الفتوحات المكية

المكتبة الأكبرية: القرآن الكريم: سورة آل عمران: [الآية 146]

سورة آل عمران
وَكَأَيِّن مِّن نَّبِىٍّ قَٰتَلَ مَعَهُۥ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا۟ لِمَآ أَصَابَهُمْ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا۟ وَمَا ٱسْتَكَانُوا۟ ۗ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلصَّٰبِرِينَ ﴿146﴾

تفسير الجلالين:

«وكأيِّن» كم «من نبي قاتِلَ» وفي قراءة قَُتل والفاعل ضميره «معه» خبر مبتدؤه «ربِّيون كثير» جموعٌ كثيرة «فما وهَنوا» جبنوا «لما أصابهم في سبيل الله» من الجراح وقتل أنبيائهم وأصحابهم «وما ضعفوا» عن الجهاد «وما استكانوا» خضعوا لعدوهم كما فعلتم حين قبل قُتل النبي «والله يحب الصابرين» على البلاء أي يثيبهم.

تفسير الشيخ محي الدين:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصابِرُوا وَرابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (200)

الرباط أن يلزم الانسان نفسه دائما من غير حد ينتهي إليه ، أو يجعله في نفسه ، فإذا ربط نفسه بهذا الأمر ، فهو مرابط ، والرباط ملازمة ، وهو من أفضل أحوال المؤمن ، فكل إنسان إذا مات يختم على عمله إلا المرابط ، فإنه ينمّى له إلى يوم القيامة ، ويأمن فتان القبر ، ثبت هذا عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم ، والرباط في الخير كله ، ما يختص به خير من خير ، فالكل

489



سبيل اللّه ، فإن سبيل اللّه ما شرعه اللّه لعباده أن يعملوا به ، فما يختصّ بملازمة الثغور فقط ولا بالجهاد ، فإن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم قال في انتظار الصلاة بعد الصلاة : إنه رباط . «وَاتَّقُوا اللَّهَ) يعني في ذلك كله ، أي اجعلوه وقاية تتقوا به هذه العزائم ، وذلك معونته في قوله (اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ) * (واستعينوا باللّه) فهذا معنى قوله «اتَّقُوا اللَّهَ» * «لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ» أي تكون لكم النجاة من مشقة الصبر والرباط .

------------

(200) الفتوحات ج 4 / 482 ، 347 ، 482

تفسير ابن كثير:

ثم قال تعالى - مسليا للمسلمين عما كان وقع في نفوسهم يوم أحد - : ( وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير ) قيل : معناه : كم من نبي قتل وقتل معه ربيون من أصحابه كثير . وهذا القول هو اختيار ابن جرير ، فإنه قال : وأما الذين قرءوا : ( قتل معه ربيون كثير ) فإنهم قالوا : إنما عنى بالقتل النبي وبعض من معه من الربيين دون جميعهم ، وإنما نفى الوهن والضعف عمن بقي من الربيين ممن لم يقتل .

قال : ومن قرأ ( قاتل ) فإنه اختار ذلك لأنه قال : لو قتلوا لم يكن لقوله : ( فما وهنوا ) وجه معروف ، لأنهم يستحيل أن يوصفوا بأنهم لم يهنوا ولم يضعفوا بعد ما قتلوا .

ثم اختار قراءة من قرأ ( قتل معه ربيون كثير ) ، لأن الله [ تعالى ] عاتب بهذه الآيات والتي قبلها من انهزم يوم أحد ، وتركوا القتال أو سمعوا الصائح يصيح : " إن محمدا قد قتل " . فعذلهم الله على فرارهم وتركهم القتال فقال لهم : ( أفإن مات أو قتل ) أيها المؤمنون ارتددتم عن دينكم وانقلبتم على أعقابكم ؟ .

وقيل : وكم من نبي قتل بين يديه من أصحابه ربيون كثير .

