ، وقوله تعالى : «خَلائِفَ» بالجمع ، والخليفة واحد أبدا ، فإن سر الخلافة واحد ، وهو متوارث تتوارثه هذه الأشباح ، فإن ظهرت في شخص ما ، ما دام ذلك الشخص متصفا به ، من المحال شرعا أن يوجد لذلك القبيل في ذلك الزمان بعينه في شخص آخر ، وإن ادعاه أحد فهو باطل ، ودعواه مردودة ، وهو دجال ذلك الزمان ،

فإذا فقد ذلك الشخص انتقل ذلك السر إلى شخص آخر ، فانتقل معه اسم الخليفة ، فلهذا قيل خلائف الأرض ، أي يخلف بعضنا بعضا فيها ، في مرتبة الخلافة ،

فإن آدم كانت خلافته في الأرض ، وهكذا هو كل خليفة فيها ، مع وجود التفاضل بين الخلفاء فيها ، وذلك لاختلاف الأزمان واختلاف الأحوال ، فيعطي هذا الحال والزمان من الأمر ما لا يعطيه الزمان والحال الذي كان قبله والذي يكون بعده ،

ولهذا اختلفت آيات الأنبياء باختلاف الأعصار ، فآية كل خليفة ورسول من نسبة ما هو الظاهر والغالب على ذلك الزمان وأحوال علمائه ، أي شيء كان ، من طب أو سحر أو فصاحة ، وما شاكل هذا وهو قوله : «وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ»

[ وزن الأعمال يوم القيامة بالعامل ]

ففضل بعضهم على بعض بالمراتب والزيادات التي لها شرف في العرف والعقل ، ثم يقول للخلفاء «لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ» وهاتان الصفتان لا تكونان إلا لمن بيده الحكم والأمر والنهي ، فهذا النسق يقوي أنه أراد خلافة السلطنة والملك ،

ومن حقيقة قوله تعالى : «إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ» قال صلّى اللّه عليه وسلم :

[ أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك ] .

(7) سورة الأعراف مكيّة

بسم اللّه الرّحمن الرّحيم

------------

(165) الفتوحات ج 2 / 447 - كتاب التدبيرات الإلهية - الفتوحات ج 2 / 68 ، 60 ، 68 ، 401

تفسير ابن كثير:

يقول تعالى بيانا لأنه الخالق لكل شيء من الزروع والثمار والأنعام التي تصرف فيها المشركون بآرائهم الفاسدة وقسموها وجزءوها ، فجعلوا منها حراما وحلالا فقال : ( وهو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات ) .

قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : ( معروشات ) مسموكات . وفي رواية : " المعروشات " : معروشات ما عرش الناس ، ( وغير معروشات ) ما خرج في البر والجبال من الثمرات .

وقال عطاء الخراساني ، عن ابن عباس : ( معروشات ) ما عرش من الكرم ( وغير معروشات ) ما لم يعرش من الكرم . وكذا قال السدي .

وقال ابن جريج : ( متشابها وغير متشابه ) قال : متشابها في المنظر ، وغير متشابه في الطعم .

وقال محمد بن كعب : ( كلوا من ثمره إذا أثمر ) قال : من رطبه وعنبه .

وقوله تعالى : ( وآتوا حقه يوم حصاده ) قال ابن جرير : قال بعضهم : هي الزكاة المفروضة .

حدثنا عمرو ، حدثنا عبد الصمد ، حدثنا يزيد بن درهم قال : سمعت أنس بن مالك يقول : ( وآتوا حقه يوم حصاده ) قال : الزكاة المفروضة .

وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : ( وآتوا حقه يوم حصاده ) يعني : الزكاة المفروضة ، يوم يكال ويعلم كيله . وكذا قال سعيد بن المسيب .

وقال العوفي ، عن ابن عباس : ( وآتوا حقه يوم حصاده ) وذلك أن الرجل كان إذا زرع فكان يوم حصاده ، لم يخرج مما حصد شيئا فقال الله : ( وآتوا حقه يوم حصاده ) وذلك أن يعلم ما كيله وحقه ، من كل عشرة واحدا ، ما يلقط الناس من سنبله .

وقد روى الإمام أحمد وأبو داود في سننه من حديث محمد بن إسحاق : حدثني محمد بن يحيى بن حبان ، عن عمه واسع بن حبان ، عن جابر بن عبد الله ; أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر من كل جاد عشرة أوسق من التمر ، بقنو يعلق في المسجد للمساكينوهذا إسناده جيد قوي .

وقال طاوس ، وأبو الشعثاء ، وقتادة ، والحسن ، والضحاك ، وابن جريج : هي الزكاة .

وقال الحسن البصري : هي الصدقة من الحب والثمار ، وكذا قال زيد بن أسلم .

وقال آخرون : هو حق آخر سوى الزكاة .

وقال أشعث ، عن محمد بن سيرين - ونافع ، عن ابن عمر في قوله : ( وآتوا حقه يوم حصاده ) قال : كانوا يعطون شيئا سوى الزكاة . رواه ابن مردويه . وروى عبد الله بن المبارك وغيره . عن عبد الملك بن أبي سليمان ، عن عطاء بن أبي رباح في قوله : ( وآتوا حقه يوم حصاده ) قال : يعطي من حضره يومئذ ما تيسر ، وليس بالزكاة .

وقال مجاهد : إذا حضرك المساكين ، طرحت لهم منه .

وقال عبد الرزاق ، عن ابن عيينة عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ( وآتوا حقه يوم حصاده ) قال : عند الزرع يعطي القبض ، وعند الصرام يعطي القبض ، ويتركهم فيتبعون آثار الصرام .

وقال الثوري ، عن حماد ، عن إبراهيم النخعي قال : يعطي مثل الضغث .

وقال ابن المبارك ، عن شريك ، عن سالم ، عن سعيد بن جبير ( وآتوا حقه يوم حصاده ) قال : كان هذا قبل الزكاة : للمساكين ، القبضة الضغث لعلف دابته .

وفي حديث ابن لهيعة ، عن دراج ، عن أبي الهيثم ، عن سعيد مرفوعا : ( وآتوا حقه يوم حصاده ) قال : ما سقط من السنبل . رواه ابن مردويه .

وقال آخرون : هذا كله شيء كان واجبا ، ثم نسخه الله بالعشر ونصف العشر . حكاه ابن جرير عن ابن عباس ، ومحمد ابن الحنفية ، وإبراهيم النخعي ، والحسن ، والسدي ، وعطية العوفي . واختاره ابن جرير ، رحمه الله .

قلت : وفي تسمية هذا نسخا نظر; لأنه قد كان شيئا واجبا في الأصل ، ثم إنه فصل بيانه وبين مقدار المخرج وكميته . قالوا : وكان هذا في السنة الثانية من الهجرة ، فالله أعلم .

وقد ذم الله سبحانه الذين يصومون ولا يتصدقون ، كما ذكر عن أصحاب الجنة في سورة " ن " : ( إذ أقسموا ليصرمنها مصبحين ولا يستثنون فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون فأصبحت كالصريم ) أي : كالليل المدلهم سوداء محترقة ( فتنادوا مصبحين أن اغدوا على حرثكم إن كنتم صارمين فانطلقوا وهم يتخافتون أن لا يدخلنها اليوم عليكم مسكين وغدوا على حرد ) أي : قوة وجلد وهمة ( قادرين فلما رأوها قالوا إنا لضالون بل نحن محرومون قال أوسطهم ألم أقل لكم لولا تسبحون قالوا سبحان ربنا إنا كنا ظالمين فأقبل بعضهم على بعض يتلاومون قالوا يا ويلنا إنا كنا طاغين عسى ربنا أن يبدلنا خيرا منها إنا إلى ربنا راغبون كذلك العذاب ولعذاب الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون ) [ القلم : 17 - 33 ] .

وقوله : ( ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين ) قيل : معناه : ولا تسرفوا في الإعطاء ، فتعطوا فوق المعروف .

