الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية) |
![]() |
![]() |
|||||||||||
الصفحة - من الجزء (عرض الصورة)
[الأسماء الإلهية بنا و لنا و مدارها علينا]فالأسماء بنا و لنا و مدارها علينا و ظهورها فينا و أحكامها عندنا و غاياتها إلينا و عباراتها عنا و بداياتها منا فلولاها لما كنا *** و لولانا لما كانت بها بنا و ما بنا *** كما بانت و ما بانت فإن خفيت لقد جلت *** و إن ظهرت لقد زانت انتهى الجزء الثالث و الثمانون (بسم اللّٰه الرحمن الرحيم) (السؤال الثالث و الأربعون)ما الفطرةالجواب النور الذي تشق به ظلمة الممكنات و يقع به الفصل بين الصور فيقال هذا ليس هذا إذ قد يقال هذا عين هذا من حيث ما يقع به الاشتراك [بالفطرة تميز وجود الممكنات من أعيانهم]ف ﴿اَلْحَمْدُ لِلّٰهِ فٰاطِرِ السَّمٰاوٰاتِ وَ الْأَرْضِ﴾ [فاطر:1] هو قوله ﴿اَللّٰهُ نُورُ السَّمٰاوٰاتِ وَ الْأَرْضِ﴾ [النور:35] و العالم كله سماء و أرض ليس غير ذلك و بالنور ظهرت قوله ﴿وَ بِالْحَقِّ أَنْزَلْنٰاهُ وَ بِالْحَقِّ نَزَلَ﴾ [الإسراء:105] و اللّٰه مظهرها فهو نورها فظهور المظاهر هو اللّٰه فهو ﴿فٰاطِرِ السَّمٰاوٰاتِ وَ الْأَرْضِ﴾ [الأنعام:14] ففطر السماء و الأرض به فهو فطرتها و الفطرة التي فطر الناس عليها فكل مولود يولد على الفطرة ﴿أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قٰالُوا بَلىٰ﴾ [الأعراف:172] فما فطرهم إلا عليه و لا فطرهم إلا به فبه تميزت الأشياء و انفصلت و تعينت و الأشياء في ظهورها الإلهي لا شيء فالوجود وجوده و العبيد عبيده فهم العبيد من حيث أعيانهم و هم الحق من حيث وجودهم فما تميز وجودهم من أعيانهم إلا بالفطرة التي فصلت بين العين و وجودها و هو من أغمض ما يتعلق به علم العلماء بالله كشفه عسير و زمانه يسير (السؤال الرابع و الأربعون)لم سماه بشراالجواب قال تعالى ﴿مٰا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمٰا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ﴾ [ص:75] على جهة التشريف الإلهي فقرينة الحال تدل على مباشرة خلقه بيديه بحسب ما يليق بجلاله فسماه بشرا لذلك إذ اليد بمعنى القدرة لا شرف فيها على من شرف عليه و اليد بمعنى النعمة مثل ذلك فإن النعمة و القدرة عمت جميع الموجودات فلا بد أن يكون لقوله ﴿بِيَدَيَّ﴾ [ص:75] أمر معقول له خصوص وصف بخلاف هذين و هو المفهوم من لسان العرب الذي نزل القرآن بلغتهم فإذا قال صاحب اللسان إنه فعل هذا بيده فالمفهوم منه رفع الوسائط [نسبة آدم في الجسوم الإنسانية نسبة العقل الأول في الموجودات الإبداعية]فكانت نسبة آدم في الجسوم الإنسانية نسبة العقل الأول في العقول و لما كانت الأجسام مركبة طلبت اليدين لوجود التركيب و لم يذكر ذلك في العقل الأول لكونه غير مركب فاجتمعا في رفع الوسائط و ليس بعد رفع الوسائط في التكوين مع ذكر اليدين إلا أمر من أجله سمي بشرا و سرت هذه الحقيقة في البنين فلم يوجد أحد منهم إلا عن مباشرة أ لا ترى وجود عيسى عليه السلام لما تمثل لها الروح بشرا سويا فجعله واسطة بينه تعالى و بين مريم في إيجاد عيسى تنبيها على المباشرة بقوله ﴿بَشَراً سَوِيًّا﴾ [مريم:17] قال تعالى ﴿وَ لاٰ تُبَاشِرُوهُنَّ وَ أَنْتُمْ عٰاكِفُونَ فِي الْمَسٰاجِدِ﴾ [البقرة:187] و بشرة الشيء ظاهره و البشرى إظهار علامة حصولها في البشرة [كن للشيء بالحرفين و خلق آدم باليدين]فقوله للشيء كن بالحرفين الكاف و النون بمنزلة اليدين في خلق آدم فأقام القول للشيء مقام المباشرة و أقام الكاف و النون مقام اليدين و أقام الواو المحذوفة لاجتماع الساكنين مقام الجامع بين اليدين في خلق آدم و أخفى ذكره كما خفيت الواو من كن غير أن خفاءها في كن لأمر عارض و خفاء الجامع بين اليدين لاقتضاء ما تعطيه حقيقة الفعل و هو قوله ﴿مٰا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمٰاوٰاتِ وَ الْأَرْضِ﴾ [الكهف:51] و هو حال الفعل لأنه ليس في حقائق ما سوى اللّٰه ما يعطي ذلك المشهد فلا فعل لأحد سوى اللّٰه و لا فعل عن اختيار واقع في الوجود فالاختيارات المعلومة في العالم من عين الجبر فهم المجبورون في اختيارهم و الفعل الحقيقي لا جبر فيه و لا اختيار لأن الذات تقتضيه فتحقق ذلك [البشر و المباشرة و كمال الوجود]فلمباشرة الوجود المطلق الأعيان الثابتة لظهور الوجود المقيد سمي الوجود المقيد بشرا و اختص به الإنسان لأنه أكمل الموجودات خلقا و كل نوع من الموجودات ليس له ذلك الكمال في الوجود فالإنسان أتم المظاهر فاستحق اسم البشر دون غيره من الأعيان [كلام للبشر ذو ثلاث صور]و أما قوله تعالى ﴿وَ مٰا كٰانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللّٰهُ إِلاّٰ وَحْياً أَوْ مِنْ وَرٰاءِ حِجٰابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مٰا يَشٰاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ﴾ [الشورى:51] فسمى المكلم هنا بشرا بهذه الضروب كلها من الكلام لما يباشره من الأمور الشاغلة له عن اللحوق برتبة الروح التي له من حيث روحانيته |
|
|||||||||||
![]() |
![]() |
|||||||||||
| الفتوحات
المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين. |
||||||||||||