وكلام ابن إسحاق في السيرة يقتضي قولا آخر ، [ فإنه ] قال : أي وكأين من نبي أصابه القتل ، ومعه ربيون ، أي : جماعات فما وهنوا بعد نبيهم ، وما ضعفوا عن عدوهم ، وما استكانوا لما أصابهم في الجهاد عن الله وعن دينهم ، وذلك الصبر ، ( والله يحب الصابرين ) .

فجعل قوله : ( معه ربيون كثير ) حالا وقد نصر هذا القول السهيلي وبالغ فيه ، وله اتجاه لقوله : ( فما وهنوا لما أصابهم ) الآية ، وكذلك حكاه الأموي في مغازيه ، عن كتاب محمد بن إبراهيم ، ولم يقل غيره .

وقرأ بعضهم : ( قاتل معه ربيون كثير ) قال سفيان الثوري ، عن عاصم ، عن زر ، عن ابن مسعود ( ربيون كثير ) أي : ألوف .

وقال ابن عباس ، ومجاهد وسعيد بن جبير ، وعكرمة ، والحسن ، وقتادة ، والسدي ، والربيع ، وعطاء الخراساني : الربيون : الجموع الكثيرة .

وقال عبد الرزاق ، عن معمر عن الحسن : ( ربيون كثير ) أي : علماء كثير ، وعنه أيضا : علماء صبر أبرار أتقياء .

وحكى ابن جرير ، عن بعض نحاة البصرة : أن الربيين هم الذين يعبدون الرب ، عز وجل ، قال : ورد بعضهم عليه قال : لو كان كذلك لقيل ربيون ، بفتح الراء .

وقال ابن زيد : " الربيون : الأتباع ، والرعية ، والربابيون : الولاة .

( فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا ) قال قتادة والربيع بن أنس : ( وما ضعفوا ) بقتل نبيهم ( وما استكانوا ) يقول : فما ارتدوا عن نصرتهم ولا عن دينهم ، أن قاتلوا على ما قاتل عليه نبي الله حتى لحقوا بالله .

وقال ابن عباس ( وما استكانوا ) تخشعوا . وقال السدي وابن زيد : وما ذلوا لعدوهم .

وقال محمد بن إسحاق ، وقتادة والسدي : أي ما أصابهم ذلك حين قتل نبيهم .

( والله يحب الصابرين)


تفسير الطبري :