وقال أبو العالية : كانوا يعطون يوم الحصاد شيئا ، ثم تباروا فيه وأسرفوا ، فأنزل الله : ( ولا تسرفوا ) .

وقال ابن جريج نزلت في ثابت بن قيس بن شماس ، جذ نخلا . فقال : لا يأتيني اليوم أحد إلا أطعمته . فأطعم حتى أمسى وليست له ثمرة ، فأنزل الله : ( ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين ) رواه ابن جرير ، عنه .

وقال ابن جريج ، عن عطاء : ينهى عن السرف في كل شيء .

وقال إياس بن معاوية : ما جاوزت به أمر الله فهو سرف .

وقال السدي في قوله : ( ولا تسرفوا ) قال : لا تعطوا أموالكم ، فتقعدوا فقراء .

وقال سعيد بن المسيب ومحمد بن كعب ، في قوله : ( ولا تسرفوا ) قال : لا تمنعوا الصدقة فتعصوا .

ثم اختار ابن جرير قول عطاء : إنه نهي عن الإسراف في كل شيء . ولا شك أنه صحيح ، لكن الظاهر - والله أعلم - من سياق الآية حيث قال تعالى : ( كلوا من ثمره إذا أثمر وآتوا حقه يوم حصاده ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين ) أن يكون عائدا على الأكل ، أي : ولا تسرفوا في الأكل لما فيه من مضرة العقل والبدن ، كما قال تعالى : ( وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين ) [ الأعراف : 31 ] ، وفي صحيح البخاري تعليقا : " كلوا واشربوا ، والبسوا وتصدقوا ، في غير إسراف ولا مخيلة " وهذا من هذا ، والله أعلم .


تفسير الطبري :

