الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية) |
![]() |
![]() |
||||||||||
الصفحة - من الجزء (عرض الصورة)![]() الغرب بجسمه و يتخيل أن حركته إلى جهة قصده و هو قوله تعالى ﴿وَ بَدٰا لَهُمْ مِنَ اللّٰهِ مٰا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ﴾ [الزمر:47] فإنهم لما استيقظوا من نوم غفلتهم و وصلوا إلى منزل و حطوا عن رحالهم طلبوا ما قصدوه فقيل لهم من أول قدم فارقتموه فما ازددتم منه إلا بعدا فيقولون ﴿يٰا لَيْتَنٰا نُرَدُّ﴾ [الأنعام:27] و لا سبيل إلى ذلك فلهذا وصفوا بالحجاب عن ربهم الذي قصدوه بالتوجه على غير الطريق الذي شرع لهم [الحكم للشرع ليس الحكم لك]فإذا علمت ما اعتبرناه فلترتب الجنائز على قدر مقامك و لا نحكم فالحكم ليس لك و إنما هو للشارع فإن وقفت من الشارع في ذلك المقام من طريق الكشف على حكم صحيح ثابت في ذلك فاعمل به و لا تتعداه وقف عنده ﴿فَمٰا ذٰا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلاٰلُ﴾ [يونس:32] (وصل في فصل من فاته التكبير على الجنازة)[الخلاف في الذي يفوته بعض التكبير على الجنازة]اختلفوا في الذي يفوته بعض التكبير على الجنازة في مواضع منها هل يدخل بتكبير أم لا و منها هل يقضي ما فاته أم لا و إن قضى فهل يدعو بين التكبيرات أو لا فمن قائل يكبر أول دخوله و من قائل ينتظر حتى يكبر الإمام و حينئذ يكبر و أما قضاء ما فاته فمن قائل يقضي ما فاته من التكبير و الدعاء و من قائل يقضي ما فاته من التكبير نسقا من غير دعاء [مذهب ابن عربى فيمن فاته بعض التكبير]و الذي أذهب إليه أن الذي يدرك مع الإمام من التكبير هو أول له ثم يتم صلاته بتكبيراتها و الدعاء (الاعتبار)التكبير تعظيم الحق فليسارع إليه و لا ينتظر الإمام و يقضي ما فاته من التكبير نسقا من غير دعاء فإن اللّٰه تعالى يقول من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطى السائلين و المدعو له هنا الميت فيعطي الميت بالذكر من المصلي أفضل مما يعطيه لو دعا له و المقصود بالدعاء للميت إنما هو النفع و النفع الأعظم قد حصل بالذكر (وصل في فصل الصلاة على القبر لمن فاتته الصلاة على الجنازة)[الخلاف في الصلاة على القبر]فقال قوم لا يصلي على القبر و قال قوم لا يصلي على القبر إلا وليها فقط إذا فاتته الصلاة عليها و كان قد صلى عليها غير وليها و قال قوم يصلي على القبر من فاتته الصلاة على الجنازة و اتفق القائلون بإجازة الصلاة على القبر أن من شرط ذلك حدوث الدفن و اختلف هؤلاء في المدة في ذلك فأكثرها شهر [مذهب ابن عربى في الصلاة على القبر]و بالصلاة على القبر أقول من غير مدة (وصل الاعتبار في هذا الفصل)لا يصلي على الميت حتى يوارى عن الأبصار في أكفانه فلا فرق أن يوارى بأكفانه أو يوارى بقبره و «قد ثبت عن النبي صلى اللّٰه عليه و سلم الصلاة على الميت بعد ما دفن في قبره» فالاعتبار أن الجسم خلق من التراب و عاد إلى أصله فلا فرق بينه في حال انفصاله و بروزه على وجه الأرض أو حصوله تحت التراب فهو منها [الروح المدبر يعود إلى باريه بعد الموت]فإن كان المراد بتلك الصلاة الروح المدبر لهذا الجسم فالروح قد عرج به إلى بارئه و قد فارق الجسد فلا مانع من الصلاة عليه و إن كان المراد بتلك الصلاة الجسد دون الروح فسواء كان فوق الأرض أو تحت الأرض فإن الشارع ما فرق فكل واحد من الإنسان قد رجع إلى أصله فالتحق الروح منه بالأرواح و التحق العنصري منه بالعنصر (فصول من يصلي عليه و من أولى بالتقديم)[الخلاف فيمن يصلى عليه]فمن ذلك الصلاة على من هو من أهل لا إله إلا اللّٰه فمن قائل يصلي عليهم مطلقا و لو كانوا من أهل الكبائر و الأهواء و البدع و كره بعضهم الصلاة على أهل البدع و بالأول أقول و لم يجز آخرون الصلاة على أهل الكبائر و لا على أهل البغي و البدع و لو علم هذا القائل إن المصلي على الجنازة شفيع و «قد ثبت أن النبي صلى اللّٰه عليه و سلم قال خبأت دعوتي شفاعة لأهل الكبائر من أمتي» (وصل اعتبار هذا الفصل)«قال صلى اللّٰه عليه و سلم صلوا على من قال لا إله إلا اللّٰه» و لم يفصل و لا خصص و عم بقوله من و هي نكرة تعم فالمفهوم من هذا الكلام الصلاة على أهل التوحيد سواء كان توحيدهم عن نظر أو عن إيمان أعني عن تقليد للرسول أو عن نظر و إيمان معا و معنى الايمان أن يقولها على جهة القربة المشروعة من حيث ما هي مشروعة و هذا لا سبيل إلى الوصول إلى معرفته من القائل لها إلا بوحي أو كشف فإنه غيب و ما كلف اللّٰه ﴿نَفْساً إِلاّٰ وُسْعَهٰا﴾ [البقرة:286] و لهذا ربطه بالقول [من لا يتصور منه قول التوحيد أو لم يسمع منه]و من لا يتصور منه القول أو لم يسمع أنه قالها كالصبي الرضيع فإن الرضيع يلحق بأبيه في الحكم فيصلي عليه و من لم تسمع منه يلحق بالدار و الدار دار الإسلام و هو بين المسلمين و لم يعرف منه دين أصلا لا الإسلام و لا غيره و كان مجهولا فإنه يحكم له بالدار فيصلي عليه فإذا كانت عناية الدار تلحقه بالمحقق إسلامه فما ظنك |
|
||||||||||
![]() |
![]() |
||||||||||
الفتوحات
المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين. |