قوله تعالى {وكأين من نبي قُتِل معه ربيون كثير} قال الزهري : صاح الشيطان يوم أحد : قتل محمد؛ فانهزم جماعة من المسلمين. قال كعب بن مالك : فكنت أول من عرف رسول الله صلى الله عليه وسلم، رأيت عينيه من تحت المغفر تزهران، فناديت بأعلى صوتي : هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأومأ إلي أن أسكت، فأنزل الله عز وجل{وكأين من نبي قتل معه ربيون كثير فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا} الآية. و{كأين} بمعنى كم. قال الخليل وسيبويه : هي أي دخلت عليها كاف التشبيه وبنيت معها فصار في الكلام معنى وكم وصورت في المصحف نونا؛ لأنها كلمة نقلت عن أصلها فغير لفظها لتغير معناها، ثم كثر استعمالها فتلعبت بها العرب وتصرفت فيها بالقلب والحذف، فحصل فيها لغات أربع قرئ بها. وقرأ ابن كثير {وكائن} مثل وكاعن، على وزن فاعل، وأصله كيء فقلبت الياء ألفا، كما قلبت في ييأس فقيل ياءَسُ؛ قال الشاعر : وكائن بالأباطح من صديق ** يراني لو أصبت هو المصابا وقال آخر : وكائن رددنا عنكم من مدجج ** يجيء أمام الركب يردي مقنعا وقال آخر : وكائن في المعاشر من أناس ** أخوهم فوقهم وهم كرام وقرأ ابن محيصن "وكَئِنْ" مهموزا مقصورا مثل وكَعِن، وهو من كائن حذفت ألفه. وعنه أيضا "وكأْيِن" مثل وكَعْيِن وهو مقلوب كيء المخفف. وقرأ الباقون "كأَيِّنْ" بالتشديد مثل كعين وهو الأصل، قال الشاعر : كأين من أناس لم يزالوا ** أخوهم فوقهم وهم كرام وقال آخر : كأين من عدو بعزنا ** وكائِنْ أجَرْنا من ضعيف وخائف فجمع بين لغتين : كأَيِّنْ وكائِنْ، ولغة خامسة كَيْئِن مثل كيعن، وكأنه مخفف من كيِّئ مقلوب كأيِّن. ولم يذكر الجوهري غير لغتين : كائن مثل كاعن، وكأَيِّن مثل كعين؛ تقول كأين رجلا لقيت؛ بنصب ما بعد كأين على التمييز. وتقول أيضا : كأين من رجل لقيت؛ وإدخال من بعد كأين أكثر من النصب بها وأجود. وبكأين تبيع هذا الثوب ؟ أي بكم تبيع؛ قال ذو الرمة : وكائن ذعرنا من مهاة ورامح ** بلاد العدا ليست له ببلاد قال النحاس : ووقف أبو عمرو "وكأي" بغير نون؛ لأنه تنوين. وروى ذلك سَوْرَة بن المبارك عن الكسائي. ووقف الباقون بالنون اتباعا لخط المصحف. ومعنى الآية تشجيع المؤمنين، والأمر بالاقتداء بمن تقدم من خيار أتباع الأنبياء؛ أي كثير من الأنبياء قتل معه ربيون كثير، أو كثير من الأنبياء قتلوا فما ارتد أممهم؛ قولان : الأول للحسن وسعيد بن جبير. قال الحسن : ما قتل نبي في حرب قط. وقال ابن جبير : ما سمعنا أن نبيا قتل في القتال. والثاني عن قتادة وعكرمة. والوقف - على هذا القول - على {قتل} جائز، وهي قراءة نافع وابن جبير وأبي عمرو ويعقوب. وهي قراءة ابن عباس واختارها أبو حاتم. وفيه وجهان : أحدهما أن يكون {قتل} واقعا على النبي وحده، وحينئذ يكون تمام الكلام عند قوله {قتل} ويكون في الكلام إضمار، أي ومعه ربيون كثير؛ كما يقال : قتل الأمير معه جيش عظيم، أي ومعه جيش. وخرجت معي تجارة؛ أي ومعي. الوجه الثاني أن يكون القتل نال النبي ومن معه من الربيين، ويكون وجه الكلام قتل بعض من كان معه؛ تقول العرب : قتلنا بني تميم وبني سليم، وإنما قتلنا بعضهم. ويكون قوله {فما وهنوا{ راجعا إلى من بقي منهم. قلت : وهذا القول أشبه بنزول الآية وأنسب، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقتل، وقتل معه جماعة من أصحابه. وقرأ الكوفيون وابن عامر {قاتل} وهي قراءة ابن مسعود؛ واختارها أبو عبيد وقال. إن الله إذا حمد من قاتل كان من قُتِل داخلا فيه، وإذا حمد من قُتِل لم يدخل