فيه ثلاث وعشرون مسألة: الأولى: قوله تعالى {أنشأ} أي خلق. {جنات معروشات} أي بساتين ممسوكات مرفوعات. {وغير معروشات} غير مرفوعات. قال ابن عباس {معروشات} ما انبسط على الأرض مما يفرش مثل الكروم والزروع والبطيخ. {وغير معروشات} ما قام على ساق مثل النخل وسائر الأشجار. وقيل : المعروشات ما ارتفعت أشجارها. وأصل التعريش الرفع. وعن ابن عباس أيضا : المعروشات ما أثبته ورفعه الناس. وغير المعروشات ما خرج في البراري والجبال من الثمار. يدل عليه قراءة علي رضي الله عنه {مغروسات وغير مغروسات} بالغين المعجمة والسين المهملة. الثانية: قوله تعالى {والنخل والزرع} أفردهما بالذكر وهما داخلان في الجنات لما فيهما من الفضيلة؛ على ما تقدم بيانه في {البقرة} عند قوله {من كان عدوا لله وملائكته} [البقرة : 98] الآية. {مختلفا أكله} يعني طعمه منه الجيد والدون. وسماه أكلا لأنه يؤكل. و{أكله} مرفوع بالابتداء. و{مختلفا} نعته؛ ولكنه لما تقدم عليه وولي منصوبا نصب. كما تقول : عندي طباخا غلام. قال : الشر منتشر يلقاك عن عرض ** والصالحات عليها مغلقا باب وقيل {مختلفا} نصب على الحال. قال أبو إسحاق الزجاج : وهذه مسألة مشكلة من النحو؛ لأنه يقال : قد أنشأها ولم يختلف أكلها وهو ثمرها؛ فالجواب أن الله سبحانه أنشأها بقول {خالق كل شيء} [الأنعام : 102] فأعلم أنه أنشأها مختلفا أكلها؛ أي أنه أنشأها مقدرا فيه الاختلاف؛ وقد بين هذا سيبويه بقوله : مررت برجل معه صقر صائدا به غدا، على الحال؛ كما تقول؛ لتدخلن الدار آكلين شاربين؛ أي مقدرين ذلك. جواب ثالث : أي لما أنشأه كان مختلفا أكله، على معنى أنه لو كان له لكان مختلفا أكله. ولم يقل أكلهما؛ لأنه اكتفى بإعادة الذكر على أحدهما؛ كقول {وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها} [الجمعة : 11] أي إليهما. وقد تقدم هذا المعنى. الثالثة: قوله تعالى {والزيتون والرمان} عطف عليه {متشابها وغير متشابه} نصب على الحال، وقد تقدم القول فيه. وفي هذه أدلة ثلاثة؛ أحدها ما تقدم من قيام الدليل على أن المتغيرات لا بد لها من مغير. الثاني على المنة منه سبحانه علينا؛ فلو شاء إذ خلقنا ألا يخلق لنا غذاء، إذ خلقه ألا يكون جميل المنظر طيب الطعم، وإذ خلقه كذلك ألا يكون سهل الجني؛ فلم يكن عليه أن يفعل ذلك ابتداء؛ لأنه لا يجب عليه شيء. الثالث على القدرة في أن يكون الماء الذي من شأنه الرسوب يصعد بقدرة الله الواحد علام الغيوب من أسافل الشجرة إلى أعاليها، حتى إذا انتهى إلى آخرها نشأ فيها أوراق ليست من جنسها، وثمر خارج من صفته الجرم الوافر، واللون الزاهر، والجنى الجديد، والطعم اللذيذ؛ فأين الطبائع وأجناسها، وأين الفلاسفة وأناسها، هل في قدرة الطبيعة أن تتقن هذا الإتقان، أو ترتب هذا الترتيب العجيب! كلا! لا يتم ذلك في العقول إلا لحي عالم قدير مريد. فسبحان من له في كل شيء آية ونهاية! ووجه اتصال هذا بما قبله أن الكفار لما افتروا على الله الكذب وأشركوا معه وحللوا وحرموا دلهم على وحدانيته بأنه خالق الأشياء، وأنه جعل هذه الأشياء أرزاقا لهم. الرابعة: قوله تعالى {كلوا من ثمره إذا أثمر وآتوا حقه يوم حصاده} فهذان بناءان جاءا بصيغة أفعل، أحدهما مباح كقول {فانتشروا في الأرض} [الجمعة : 10] والثاني واجب. وليس يمتنع في الشريعة اقتران المباح والواجب، وبدأ بذكر نعمة الأكل قبل الأمر بإيتاء الحق ليبين أن الابتداء بالنعمة كان من فضله قبل التكليف. الخامسة: قوله تعالى {وآتوا حقه يوم حصاده} اختلف الناس في تفسير هذا الحق، ما هو؛ فقال أنس بن مالك وابن عباس وطاوس والحسن وابن زيد وابن الحنفية والضحاك وسعيد بن المسيب : هي الزكاة المفروضة، العشر ونصف العشر. ورواه ابن وهب وابن القاسم عن مالك في تفسير الآية، وبه قال بعض أصحاب الشافعي. وحكى الزجاج أن هذه الآية قيل فيها إنها نزلت بالمدينة. وقال علي بن الحسين وعطاء والحكم وحماد وسعيد بن جبير ومجاهد : هو حق في المال سوى الزكاة، أم الله به ندبا. وروي عن ابن عمر ومحمد بن الحنفية أيضا، ورواه أبو سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم. قال مجاهد : إذا حصدت فحضرك المساكين فاطرح لهم من السنبل، وإذا جذذت فألق لهم من الشماريخ، وإذا درسته ودسته وذريته فاطرح لهم منه، وإذا عرفت كيله فأخرج منه زكاته. وقول ثالث هو منسوخ بالزكاة؛ لأن هذه السورة مكية وآية الزكاة لم تنزل إلا بالمدينة {خذ من أموالهم صدقة} [التوبة : 103]، {وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة} [البقرة : 43]. روي عن ابن عباس وابن الحنفية والحسن وعطية العوفي والنخعي وسعيد بن جبير. وقال سفيان : سألت السدي عن هذه الآية فقال. نسخها العشر ونصف العشر. فقلت عمن؟ فقال عن العلماء. السادسة: وقد تعلق أبو حنيفة بهذه الآية وبعموم ما في قوله عليه السلام : (فيما سقت السماء العشر وفيما سقي بنضح أو دالية نصف العشر} في إيجاب الزكاة في كل ما تنبت الأرض طعاما كان أو غيره. وقال أبو يوسف عنه : إلا الحطب والحشيش والقضب والتين والسعف وقصب الذريرة وقصب السكر. وأباه الجمهور، معولين على أن المقصود من الحديث بيان ما يؤخذ منه العشر وما يؤخذ منه نصف العشر. قال أبو عمر : لا اختلاف بين العلماء فيما علمت أن الزكاة واجبة في الحنطة والشعير والتمر والزبيب. وقالت طائفة : لا زكاة في غيرها. روي ذلك عن الحسن وابن سيرين والشعبي. وقال به من الكوفيين ابن أبي ليلى والثوري والحسن بن صالح وابن المبارك يحيى بن آدم، وإليه ذهب أبو عبيد. وروي ذلك عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو مذهب أبي موسى، فإنه كان لا يأخذ الزكاة إلا من الحنطة والشعير والتمر والزبيب؛ ذكره وكيع عن طلحة بن يحيى عن أبي بردة عن أبيه. وقال مالك وأصحابه : الزكاة واجبة في كل مقتات مدخر؛ وبه قال الشافعي. وقال الشافعي : إنما تجب الزكاة فيما ييبس يدخر في كل مقتات مأكولا. ولا شيء في الزيتون لأنه إدام. وقال أبو ثور مثله. وقال أحمد أقوالا أظهرها أن الزكاة إنما تجب في كل ما قال أبو حنيفة إذا كان يوسق؛ فأوجبها في اللوز لأنه مكيل دون الجوز لأنه معدود. واحتج بقوله عليه السلام : (ليس فيما دون خمسة أوسق من تمر أو حب صدقة) قال : فبين النبي صلى الله عليه وسلم أن محل الواجب هو الوسق، وبين المقدار الذي يجب إخراج الحق منه. وذهب النخعي إلى أن الزكاة واجبة في كل ما أخرجته الأرض، حتى في عشر دساتج من بقل دستجة بقل. وقد اختلف عنه في ذلك، وهو قول عمر بن عبدالعزيز فإنه كتب أن يؤخذ مما تنبت الأرض من قليل أو كثير العشر؛ ذكره عبدالرزاق عن معمر عن سماك بن الفضل، قال : كتب عمر...؛ فذكره. وهو قول حماد بن أبي سليمان وتلميذه أبي حنيفة. وإلى هذا مال ابن العربي في أحكامه فقال : وأما أبو حنيفة فجعل الآية مرآته فأبصر الحق، وأخذ يعضد مذهب الحنفي ويقويه. وقال في كتاب (القبس بما عليه الإمام مالك بن أنس) فقال : قال الله تعالى {والزيتون والرمان متشابها وغير متشابه} [الأنعام : 141]. واختلف الناس في وجوب الزكاة في جميع ما تضمنته أو بعضه، وقد بينا ذلك، في (الأحكام) لبابه، أن الزكاة إنما تتعلق بالمقتات كما بينا دون الخضراوات؛ وقد كان بالطائف الرمان والفرسك والأترج فما اعترضه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا ذكره ولا أحد من خلفائه. قلت : هذا وإن لم يذكره في الأحكام هو الصحيح في المسألة، وأن الخضراوات ليس فيها شيء. وأما الآية فقد اختلف فيها، هل هي محكمة أو منسوخة أو محمولة على الندب. ولا قاطع يبين أحد محاملها، بل القاطع المعلوم ما ذكره ابن بكير في أحكامه : أن الكوفة افتتحت بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم وبعد استقرار الأحكام في المدينة، أفيجوز أن يتوهم متوهم أو من له أدنى بصيرة أن تكون شريعة مثل هذه عطلت فلم يعمل بها في دار الهجرة ومستقر الوحي ولا في خلافة أبي بكر، حتى عمل بذلك الكوفيون؟. إن هذه لمصيبة فيمن ظن هذا وقال به! قلت : ومما يدل على هذا من معنى التنزيل قوله تعالى {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته} [المائدة : 67] أتراه يكتم شيئا أمر بتبليغه أو ببيانه؟ حاشاه عن ذلك وقال تعالى {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي}المائدة : 3] ومن كمال الدين كونه لم يأخذ من الخضراوات شيئا. وقال جابر بن عبدالله فيما رواه الدارقطني : إن المقاثئ كانت تكون عندنا تخرج عشرة آلاف فلا يكون فيها شيء. وقال الزهري والحسن : تزكى أثمان الخضر إذا بيعت وبلغ الثمن مائتي درهم؛ وقاله الأوزاعي في ثمن الفواكه. ولا حجة في قولهما لما ذكرنا. وقد روى الترمذي عن معاذ أنه كتب إلى النبي صلى الله عليه وسلم يسأله عن الخضراوات وهي البقول فقال : (ليس فيها شيء). وقد روي هذا المعنى عن جابر وأنس وعلي ومحمد بن عبدالله بن جحش وأبي موسى وعائشة. ذكر أحاديثهم الدار قطني رحمه الله. قال الترمذي : ليس يصح في هذا الباب عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء. واحتج بعض أصحاب أبي حنيفة بحديث صالح بن موسى عن منصور عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (فيما أنبتت الأرض من الخضر زكاة). قال أبو عمر : وهذا حديث لم يروه من ثقات أصحاب منصور أحد هكذا، وإنما هو من قول إبراهيم. قلت : وإذا سقط الاستدلال من جهة السنة لضعف أسانيدها فلم يبق إلا ما ذكرناه من تخصيص عموم الآية، وعموم قوله عليه السلام : (فيما سقت السماء العشر) ما ذكرنا. وقال أبو يوسف ومحمد : ليس في شيء من الخضر زكاة إلا ما كانت له ثمرة باقية، سوى الزعفران ونحوه مما يوزن ففيه الزكاة. وكان محمد يعتبر في العصفر والكتان البزر، فإذا بلغ بزرهما من القرطم والكتان خمسة أوسق كان العصفر والكتان تبعا للبزر، وأخذ منه العشر أو نصف العشر. وأما القطن فليس فيه عنده دون خمسة أحمال شيء؛ والحمل ثلاثمائة من بالعراقي. والورس والزعفران ليس فيما دون خمسة أمنان منها شيء. فإذا بلغ أحدهما خمسة أمنان كانت فيه الصدقة، عشرا أو نصف، العشر. وقال أبو يوسف : وكذلك قصب السكر الذي يكون منه السكر، ويكون في أرض العشر دون أرض الخراج، فيه ما في الزعفران. وأوجب عبدالملك بن الماجشون الزكاة في أصول الثمار دون البقول. وهذا خلاف ما عليه مالك وأصحابه، لا زكاة عندهم لا في اللوز ولا في الجوز ولا في الجلوز وما كان مثلها، وإن كان ذلك يدخر. كما أنه لا زكاة عندهم في الإجاص ولا في التفاح ولا في الكمثرى، ولا ما كان مثل ذلك كله مما لا ييبس ولا يدخر. واختلفوا في التين؛ والأشهر عند أهل المغرب ممن يذهب مذهب مالك أنه لا زكاة عندهم في التين. إلا عبدالملك بن حبيب فإنه كان يرى فيه الزكاة على مذهب مالك، قياسا على التمر والزبيب. وإلى هذا ذهب جماعة من أهل العلم البغداد بين المالكيين، إسماعيل بن إسحاق ومن اتبعه. قال مالك في الموطأ : السنة التي لا اختلاف فيها عندنا، والذي سمعته من أهل العلم، أنه ليس في شيء من الفواكه كلها صدقة : الرمان والفرسك والتين وما أشبه ذلك. وما لم يشبهه إذا كان من الفواكه. قال أبو عمر : فأدخل التين في هذا الباب، وأظنه (والله أعلم) لم يعلم بأنه ييبس ويدخر ويقتات، ولو علم ذلك ما أدخله في هذا الباب؛ لأنه أشبه بالتمر والزبيب منه بالرمان. وقد بلغني عن الأبهري وجماعة من أصحابه أنهم كانوا يفتون بالزكاة فيه، ويرونه مذهب مالك على أصوله عندهم. والتين مكيل يراعى فيه الخمسة الأوسق وما كان مثلها وزنا، ويحكم في التين عندهم بحكم التمر والزبيب المجتمع عليهما. وقال الشافعي : لا زكاة في شيء من الثمار غير التمر والعنب؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ الصدقة منهما وكانا قوتا بالحجاز يدخر. قال : وقد يدخر الجوز واللوز ولا زكاة فيهما؛ لأنهما لم يكونا بالحجاز قوتا فيما علمت، وإنما كانا فاكهة. ولا زكاة في الزيتون، لقوله تعالى{والزيتون والرمان} [الأنعام : 141]. فقرنه مع الرمان، ولا زكاة فيه. وأيضا فإن التين أنفع منه في القوت ولا زكاة فيه. وللشافعي قول بزكاة الزيتون قاله بالعراق، والأول قاله بمصر؛ فاضطرب قول الشافعي في الزيتون، ولم يختلف فيه قول مالك. فدل على أن الآية محكمة عندهما غير منسوخة. واتفقا جميعا على أن لا زكاة في الرمان، وكان يلزمهما إيجاب الزكاة فيه. قال أبو عمر : فإن كان الرمان خرج باتفاق فقد بان بذلك المراد بأن الآية ليست على عمومها، وكان الضمير عائدا على بعض المذكور دون بعض. والله أعلم. قلت : بهذا استدل من أوجب العشر في الخضراوات فإنه تعالى قال {وآتوا حقه يوم حصاده} والمذكور قبله الزيتون والرمان، والمذكور عقيب. جملة ينصرف إلى الأخير بلا خلاف؛ قال الكيا الطبري. وروي عن ابن عباس أنه قال : ما لقحت رمانة قط إلا بقطرة من ماء الجنة. وروي عن علي كرم الله وجهه أنه قال : إذا أكلتم الرمانة فكلوها بشحمها فإنه دباغ المعدة. وذكر ابن عساكر في تاريخ دمشق عن ابن عباس قال : لا تكسروا الرمانة من رأسها فإن فيها دودة يعتري منها الجذام. وسيأتي منافع زيت الزيتون في سورة {المؤمنون} إن شاء الله تعالى. وممن قال بوجوب زكاة الزيتون الزهري والأوزاعي والليث والثوري وأبو حنيفة وأصحابه وأبو ثور. قال الزهري والأوزاعي والليث : يخرص زيتونا ويؤخذ زيتا صافيا. وقال مالك : لا يخرص، ولكن يؤخذ العشر بعد أن يعصر ويبلغ كيله خمسة أوسق. وقال أبو حنيفة والثوري : يؤخذ من حبه. السابعة: قوله تعالى {يوم حصاده} قرأ أبو عمرو وابن عامر وعاصم {حصاده} بفتح الحاء، والباقون بكسرها، وهما لغتان مشهورتان؛ ومثله الصَرام والصِرام والجَذاذ والجِذاذ والقَطاف والقِطاف واختلف العلماء في وقت الوجوب على ثلاثة أقوال : الأول : أنه وقت الجذاذ؛ قال محمد بن مسلمة؛ لقوله تعالى {يوم حصاده}. الثاني : يوم الطيب؛ لأن ما قبل الطيب يكون علفا لا قوتا ولا طعاما؛ فإذا طاب وحان الأكل الذي أنعم الله به وجب الحق الذي أمر الله به، إذ بتمام النعمة يجب شكر النعمة، ويكون الإيتاء الحصاد لما قد وجب يوم الطيب. الثالث : أنه يكون بعد تمام الخرص؛ لأنه حينئذ يتحقق الواجب فيه من الزكاة فيكون شرطا لوجوبها. أصله مجيء الساعي في الغنم؛ وبه قال المغيرة. والصحيح الأول لنص التنزيل. والمشهور من المذهب الثاني، وبه قال الشافعي. وفائدة الخلاف إذا مات بعد الطيب زكيت على ملكه، أو قبل الخرص على ورثته. وقال محمد بن مسلمة : إنما قدم الخرص توسعة على أرباب الثمار، ولو قدم رجل زكاته بعد الخرص وقبل الجذاذ لم يجزه؛ لأنه أخرجها قبل وجوبها. وقد اختلف العلماء في القول بالخرص وهي:-الثامنة: فكرهه الثوري ولم يجزه بحال، وقال : الخرص غير مستعمل. قال : وإنما على رب الحائط أن يؤدي عشر ما يصير في يده للمساكين إذا بلغ خمسة أوسق. وروى الشيباني عن الشعبي أنه قال : الخرص اليوم بدعة. والجمهور على خلاف هذا، ثم اختلفوا فالمعظم على جوازه في النخل والعنب؛ لحديث عتاب بن أسيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه وأمره أن يخرص العنب كما يخرص النخل وتؤخذ زكاته زبيبا كما تؤخذ زكاة النخل تمرا. رواه أبو داود. وقال داود بن علي : الخرص للزكاة جائز في النخل، وغير جائز في العنب؛ ودفع حديث عتاب بن أسيد لأنه منقطع ولا يتصل من طريق صحيح، قال أبو محمد عبدالحق. التاسعة: وصفة الخرص أن يقدر ما على نخله رطبا ويقدر ما ينقص لو يتمر، ثم يعتد بما بقي بعد النقص ويضيف بعض ذلك إلى بعض حتى يكمل الحائط، وكذلك في العنب في كل دالية. العاشرة: ويكفي في الخرص الواحد كالحاكم. فإذا كان في التمر زيادة على ما خرص لم يلزم رب الحائط الإخراج عنه، لأنه حكم قد نفذ؛ قال عبدالوهاب. وكذلك إذا نقصى لم تنقص الزكاة. قال الحسن : كان المسلمون يخرص عليهم ثم يؤخذ منهم على ذلك الخرص. الحادية عشرة: فإن استكثر رب الحائط الخرص خيره الخارص في أن يعطيه ما خرص وأخذ خرصه؛ ذكره عبدالرزاق أخبرنا ابن جريج عن أبي الزبير أنه سمع جابر بن عبدالله يقول : خرص ابن رواحة أربعين ألف وسق، وزعم أن اليهود لما خيرهم أخذوا التمر وأعطوه عشرين ألف وسق. قال ابن جريج فقلت لعطاء : فحق على الخارص إذا استكثر سيد المال الخرص أن يخيره كما خير ابن رواحة اليهود؟ قال : أي لعمري! وأي سنة خير من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. الثانية عشرة: ولا يكون الخرص إلا بعد الطيب؛ لحديث عائشة قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبعث ابن رواحة إلى اليهود فيحرص عليهم النخل حين تطيب أول التمرة قبل أن يؤكل منها، ثم يخير يهودا يأخذونها بذلك الخرص أو يدفعونها إليه. وإنما كان أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخرص لكي تحصى الزكاة قبل أن تؤكل الثمار وتفرق. أخرجه الدار قطني من حديث ابن جريج عن الزهري عن عروة عن عائشة. قال : ورواه صالح بن أبي الأخضر عن الزهري عن ابن المسيب عن أبي هريرة، وأرسله مالك ومعمر وعقيل عن الزهري عن سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم. الثالثة عشرة: فإذا خرص الخارص فحكمه أن يسقط من خرصه مقدارا ما؛ لما رواه أبو داود والترمذي والبستي في صحيحه عن سهل بن أبي حثمة أن النبي كان يقول : (إذا خرصتم فخذوا ودعوا الثلث فإن لم تدعوا الثلث فدعوا الربع). لفظ الترمذي. قال أبو داود : الخارص يدع الثلث للخرفة : وكذا قال يحيى القطان. وقال أبو حاتم البستي : لهذا الخبر صفتان : أحدهما أن يترك الثلث أو الربع من العشر، والثاني أن يترك ذلك من نفس التمر قبل أن يعشر، إذا كان ذلك حائطا كبيرا يحتمله. الخرفة بضم الخاء : ما يخترف من النخل حين يدرك ثمره، أي يجتنى. يقال : التمر خرفة الصائم؛ عن الجوهري والهروي. والمشهور من مذهب مالك أنه لا يترك الخارص شيئا في حين خرصه من تمر النخل والعنب إلا خرصه. وقد روى بعض