فيه غيرهم؛ فقاتل أعم وأمدح. و"الربيون" بكسر الراء قراءة الجمهور. وقراءة علي رضي الله عنه بضمها. وابن عباس بفتحها؛ ثلاث لغات. والربيون الجماعات الكثيرة؛ عن مجاهد وقتادة والضحاك وعكرمة، واحدهم رُبِّيَ بضم الراء وكسرها؛ منسوب إلى الربة بكسر الراء أيضا وضمها، وهي الجماعة. وقال عبدالله بن مسعود : الربيون الألوف الكثيرة. وقال ابن زيد : الربيون الأتباع. والأول أعرف في اللغة؛ ومنه يقال للخرقة التي تجمع فيها القداح : رِبّة ورُبّة. والرِّباب قبائل تجمعت. وقال أبان بن ثعلب : الرِّبي عشرة آلاف. وقال الحسن : هم العلماء الصُّبُر. ابن عباس ومجاهد وقتادة والربيع والسدي : الجمع الكثير؛ قال حسان : وإذا معشر تجافوا عن الحـ ** ـق حملنا عليهم ربيا وقال الزجاج : ها هنا قراءتان "رُبِّيُّون" بضم الراء "ورِبِّيُّون" بكسر الراء؛ أما الربيون (بالضم) : الجماعات الكثيرة. ويقال : عشرة آلاف. قلت : وقد روي عن ابن عباس "رَبِّيُّون" بفتح الراء منسوب إلى الرب. قال الخليل : الرِّبِّي الواحد من العباد الذين صبروا مع الأنبياء. وهم الربانيون نسبوا إلى التأله والعبادة ومعرفة الربوبية لله تعالى. والله أعلم. قوله تعالى {فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله} {وهنوا} أي ضعفوا، وقد تقدم. والوهن : انكسار الجد بالخوف. وقرأ الحسن وأبو السمال {وهنوا{ بكسر الهاء وضمها، لغتان عن أبي زيد. وهن الشيء يهن وهنا. وأوهنته أنا ووهنته ضعفته. والواهنة : أسفل الأضلاع وقصارها. والوَهَن من الإبل : الكثيف. والوَهْن : ساعة تمضي من الليل، وكذلك الموهن. وأوهنا صرنا في تلك الساعة؛ أي ما وهنوا لقتل نبيهم، أو لقتل من قُتِل منهم، أي ما وهن باقيهم؛ فحذف المضاف. {وما ضعفوا} أي عن عدوهم. {وما استكانوا{ أي لما أصابهم في الجهاد. والاستكانة : الذلة والخضوع؛ وأصلها {اسْتَكَنوا{ على افتعلوا؛ فأشبعت فتحة الكاف فتولدت منها ألف. ومن جعلها من الكون فهي استفعلوا؛ والأول أشبه بمعنى الآية. وقرئ "فما وهنوا وما ضَعْفوا" بإسكان الهاء والعين. وحكى الكسائي "ضعفوا" بفتح العين. ثم أخبر تعالى عنهم بعد أن قُتل منهم أو قتل نبيهم بأنهم صبروا ولم يفروا ووطنوا أنفسهم على الموت، واستغفروا ليكون موتهم على التوبة من الذنوب إن رزقوا الشهادة، ودعوا في الثبات حتى لا ينهزموا، وبالنصر على أعدائهم. وخصوا الأقدام بالثبات دون غيرها من الجوارح لأن الاعتماد عليها. يقول : فهلا فعلتم وقلتم مثل ذلك يا أصحاب محمد ؟ فأجاب دعاءهم وأعطاهم النصر والظفر والغنيمة في الدنيا والمغفرة في الآخرة إذا صاروا إليها. وهكذا يفعل الله مع عباده المخلصين التائبين الصادقين الناصرين لدينه، الثابتين عند لقاء عدوه بوعده الحق، وقوله الصدق. {والله يحب الصابرين} يعني الصابرين على الجهاد. وقرأ بعضهم "وما كان قولهم" بالرفع؛ جعل القول اسما لكان؛ فيكون معناه وما كان قولُهم إلا قولَهم {ربنا اغفر لنا ذنوبنا} ومن قرأ بالنصب جعل القول خبر كان. واسمها {إلا أن قالوا}. {ربنا اغفر لنا ذنوبنا} يعني الصغائر {وإسرافنا} يعني الكبائر. والإسراف : الإفراط في الشيء ومجاوزة الحد. وفي صحيح مسلم عن أبي موسى الأشعري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يدعو بهذا الدعاء (اللهم اغفر لي خطيئتي وجهلي وإسرافي في أمري وما أنت أعلم به مني) وذكر الحديث. فعلى الإنسان أن يستعمل ما في كتاب الله وصحيح السنة من الدعاء ويدع ما سواه، ولا يقول أختار كذا؛ فإن الله تعالى قد اختار لنبيه وأوليائه وعلمهم كيف يدعون.