المدنيين أنه يخفف في الخرص ويترك للعرايا والصلة ونحوها. الرابعة عشرة: فإن لحقت الثمرة جائحة بعد الخرص وقبل الجذاذ سقطت الزكاة عنه بإجماع من أهل العلم، إلا أن يكون فيما بقي منه خمسة أوسق فصاعدا. الخامسة عشرة: ولا زكاة في أقل من خمسة أوسق، كذا جاء مبينا عن النبي صلى الله عليه وسلم. وهو في الكتاب مجمل، قال الله تعالى {يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض} [البقرة : 267]. وقال تعالى {وآتوا حقه}. ثم وقع البيان بالعشر ونصف العشر. ثم لما كان المقدار الذي إذا بلغه المال أخذ منه الحق مجملا بينه أيضا فقال : (ليس فيما دون خمسة أوسق من تمر أو حب صدقة) وهو ينفي الصدقة في الخضراوات، إذ ليست مما يوسق؛ فمن حصل له خمسة أوسق في نصيبه من تمر أو حب وجبت عليه الزكاة، وكذلك من زبيب؛ وهو المسمى بالنصاب عند العلماء. يقال : وَسق ووِسق (بكسر الواو وفتحها) وهو ستون صاعا، والصاع أربعة أمداد، والمد رطل وثلث بالبغدادي ومبلغ الخمسة الأوسق من الأمداد ألف مد ومائتا مد، وهي بالوزن ألف رطل وستمائة رطل. السادسة عشرة: ومن حصل له من تمر وزبيب معا خمسة أوسق لم تلزمه الزكاة إجماعا؛ لأنهما صنفان مختلفان. وكذلك أجمعوا على أنه لا يضاف التمر إلى البر ولا البر إلى الزبيب؛ ولا الإبل إلى البقر، ولا البقر إلى الغنم. ويضاف الضأن إلى المعز بإجماع. واختلفوا في ضم البر إلى الشعير والسلت وهي: السابعة عشرة: فأجازه مالك في هذه الثلاثة خاصة فقط؛ لأنها في معنى الصنف الواحد لتقاربها في المنفعة واجتماعها في المنبت والمحصد، وافتراقها في الاسم لا يوجب افتراقها في الحكم كالجواميس والبقر، والمعز والغنم. وقال الشافعي وغيره : لا يجمع بينها؛ لأنها أصناف مختلفة، وصفاتها متباينة، وأسماؤها متغايرة، وطعمها مختلف؛ وذلك يوجب افتراقها. والله أعلم. قال مالك : والقطاني كلها صنف واحد، يضم إلى بعض. وقال الشافعي : لا يضم حبة عرفت باسم منفرد دون صاحبتها، وهي خلافها مباينة في الخلقة والطعم إلى غيرها. يضم كل صنف بعضه إلى بعض، رديئه إلى جيده؛ كالتمر وأنواعه، والزبيب أسوده وأحمره، والحنطة وأنواعها من السمراء وغيرها. وهو قول الثوري وأبي حنيفة وصاحبيه أبي يوسف ومحمد وأبي ثور. وقال الليث : تضم الحبوب كلها : القطنية وغيرها بعضها إلى بعض في الزكاة. وكان أحمد بن حنبل يجبن عن ضم الذهب إلى الورق، وضم الحبوب بعضها إلى بعض، ثم كان في آخر أمره يقول فيها بقول الشافعي. الثامنة عشرة: قال مالك : وما استهلكه منه ربه بعد بدو صلاحه أو بعدما أفرك حسب عليه، وما أعطاه ربه منه في حصاده وجذاذه، ومن الزيتون في التقاطه، تحرى ذلك وحسب عليه. وأكثر الفقهاء يخالفونه في ذلك، ولا يوجبون الزكاة إلا فيما حصل في يده بعد الدرس. قال الليث في زكاة الحبوب : يبدأ بها قبل النفقة، وما أكل من فريك هو وأهله فلا يحسب عليه، بمنزلة الذي يترك لأهل الحائط يأكلونه فلا يخرص عليهم. وقال الشافعي : يترك الخارص لرب الحائط ما يأكله هو وأهله رطبا، لا يخرصه عليهم. وما أكله وهو رطب لم يحسب عليه. قال أبو عمر : احتج الشافعي ومن وافقه بقول الله تعالى{كلوا من ثمره إذا أثمر وآتوا حقه يوم حصاده}. واستدلوا على أنه لا يحتسب بالمأكول قبل الحصاد بهذه الآية. واحتجوا بقوله عليه السلام : (إذا خرصتم فدعوا الثلث فإن لم تدعوا الثلث فدعوا الربع). وما أكلت الدواب والبقر منه عند الدرس لم يحسب منه شيء على صاحبه عند مالك وغيره. التاسعة عشرة: وما بيع من الفول والحمص والجلبان أخضر؛ تحري مقدار ذلك يابسا وأخرجت زكاته حبا. وكذا ما بيع من الثمر أخضر اعتبر وتوخي وخرص يابسا وأخرجت زكاته على ذلك الخرص زبيبا وتمرا. وقيل : يخرج من ثمنه. الموفية عشرين: وأما ما لا يتتمر من ثمر النخل ولا يتزبب من العنب كعنب مصر وبلحها، وكذلك زيتونها الذي لا يعصر، فقال مالك : تخرج زكاته من ثمنه، لا يكلف غير ذلك صاحبه، ولا يراعى فيه بلوغ ثمنه عشرين مثقالا أو مائتي درهم، وإنما ينظر إلى ما يرى أنه يبلغه خمسة أوسق فأكثر. وقال الشافعي : يخرج عشره أو نصف عشره من وسطه تمرا إذا أكله أهله رطبا أو أطعموه. الحادية والعشرون: روى أبو داود عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (فيما سقت السماء والأنهار والعيون أو كان بعلا العشر، وفيما سقي بالسواني أو النضح نصف العشر وكذلك إن كان يشرب سيحا فيه العشر). وهو الماء الجاري على وجه الأرض؛ قال ابن السكيت. ولفظ السيح مذكور في الحديث، خرجه النسائي. فإن كان يشرب بالسيح لكن رب الأرض لا يملك ماء وإنما يكتريه له فهو كالسماء؛ على المشهور من المذهب. ورأى أبو الحسن اللخمي أنه كالنضح؛ فلو سقي مرة بماء السماء ومرة بدالية؛ فقال مالك : ينظر إلى ما تم به الزرع وحيي وكان أكثر؛ فيتعلق الحكم عليه. هذه رواية ابن القاسم عنه. وروى عنه ابن وهب : إذا سقي نصف سنة بالعيون ثم انقطع فسقي بقية السنة بالناضح فإن عليه نصف زكاته عشرا، والنصف الآخر نصف العشر. وقال مرة : زكاته بالذي تمت به حياته. وقال الشافعي : يزكى واحد منهما بحسابه. مثاله أن يشرب شهرين بالنضح وأربعة بالسماء؛ فيكون فيه ثلثا العشر لماء السماء وسدس العشر للنضح! وهكذا ما زاد ونقص بحساب. وبهذا كان يفتي بكار بن قتيبة. وقال أبو حنيفة وأبو يوسف : ينظر إلى الأغلب فيزكى، ولا يلتفت إلى ما سوى ذلك. وروي عن الشافعي. قال الطحاوي : قد اتفق الجميع على أنه لو سقاه بماء المطر يوما أو يومين أنه لا اعتبار به، ولا يجعل لذلك حصة؛ فدل على أن الاعتبار بالأغلب، والله أعلم. قلت : فهذه جملة من أحكام هذه الآية، ولعل غيرنا يأتي بأكثر منها على ما يفتح الله له. وقد مضى في {البقرة} جملة من معنى هذه الآية، والحمد لله. الثانية والعشرون: وأما قوله صلى الله عليه وسلم : (ليس في حب ولا تمر صدقة) فخرجه النسائي. قال حمزة الكناني : لم يذكر في هذا الحديث (في حب) غير إسماعيل بن أمية، وهو ثقة قرشي من ولد سعيد بن العاص. قال : وهذه السنة لم يروها أحد عن النبي صلى الله عليه وسلم من أصحابه غير أبي سعيد الخدري. قال أبو عمر : هو كما قال حمزة، وهذه سنة جليلة تلقاها الجميع بالقبول، ولم يروها أحد عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجه ثابت محفوظ غير أبي سعيد. وقد روى جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل ذلك، ولكنه غريب، وقد وجدناه من حديث أبي هريرة بإسناد حسن. الثالثة والعشرون: قوله تعالى {ولا تسرفوا} الإسراف في اللغة الخطأ. وقال أعرابي أراد قوما : طلبتكم فسرفتكم؛ أي أخطأت موضعكم. وقال الشاعر : وقال قائلهم والخيل تخبطهم ** أسرفتم فأجبنا أننا سرف والإسراف في النفقة : التبذير. ومسرف لقب مسلم بن عقبة المري صاحب وقعة الحرة؛ لأنه قد أسرف فيها. قال علي بن عبدالله بن العباس : هم منعوا ذماري يوم جاءت ** كتائب مسرف وبني اللكيعه والمعنى المقصود من الآية : لا تأخذوا الشيء بغير حقه ثم تضعوه في غير حقه؛ قاله أصبغ بن الفرج. ونحوه قول إياس بن معاوية : ما جاوزت به أمر الله فهو سرف وإسراف. وقال ابن زيد : هو خطاب للولاة، يقول : لا تأخذوا فوق حقكم وما لا يجب على الناس. والمعنيان يحتملهما قوله عليه السلام : (المعتدي في الصدقة كمانعها). وقال مجاهد : لو كان أبو قبيس ذهبا لرجل فأنفقه في طاعة الله لم يكن مسرفا، ولو أنفق درهما أو مدا في معصية الله كان مسرفا. وفي هذا المعنى قيل لحاتم : لا خير في السرف؛ فقال : لا سرف في الخير. قلت : وهذا ضعيف؛ يرده ما روى ابن عباس أن ثابت بن قيس بن شماس عمد إلى خمسمائة نخلة فجذها ثم قسمها في يوم واحد ولم يترك لأهله شيئا؛ فنزلت {ولا تسرفوا} أي لا تعطوا كله. وروى عبدالرزاق عن ابن جريج قال : جذ معاذ بن جبل نخله فلم يزل يتصدق حتى لم يبق منه شي : فنزل {ولا تسرفوا}. قال السدي {ولا تسرفوا} أي لا تعطوا أموالكم فتقعدوا فقراء. وروي عن معاوية بن أبي سفيان أنه سئل عن قوله تعالى {ولا تسرفوا} قال : الإسراف ما قصرت عن حق الله تعالى. قلت : فعلى هذا تكون الصدقة بجميع المال ومنه إخراج حق المساكين داخلين، في حكم السرف، والعدل خلاف هذا؛ فيتصدق ويبقي كما قال عليه السلام : (خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى) إلا أن يكون قوي النفس غنيا بالله متوكلا عليه منفردا لا عيال له، فله أن يتصدق بجميع ماله، وكذلك يخرج الحق الواجب عليه من زكاة وما يعن في بعض الأحوال من الحقوق المتعينة في المال. وقال عبدالرحمن بن زيد بن أسلم : الإسراف ما لم يقدر على رده إلى الصلاح. والسرف ما يقدر على رده إلى الصلاح. وقال النضر بن شميل : الإسراف التبذير والإفراط، والسرف الغفلة والجهل. قال جرير : أعطوا هنيدة يحدوها ثمانية ** ما في عطائهم من ولا سرف أي إغفال، ويقال : خطأ. ورجل سرف الفؤاد، أي مخطئ الفؤاد غافله. قال طرفة : إن امرأ سرف الفؤاد يرى ** عسلا بماء سحابة شتمي

التفسير الميسّر:

والله سبحانه وتعالى هو الذي أوجد لكم بساتين: منها ما هو مرفوع عن الأرض كالأعناب، ومنها ما هو غير مرفوع، ولكنه قائم على سوقه كالنخل والزرع، متنوعًا طعمه، والزيتون والرمان متشابهًا منظره، ومختلفًا ثمره وطعمه. كلوا -أيها الناس- مِن ثمره إذا أثمر، وأعطوا زكاته المفروضة عليكم يوم حصاده وقطافه، ولا تتجاوزوا حدود الاعتدال في إخراج المال وأكل الطعام وغير ذلك. إنه تعالى لا يحب المتجاوزين حدوده بإنفاق المال في غير وجهه.

تفسير السعدي

لما ذكر تعالى تصرف المشركين في كثير مما أحله الله لهم من الحروث والأنعام، ذكر تبارك وتعالى نعمته عليهم بذلك، ووظيفتهم اللازمة عليهم في الحروث والأنعام فقال: { وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ } أي: بساتين، فيها أنواع الأشجار المتنوعة، والنباتات المختلفة. { مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ } أي: بعض تلك الجنات، مجعول لها عرش، تنتشر عليه الأشجار، ويعاونها في النهوض عن الأرض. وبعضها خال من العروش، تنبت على ساق، أو تنفرش في الأرض، وفي هذا تنبيه على كثرة منافعها، وخيراتها، وأنه تعالى، علم العباد كيف يعرشونها، وينمونها. { وَ } أنشأ تعالى { النخل وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ } أي: كله في محل واحد، ويشرب من ماء واحد، ويفضل الله بعضه على بعض في الأكل. وخص تعالى النخل والزرع على اختلاف أنواعه لكثرة منافعها، ولكونها هي القوت لأكثر الخلق. { وَ } أنشأ تعالى { الزيتون وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا } في شجره { وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ } في ثمره وطعمه. كأنه قيل: لأي شيء أنشأ الله هذه الجنات، وما عطف عليها؟ فأخبر أنه أنشأها لمنافع العباد فقال: { كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ } أي: النخل والزرع { إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ } أي: أعطوا حق الزرع، وهو الزكاة ذات الأنصباء المقدرة في الشرع، أمرهم أن يعطوها يوم حصادها، وذلك لأن حصاد الزرع بمنزلة حولان الحول، لأنه الوقت الذي تتشوف إليه نفوس الفقراء، ويسهل حينئذ إخراجه على أهل الزرع، ويكون الأمر فيها ظاهرا لمن أخرجها، حتى يتميز المخرج ممن لا يخرج. وقوله: { وَلَا تُسْرِفُوا } يعم النهي عن الإسراف في الأكل، وهو مجاوزة الحد والعادة، وأن يأكل صاحب الزرع أكلا يضر بالزكاة، والإسراف في إخراج حق الزرع بحيث يخرج فوق الواجب عليه، ويضر نفسه أو عائلته أو غرماءه، فكل هذا من الإسراف الذي نهى الله عنه، الذي لا يحبه الله بل يبغضه ويمقت عليه. وفي هذه الآية دليل على وجوب الزكاة في الثمار، وأنه لا حول لها، بل حولها حصادها في الزروع، وجذاذ النخيل، وأنه لا تتكرر فها الزكاة، لو مكثت عند العبد أحوالا كثيرة، إذا كانت لغير التجارة، لأن الله لم يأمر بالإخراج منه إلا وقت حصاده. وأنه لو أصابها آفة قبل ذلك بغير تفريط من صاحب الزرع والثمر، أنه لا يضمنها، وأنه يجوز الأكل من النخل والزرع قبل إخراج الزكاة منه، وأنه لا يحسب ذلك من الزكاة، بل يزكي المال الذي يبقى بعده. وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم، يبعث خارصا، يخرص للناس ثمارهم، ويأمره أن يدع لأهلها الثلث، أو الربع، بحسب ما يعتريها من الأكل وغيره، من أهلها، وغيرهم.