التفسير الميسّر:

كثير من الأنبياء السابقين قاتل معهم جموع كثيرة من أصحابهم، فما ضعفوا لِمَا نزل بهم من جروح أو قتل؛ لأن ذلك في سبيل ربهم، وما عَجَزوا، ولا خضعوا لعدوهم، إنما صبروا على ما أصابهم. والله يحب الصابرين.

تفسير السعدي

هذا تسلية للمؤمنين، وحث على الاقتداء بهم، والفعل كفعلهم، وأن هذا أمر قد كان متقدما، لم تزل سنة الله جارية بذلك، فقال: { وكأين من نبي } أي: وكم من نبي { قاتل معه ربيون كثير } أي: جماعات كثيرون من أتباعهم، الذين قد ربتهم الأنبياء بالإيمان والأعمال الصالحة، فأصابهم قتل وجراح وغير ذلك. { فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا } أي: ما ضعفت قلوبهم، ولا وهنت أبدانهم، ولا استكانوا، أي: ذلوا لعدوهم، بل صبروا وثبتوا، وشجعوا أنفسهم، ولهذا قال: { والله يحب الصابرين }


تفسير البغوي

قوله تعالى : ( وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير ) قرأ ابن كثير " وكائن " بالمد والهمزة على وزن فاعل وتليين الهمزة أبو جعفر ، وقرأ الآخرون " وكأين " بالهمز والتشديد على وزن كعين ، ومعناه : وكم ، وهي كاف التشبيه ضمت إلى أي الاستفهامية ، ولم يقع للتنوين صورة في الخط إلا في هذا الحرف خاصة ويقف بعض القراء على " وكأي " بلا نون والأكثرون على الوقوف بالنون قوله ( قاتل ) قرأ ابن كثير ونافع وأهل البصرة بضم القاف وقرأ الآخرون ( قاتل ) فمن قرأ ( قاتل ) فلقوله : ( فما وهنوا ) ويستحيل وصفهم بأنهم لم يهنوا بعدما قتلوا لقول سعيد بن جبير : ما سمعنا أن نبيا قتل في القتال ولأن ( قاتل ) أعم .

قال أبو عبيد : إن الله تعالى إذا حمد من قاتل كان من قتل داخلا فيه ، وإذا حمد من قتل لم يدخل فيه غيرهم ، فكان ( قاتل ) أعم .

ومن قرأ " قتل " ) فله ثلاثة أوجه : أحدها :

أن يكون القتل راجعا إلى النبي وحده ، فيكون تمام الكلام عند قوله " قتل " ويكون في الآية إضمار معناه : ومعه ربيون كثير ، كما يقال : قتل فلان معه جيش كثير أي : ومعه .

والوجه الثاني : أن يكون القتل نال النبي ومن معه من الربيين ويكون المراد : بعض من معه ، تقول العرب قتلنا بني فلان وإنما قتلوا بعضهم ويكون قوله ( فما وهنوا ) راجعا إلى الباقين .

والوجه الثالث : أن يكون القتل للربيين لا غير .

وقوله ( ربيون كثير ) قال ابن عباس ومجاهد وقتادة : جموع كثيرة ، وقال ابن مسعود : الربيون الألوف ، وقال الكلبي الربية الواحدة : عشرة آلاف ، وقال الضحاك : الربية الواحدة : ألف ، وقال الحسن : فقهاء علماء وقيل : هم الأتباع والربانيون الولاة ، والربيون الرعية ، وقيل : منسوب إلى الرب وهم الذين يعبدون الرب ، ( فما وهنوا ) أي : فما جبنوا ، ( لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا ) عن الجهاد بما نالهم من ألم الجراح وقتل الأصحاب . ( وما استكانوا ) قال مقاتل : وما استسلموا وما خضعوا لعدوهم وقال السدي : وما ذلوا قال عطاء وما تضرعوا وقال أبو العالية : وما جبنوا ولكنهم صبروا على أمر ربهم وطاعة نبيهم وجهاد عدوهم ، ( والله يحب الصابرين ) .