تفسير البغوي

قوله تعالى : ( وهو الذي أنشأ ) ابتدع . ( جنات ) بساتين ، ( معروشات وغير معروشات ) أي : مسموكات مرفوعات وغير مرفوعات ، وقال ابن عباس : معروشات : ما انبسط على وجه الأرض وانتشر مما يعرش ، مثل : الكرم والقرع والبطيخ وغيرها ، وغير معروشات : ما قام على ساق وبسق ، مثل النخل والزرع وسائر الأشجار .

وقال الضحاك : كلاهما ، الكرم خاصة ، منها ما عرش ومنها ما لم يعرش .

( والنخل والزرع ) أي : وأنشأ النخل والزرع ، ( مختلفا أكله ) ثمره وطعمه منها الحلو والحامض والجيد والرديء ، ( والزيتون والرمان متشابها ) في المنظر ، ( وغير متشابه ) في المطعم مثل الرمانتين لونهما واحد وطعمهما مختلف ، ( كلوا من ثمره إذا أثمر ) هذا أمر إباحة .

( وآتوا حقه يوم حصاده ) قرأ أهل البصرة وابن عامر وعاصم ( حصاده ) بفتح الحاء ، وقرأ الآخرون بكسرها ومعناهما واحد ، كالصرام والصرام والجزاز والجزاز .

واختلفوا في هذا الحق : فقال ابن عباس وطاوس والحسن وجابر بن زيد وسعيد بن المسيب : إنها الزكاة المفروضة من العشر ونصف العشر .

وقال علي بن الحسين وعطاء ومجاهد وحماد والحكم : هو حق في المال سوى الزكاة ، أمر بإتيانه ، لأن الآية مكية وفرضت الزكاة بالمدينة .

قال إبراهيم : هو الضغث . وقال الربيع : لقاط السنبل .

وقال مجاهد : كانوا يعلقون العذق عند الصرام فيأكل منه من مر .

وقال يزيد بن الأصم : كان أهل المدينة إذا صرموا يجيئون بالعذق فيعلقونه في جانب المسجد ، فيجيء المسكين فيضربه بعصاه فيسقط منه فيأخذه .

وقال سعيد بن جبير : كان هذا حقا يؤمر بإتيانه في ابتداء الإسلام فصار منسوخا بإيجاب العشر .

وقال مقسم عن ابن عباس : نسخت الزكاة كل نفقة في القرآن .

( ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين ) قيل : أراد بالإسراف إعطاء الكل . قال ابن عباس في رواية الكلبي : إن ثابت بن قيس بن شماس صرم خمسمائة نخلة وقسمها في يوم واحد ولم يترك لأهله شيئا ، فأنزل الله - عز وجل - هذه الآية .

قال السدي : لا تسرفوا أي لا تعطوا أموالكم فتقعدوا فقراء . قال الزجاج : على هذا إذا أعطى الإنسان كل ماله ولم يوصل إلى عياله شيئا فقد أسرف ، لأنه قد جاء في الخبر " ابدأ بمن تعول " . وقال سعيد بن المسيب : معناه لا تمنعوا الصدقة . فتأويل الآية على هذا : لا تتجاوز الحد في البخل والإمساك حتى تمنعوا الواجب من الصدقة .

وقال مقاتل : لا تشركوا الأصنام في الحرث والأنعام .

وقال الزهري : لا تنفقوا في المعصية ، وقال مجاهد : الإسراف ما قصرت به عن حق الله - عز وجل - ، وقال : لو كان أبو قبيس ذهبا لرجل فأنفقه في طاعة الله لم يكن مسرفا ولو أنفق درهما أو مدا في معصية الله كان مسرفا . وقال إياس بن معاوية : ما جاوزت به أمر الله فهو سرف وإسراف . وروى ابن وهب عن أبي زيد . قال : الخطاب للسلاطين ، يقول : لا تأخذوا فوق حقكم .


الإعراب:

(وَهُوَ الَّذِي) مبتدأ وخبر والجملة مستأنفة.

(أَنْشَأَ جَنَّاتٍ) فعل ماض ومفعوله المنصوب بالكسرة لأنه جمع مؤنث سالم.

(مَعْرُوشاتٍ) صفة.

(وَغَيْرَ) اسم معطوف على معروشات وهو مضاف و(مَعْرُوشاتٍ) مضاف إليه.

(وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ) عطف (مُخْتَلِفاً) حال منصوبة.

(أُكُلُهُ) فاعل لاسم الفاعل مختلف.

(وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ) عطف (مُتَشابِهاً) حال منصوبة.

(وَغَيْرَ) معطوف.

(مُتَشابِهٍ) مضاف إليه (كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ) فعل أمر تعلق به الجار والمجرور، مبني على حذف النون والواو فاعله، والجملة مستأنفة.

(إِذا) ظرف شرط غير جازم. وجملة (أَثْمَرَ) في محل جر بالإضافة.

(وَآتُوا) فعل أمر مثل كلوا، والواو فاعله، (حَقَّهُ) مفعوله الأول ومفعوله الثاني محذوف تقديره المحتاجين.

(يَوْمَ) ظرف زمان متعلق بآتوا.

(حَصادِهِ) مضاف إليه والجملة معطوفة.

(وَلا تُسْرِفُوا) فعل مضارع مجزوم بلا الناهية وعلامة جزمه حذف النون، والواو فاعل والجملة معطوفة (إِنَّهُ) إن واسمها (لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) مضارع ومفعوله ولا نافية وجملة (لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) خبر إنّ، وجملة إنه لا يحب المسرفين تعليلية لا محل لها.

---

Traslation and Transliteration:

Wahuwa allathee anshaa jannatin maAArooshatin waghayra maAArooshatin waalnnakhla waalzzarAAa mukhtalifan okuluhu waalzzaytoona waalrrummana mutashabihan waghayra mutashabihin kuloo min thamarihi itha athmara waatoo haqqahu yawma hasadihi wala tusrifoo innahu la yuhibbu almusrifeena