الإعراب:

(وَكَأَيِّنْ) الواو حرف استئناف كأين بمعنى كم خبرية مبنية على السكون في محل رفع مبتدأ (مِنْ نَبِيٍّ) من حرف جر زائد نبي اسم مجرور لفظا منصوب محلا على أنه تمييز كأين (قاتَلَ مَعَهُ) فعل ماض تعلق به الظرف (رِبِّيُّونَ) فاعله (كَثِيرٌ) صفة (فَما وَهَنُوا) فعل ماض وفاعل وما نافية والجملة معطوفة بالفاء (لِما) متعلقان بوهنوا وجملة (أَصابَهُمْ) صلة الموصول.

(فِي سَبِيلِ) متعلقان بأصابهم (الله) لفظ الجلالة مضاف إليه (وَما ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكانُوا) عطف على ما وهنوا (وَالله يُحِبُّ الصَّابِرِينَ) لفظ الجلالة مبتدأ وجملة يحب الصابرين خبره الجملة مستأنفة.

---

Traslation and Transliteration:

Wakaayyin min nabiyyin qatala maAAahu ribbiyyoona katheerun fama wahanoo lima asabahum fee sabeeli Allahi wama daAAufoo wama istakanoo waAllahu yuhibbu alssabireena

بيانات السورة

اسم السورة سورة آل عمران (Al-i'Imran - Family of Imran)
ترتيبها 3
عدد آياتها 200
عدد كلماتها 3503
عدد حروفها 14605
معنى اسمها عِمرَانُ: رَجُلٌ صَالِحٌ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَالمُرَادُ بِـ(آلِ عِمْرَانَ): عِيسَى وَأُمُّهُ مَريَمُ وَيَحْيَى عليه السلام
سبب تسميتها ذِكْرُ قِصَّةِ آلِ عِمْرَانَ، وَدِلَالَةُ هَذَا الاسْمِ عَلَى المَقصِدِ العَامِّ لِلسُّورَةِ وَمَوضُوعَاتِهَا
أسماؤها الأخرى اشتُهِرَتْ بِسُورَةِ (آلِ عِمرَانَ)، وَتُسَمَّى سُورَةَ (الكَنـْزِ)، وَسُورَةَ (الأَمَانِ)، وَتُلقَّبُ بِـ(الزَّهْرَاءِ)
مقاصدها بَيانُ الأَدِلَّةِ وَالبَرَاهِينَ عَلَى وَحْدَانِيَّةِ اللهِ وَأَحْكَامِ الجِهَادِ وغَيرِهِ، وَردِّ شُبُهَاتِ النَّصَارَى
أسباب نزولها سُورَةٌ مَدَنيَّةٌ، لَمْ يُنْقَل سَبَبٌ ِلنـُزُوْلِهَا جُملَةً وَاحِدَةً، ولكِنْ صَحَّ لِبَعضِ آياتِهَا سَبَبُ نُزُولٍ
فضلها تُحَاجُّ عَنْ صَاحِبِهَا يَومَ القِيَامَةِ، قَالَ ﷺ: «اقرَؤوا الزَّهْرَاوَيْنِ: البَقرةَ، وآلَ عِمرانَ؛ فَإِنَّهُمَا تَأْتِيَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ -أي سَحَابتانِ- أَوْ كَأَنَّهُمَا غَيَايَتَانِ، أَوْ كَأَنَّهُمَا فِرْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ، تُحَاجَّانِ عَنْ صَاحِبِهِما». (رَوَاهُ مُسْلِم). هِيَ مِنَ السَّبعِ، قَالَ ﷺ: «مَنْ أخَذَ السَّبعَ الْأُوَلَ مِنَ القُرآنِ فَهُوَ حَبْرٌ» أَيْ: عَالِم. (حَدِيثٌ حَسَنٌ، رَوَاهُ أَحمَد)
مناسبتها مُنَاسَبَةُ أَوَّلِ سُورَةِ (آلِ عِمْرَانَ) بِآخِرِهَا: الحَدِيثُ عَنِ الكُتُبِ السَّمَاوِيَّةِ وَالإِشَارَةُ إِلَيهَا. فَقَالَ فِي فَاتِحَتِهَا: ﴿نَزَّلَ عَلَيۡكَ ٱلۡكِتَٰبَ بِٱلۡحَقِّ﴾ ...الآيَاتِ،وَقَالَ فِي خَاتِمَتِهَا: ﴿وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِمْ﴾ ...الآيَاتِ. مُنَاسَبَةُ سُورَةِ (آلِ عِمْرانَ) لِمَا قَبلَهَا مِنْ سُورَةِ (البَقَرَةِ): ذِكْرُ دُعَاءِ الْمُؤْمِنِينَ فِي خَوَاتِيم سُورَةِ (البَقَرَةِ) وفي أوَّلِ سُورَةِ (آلِ عِمْرَانَ).
اختر الًجزء:
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30
اختر السورة:
1 - ﴿الفاتحة﴾
2 - ﴿البقرة﴾
3 - ﴿آل عمران﴾
4 - ﴿النساء﴾
5 - ﴿المائدة﴾
6 - ﴿الأنعام﴾
7 - ﴿الأعراف﴾
8 - ﴿الأنفال﴾
9 - ﴿التوبة﴾
10 - ﴿يونس﴾
11 - ﴿هود﴾
12 - ﴿يوسف﴾
13 - ﴿الرعد﴾
14 - ﴿إبراهيم﴾
15 - ﴿الحجر﴾
16 - ﴿النحل﴾
17 - ﴿الإسراء﴾
18 - ﴿الكهف﴾
19 - ﴿مريم﴾
20 - ﴿طه﴾
21 - ﴿الأنبياء﴾
22 - ﴿الحج﴾
23 - ﴿المؤمنون﴾
24 - ﴿النور﴾
25 - ﴿الفرقان﴾
26 - ﴿الشعراء﴾
27 - ﴿النمل﴾
28 - ﴿القصص﴾
29 - ﴿العنكبوت﴾
30 - ﴿الروم﴾
31 - ﴿لقمان﴾
32 - ﴿السجدة﴾
33 - ﴿الأحزاب﴾
34 - ﴿سبأ﴾
35 - ﴿فاطر﴾
36 - ﴿يس﴾
37 - ﴿الصافات﴾
38 - ﴿ص﴾
39 - ﴿الزمر﴾
40 - ﴿غافر﴾
41 - ﴿فصلت﴾
42 - ﴿الشورى﴾
43 - ﴿الزخرف﴾
44 - ﴿الدخان﴾
45 - ﴿الجاثية﴾
46 - ﴿الأحقاف﴾
47 - ﴿محمد﴾
48 - ﴿الفتح﴾
49 - ﴿الحجرات﴾
50 - ﴿ق﴾
51 - ﴿الذاريات﴾
52 - ﴿الطور﴾
53 - ﴿النجم﴾
54 - ﴿القمر﴾
55 - ﴿الرحمن﴾
56 - ﴿الواقعة﴾
57 - ﴿الحديد﴾
58 - ﴿المجادلة﴾
59 - ﴿الحشر﴾
60 - ﴿الممتحنة﴾
61 - ﴿الصف﴾
62 - ﴿الجمعة﴾
63 - ﴿المنافقون﴾
64 - ﴿التغابن﴾
65 - ﴿الطلاق﴾
66 - ﴿التحريم﴾
67 - ﴿الملك﴾
68 - ﴿القلم﴾
69 - ﴿الحاقة﴾
70 - ﴿المعارج﴾
71 - ﴿نوح﴾
72 - ﴿الجن﴾
73 - ﴿المزمل﴾
74 - ﴿المدثر﴾
75 - ﴿القيامة﴾
76 - ﴿الإنسان﴾
77 - ﴿المرسلات﴾
78 - ﴿النبأ﴾
79 - ﴿النازعات﴾
80 - ﴿عبس﴾
81 - ﴿التكوير﴾
82 - ﴿الانفطار﴾
83 - ﴿المطففين﴾
84 - ﴿الانشقاق﴾
85 - ﴿البروج﴾
86 - ﴿الطارق﴾
87 - ﴿الأعلى﴾
88 - ﴿الغاشية﴾
89 - ﴿الفجر﴾
90 - ﴿البلد﴾
91 - ﴿الشمس﴾
92 - ﴿الليل﴾
93 - ﴿الضحى﴾
94 - ﴿الشرح﴾
95 - ﴿التين﴾
96 - ﴿العلق﴾
97 - ﴿القدر﴾
98 - ﴿البينة﴾
99 - ﴿الزلزلة﴾
100 - ﴿العاديات﴾
101 - ﴿القارعة﴾
102 - ﴿التكاثر﴾
103 - ﴿العصر﴾
104 - ﴿الهمزة﴾
105 - ﴿الفيل﴾
106 - ﴿قريش﴾
107 - ﴿الماعون﴾
108 - ﴿الكوثر﴾
109 - ﴿الكافرون﴾
110 - ﴿النصر﴾
111 - ﴿المسد﴾
112 - ﴿الإخلاص﴾
113 - ﴿الفلق﴾
114 - ﴿الناس﴾
اختر الًصفحة:
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30
31
32
33
34
35
36
37
38
39
40
41
42
43
44
45
46
47
48
49
50
51
52
53
54
55
56
57