بيانات السورة

اسم السورة سورة الأنعام (Al-An'am - The Cattle)
ترتيبها 6
عدد آياتها 165
عدد كلماتها 3055
عدد حروفها 12418
معنى اسمها (الأَنْعَامُ): كُلُّ مَا لَهُ خُفٌّ وَظِلْفٌ مِن الحَيَوَانَاتِ، وَهِيَ: الإِبِلُ والبَقَرُ وَالغَنَمُ
سبب تسميتها انْفِرَادُ السُّورَةِ بِذِكْرِ أَحْكَامِ الأَنْعَامِ تَفْصِيلاً
أسماؤها الأخرى لَا يُعرَفُ للسُّورَةِ اسمٌ آخَرُ سِوَى سُورَةِ (الأنْعَامِ)
مقاصدها تَقْرِيرُ عَقِيدَةِ التَّوحِيدِ، وإثْبَاتِ النُّبُوَةِ، وَالبَعْثِ وَالنُّشُورِ
أسباب نزولها سُورَةٌ مَكِّيَّةٌ، لَمْ يُنقَل سَبَبٌ لِنـُزُوْلِهَا جُملَةً وَاحِدَةً، ولكِن صَحَّ لِبَعضِ آياتِها سَبَبُ نُزُولٍ
فضلها هِيَ مِنَ السَّبعِ، قَالَ ﷺ: «مَن أخَذَ السَّبعَ الْأُوَلَ منَ القُرآنِ فَهُوَ حَبْرٌ» أَيْ: عَالِم. (حَدِيثٌ حَسَنٌ، رَوَاهُ أَحمَد)
مناسبتها مُنَاسَبَةُ أَوَّلِ سُورَةِ (الْأَنْعَامِ) بِآخِرِهَا: الحَدِيثُ عَنْ تَسْوِيَةِ الكَافِرِ عِبَادَةَ غَيْرِ اللهِ مَعَ اللهِ تَعَالَى. فَقَالَ فِي فَاتِحَتِهَا: ﴿ثم الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ﴾، وَقَالَ فِي آخِرِهَا: ﴿وَهُم بِرَبِّهِمۡ يَعۡدِلُونَ ١٥٠﴾. مُنَاسَبَةُ سُورَةِ (الْأَنْعَامِ) لِمَا قَبلَهَا مِنْ سُورَةِ (المَائِدَةِ): الحَدِيثُ عَنْ مُلكِ اللهِ؛ إِذْ خُتِمَتِ (المَائدةُ) بِقَولِهِ: ﴿لِلَّهِ مُلۡكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا فِيهِنَّۚ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرُۢ ١٢٠﴾، وافْتُتِحَتِ (الأَنْعَامُ) بِقَولِهِ: ﴿ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ ...١﴾..
اختر الًجزء:
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30
اختر السورة:
1 - ﴿الفاتحة﴾
2 - ﴿البقرة﴾
3 - ﴿آل عمران﴾
4 - ﴿النساء﴾
5 - ﴿المائدة﴾
6 - ﴿الأنعام﴾
7 - ﴿الأعراف﴾
8 - ﴿الأنفال﴾
9 - ﴿التوبة﴾
10 - ﴿يونس﴾
11 - ﴿هود﴾
12 - ﴿يوسف﴾
13 - ﴿الرعد﴾
14 - ﴿إبراهيم﴾
15 - ﴿الحجر﴾
16 - ﴿النحل﴾
17 - ﴿الإسراء﴾
18 - ﴿الكهف﴾
19 - ﴿مريم﴾
20 - ﴿طه﴾
21 - ﴿الأنبياء﴾
22 - ﴿الحج﴾
23 - ﴿المؤمنون﴾
24 - ﴿النور﴾
25 - ﴿الفرقان﴾
26 - ﴿الشعراء﴾
27 - ﴿النمل﴾
28 - ﴿القصص﴾
29 - ﴿العنكبوت﴾
30 - ﴿الروم﴾
31 - ﴿لقمان﴾
32 - ﴿السجدة﴾
33 - ﴿الأحزاب﴾
34 - ﴿سبأ﴾
35 - ﴿فاطر﴾
36 - ﴿يس﴾
37 - ﴿الصافات﴾
38 - ﴿ص﴾
39 - ﴿الزمر﴾
40 - ﴿غافر﴾
41 - ﴿فصلت﴾
42 - ﴿الشورى﴾
43 - ﴿الزخرف﴾
44 - ﴿الدخان﴾
45 - ﴿الجاثية﴾
46 - ﴿الأحقاف﴾
47 - ﴿محمد﴾
48 - ﴿الفتح﴾
49 - ﴿الحجرات﴾
50 - ﴿ق﴾
51 - ﴿الذاريات﴾
52 - ﴿الطور﴾
53 - ﴿النجم﴾
54 - ﴿القمر﴾
55 - ﴿الرحمن﴾
56 - ﴿الواقعة﴾
57 - ﴿الحديد﴾
58 - ﴿المجادلة﴾
59 - ﴿الحشر﴾
60 - ﴿الممتحنة﴾
61 - ﴿الصف﴾
62 - ﴿الجمعة﴾
63 - ﴿المنافقون﴾
64 - ﴿التغابن﴾
65 - ﴿الطلاق﴾
66 - ﴿التحريم﴾
67 - ﴿الملك﴾
68 - ﴿القلم﴾
69 - ﴿الحاقة﴾
70 - ﴿المعارج﴾
71 - ﴿نوح﴾
72 - ﴿الجن﴾
73 - ﴿المزمل﴾
74 - ﴿المدثر﴾
75 - ﴿القيامة﴾
76 - ﴿الإنسان﴾
77 - ﴿المرسلات﴾
78 - ﴿النبأ﴾
79 - ﴿النازعات﴾
80 - ﴿عبس﴾
81 - ﴿التكوير﴾
82 - ﴿الانفطار﴾
83 - ﴿المطففين﴾
84 - ﴿الانشقاق﴾
85 - ﴿البروج﴾
86 - ﴿الطارق﴾
87 - ﴿الأعلى﴾
88 - ﴿الغاشية﴾
89 - ﴿الفجر﴾
90 - ﴿البلد﴾
91 - ﴿الشمس﴾
92 - ﴿الليل﴾
93 - ﴿الضحى﴾
94 - ﴿الشرح﴾
95 - ﴿التين﴾
96 - ﴿العلق﴾
97 - ﴿القدر﴾
98 - ﴿البينة﴾
99 - ﴿الزلزلة﴾
100 - ﴿العاديات﴾
101 - ﴿القارعة﴾
102 - ﴿التكاثر﴾
103 - ﴿العصر﴾
104 - ﴿الهمزة﴾
105 - ﴿الفيل﴾
106 - ﴿قريش﴾
107 - ﴿الماعون﴾
108 - ﴿الكوثر﴾
109 - ﴿الكافرون﴾
110 - ﴿النصر﴾
111 - ﴿المسد﴾
112 - ﴿الإخلاص﴾
113 - ﴿الفلق﴾
114 - ﴿الناس﴾
اختر الًصفحة:
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30
31
32
33
34
35
36
37
38
39
40
41
42
43
44
45
46
47
48
49
50
51
52
53
54
55
56
57
58
59
60
61
62
63
64
65
66
67
68
69
70
71
72
73
74
75
76
77
78
79
80
81
82
83
84
85
86
87
88
89
90
91
92
93
94
95
96
97
98
99
100
101
102
103
104
105
106
107
108
109
110
111
112
113
114
115
116
117
118
119
120
121
122
123
124
125
126
127
128
129
130
131
132
133
134
135
136
137
138
139
140
141
142
143
144
145
146
147
148
149
150
151
152
153
154
155
156
157
158
159
160
161
162
163
164
165
166
167
168
169
170
171
172
173
174
175
176
177
178
179
180
181
182
183
184
185
186
187
188
189
190
191
192
193
194
195
196
197
198
199
200
201
202
203
204
205
206
207
208
209
210
211
212
213
214
215
216
217
218
219
220
221
222
223
224
225
226
227
228
229
230
231
232
233
234
235
236
237
238
239
240
241
242
243
244
245
246
247
248
249
250
251
252
253
254
255
256
257
258
259
260
261
262
263
264
265
266
267
268
269
270
271
272
273
274
275
276
277
278
279
280
281
282
283
284
285
286
287
288
289
290
291
292
293
294
295
296
297
298
299
300
301
302
303
304
305
306
307
308
309
310
311
312
313
314
315
316
317
318
319
320
321
322
323
324
325
326
327
328
329
330
331
332
333
334
335
336
337
338
339
340
341
342
343
344
345
346
347
348
349
350
351
352
353
354
355
356
357
358
359
360
361
362
363
364
365
366
367
368
369
370
371
372
373
374
375
376
377
378
379
380
381
382
383
384
385
386
387
388
389
390
391
392
393
394
395
396
397
398
399
400
401
402
403
404
405
406
407
408
409
410
411
412
413
414
415
416
417
418
419
420
421
422
423
424
425
426
427
428
429
430
431
432
433
434
435
436
437
438
439
440
441
442
443
444
445
446
447
448
449
450
451
452
453
454
455
456
457
458
459
460
461
462
463
464
465
466
467
468
469
470
471
472
473
474
475
476
477
478
479
480
481
482
483
484
485
486
487
488
489
490
491
492
493
494
495
496
497
498
499
500
501
502
503
504
505
506
507
508
509
510
511
512
513
514
515
516
517
518
519
520
521
522
523
524
525
526
527
528
529
530
531
532
533
534
535
536
537
538
539
540
541
542
543
544
545
546
547
548
549
550
551
552
553
554
555
556
557
558
559
560
561
562
563
564
565
566
567
568
569
570
571
572
573
574
575
576
577
578
579
580
581
582
583
584
585
586
587
588
589
590
591
592
593
594
595
596
597
598
599
600
601
602
603
604


يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!