58
59
60
61
62
63
64
65
66
67
68
69
70
71
72
73
74
75
76
77
78
79
80
81
82
83
84
85
86
87
88
89
90
91
92
93
94
95
96
97
98
99
100
101
102
103
104
105
106
107
108
109
110
111
112
113
114
115
116
117
118
119
120
121
122
123
124
125
126
127
128
129
130
131
132
133
134
135
136
137
138
139
140
141
142
143
144
145
146
147
148
149
150
151
152
153
154
155
156
157
158
159
160
161
162
163
164
165
166
167
168
169
170
171
172
173
174
175
176
177
178
179
180
181
182
183
184
185
186
187
188
189
190
191
192
193
194
195
196
197
198
199
200
201
202
203
204
205
206
207
208
209
210
211
212
213
214
215
216
217
218
219
220
221
222
223
224
225
226
227
228
229
230
231
232
233
234
235
236
237
238
239
240
241
242
243
244
245
246
247
248
249
250
251
252
253
254
255
256
257
258
259
260
261
262
263
264
265
266
267
268
269
270
271
272
273
274
275
276
277
278
279
280
281
282
283
284
285
286
287
288
289
290
291
292
293
294
295
296
297
298
299
300
301
302
303
304
305
306
307
308
309
310
311
312
313
314
315
316
317
318
319
320
321
322
323
324
325
326
327
328
329
330
331
332
333
334
335
336
337
338
339
340
341
342
343
344
345
346
347
348
349
350
351
352
353
354
355
356
357
358
359
360
361
362
363
364
365
366
367
368
369
370
371
372
373
374
375
376
377
378
379
380
381
382
383
384
385
386
387
388
389
390
391
392
393
394
395
396
397
398
399
400
401
402
403
404
405
406
407
408
409
410
411
412
413
414
415
416
417
418
419
420
421
422
423
424
425
426
427
428
429
430
431
432
433
434
435
436
437
438
439
440
441
442
443
444
445
446
447
448
449
450
451
452
453
454
455
456
457
458
459
460
461
462
463
464
465
466
467
468
469
470
471
472
473
474
475
476
477
478
479
480
481
482
483
484
485
486
487
488
489
490
491
492
493
494
495
496
497
498
499
500
501
502
503
504
505
506
507
508
509
510
511
512
513
514
515
516
517
518
519
520
521
522
523
524
525
526
527
528
529
530
531
532
533
534
535
536
537
538
539
540
541
542
543
544
545
546
547
548
549
550
551
552
553
554
555
556
557
558
559
560
561
562
563
564
565
566
567
568
569
570
571
572
573
574
575
576
577
578
579
580
581
582
583
584
585
586
587
588
589
590
591
592
593
594
595
596
597
598
599
600
601
602
603
604


يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!