«ولو ترى» يا محمد «إذ وُقفوا» عرضوا «على النار فقالوا يا» للتنبيه «ليتنا نردُّ» إلى الدنيا «ولا نكذِّبُ بآيات ربنا ونكونُ من المؤمنين» برفع الفعلين إستئنافا ونصبهما في جواب التمني ورفع الأول ونصب الثاني وجواب لو رأيت أمرا عظيما.
وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (165)
«وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ»
[ رتبة الخلافة متوارثة ، والخليفة واحد أبدا ]
هي رتبة الخلافة التي كانت لآدم عليه السلام ، فالخلفاء نواب الحق في عباده ، وقوله تعالى : «خَلائِفَ» بالجمع ، والخليفة واحد أبدا ، فإن سر الخلافة واحد ، وهو متوارث تتوارثه هذه الأشباح ، فإن ظهرت في شخص ما ، ما دام ذلك الشخص متصفا به ، من المحال شرعا أن يوجد لذلك القبيل في ذلك الزمان بعينه في شخص آخر ، وإن ادعاه أحد فهو باطل ، ودعواه مردودة ، وهو دجال ذلك الزمان ،
فإذا فقد ذلك الشخص انتقل ذلك السر إلى شخص آخر ، فانتقل معه اسم الخليفة ، فلهذا قيل خلائف الأرض ، أي يخلف بعضنا بعضا فيها ، في مرتبة الخلافة ،
فإن آدم كانت خلافته في الأرض ، وهكذا هو كل خليفة فيها ، مع وجود التفاضل بين الخلفاء فيها ، وذلك لاختلاف الأزمان واختلاف الأحوال ، فيعطي هذا الحال والزمان من الأمر ما لا يعطيه الزمان والحال الذي كان قبله والذي يكون بعده ،
ولهذا اختلفت آيات الأنبياء باختلاف الأعصار ، فآية كل خليفة ورسول من نسبة ما هو الظاهر والغالب على ذلك الزمان وأحوال علمائه ، أي شيء كان ، من طب أو سحر أو فصاحة ، وما شاكل هذا وهو قوله : «وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ»
[ وزن الأعمال يوم القيامة بالعامل ]
ففضل بعضهم على بعض بالمراتب والزيادات التي لها شرف في العرف والعقل ، ثم يقول للخلفاء «لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ» وهاتان الصفتان لا تكونان إلا لمن بيده الحكم والأمر والنهي ، فهذا النسق يقوي أنه أراد خلافة السلطنة والملك ،
ومن حقيقة قوله تعالى : «إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ» قال صلّى اللّه عليه وسلم :
[ أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك ] .
(7) سورة الأعراف مكيّة
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
------------
(165) الفتوحات ج 2 /
447 - كتاب التدبيرات الإلهية - الفتوحات ج 2 /
68 ، 60 ،
68 ، 401
يذكر تعالى حال الكفار إذا وقفوا يوم القيامة على النار ، وشاهدوا ما فيها من السلاسل والأغلال ، ورأوا بأعينهم تلك الأمور العظام والأهوال ، فعند ذلك قالوا ( يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين ) يتمنون أن يردوا إلى الدار الدنيا ، ليعملوا عملا صالحا ، ولا يكذبوا بآيات ربهم ويكونوا من المؤمنين .
قوله تعالى {ولو ترى إذ وقفوا على النار} أي إذ وقفوا غدا و (إذ) قد تستعمل في موضع (إذا) و(إذا) في موضع (إذ) وما سيكون فكأنه كان؛ لأن خبر الله تعالى حق وصدق، فلهذا عبر بالماضي. ومعنى {إذ وقفوا} حبسوا يقال : وقفته وقفا فوقف وقوفا. وقرأ ابن السميقع {إذ وقفوا} بفتح الواو والقاف من الوقوف. {على النار} أي هم فوقها على الصراط وهي تحتهم. وقيل : (على) بمعنى الباء؛ أي وقفوا بقربها وهم يعاينونها. وقال الضحاك : جمعوا، يعني على أبوابها. ويقال : وقفوا على متن جهنم والنار تحتهم. وفي الخبر : أن الناس كلهم يوقفون على متن جهنم كأنها متن إهالة، ثم ينادي مناد خذي أصحابك ودعي أصحابي. وقيل : {وقفوا} دخلوها - أعاذنا الله منها - فعلى بمعنى (في) أي وقفوا في النار. وجواب {لو} محذوف ليذهب الوهم إلى كل شيء فيكون أبلغ في التخويف؛ والمعنى : لو تراهم في تلك الحال لرأيت أسوأ حال، أو لرأيت منظرا هائلا، أو لرأيت أمرا عجبا وما كان مثل هذا التقدير. قوله تعالى {فقالوا يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين} بالرفع في الأفعال الثلاثة عطفا قراءة أهل المدينة والكسائي؛ وأبو عمرو وأبو بكر عن عاصم بالضم. ابن عامر على رفع {نكذب} ونصب {ونكون} وكله داخل في معنى التمني؛ أي تمنوا الرد وألا يكذبوا وأن يكونوا من المؤمنين. واختار سيبويه القطع في {ولا نكذب} فيكون غير داخل في التمني؛ المعنى : ونحن لا نكذب على معنى الثبات على ترك التكذيب؛ أي لا نكذب رددنا أو لم نرد؛ قال سيبويه : وهو مثل قوله دعني ولا أعود أي لا أعود على كل حال تركتني أو لم تتركني. واستدل أبو عمرو على خروجه من التمني بقوله {وإنهم لكاذبون} لأن الكذب لا يكون في التمني إنما يكون في الخبر. وقال من جعله داخلا في التمني : المعنى وإنهم لكاذبون في الدنيا في إنكارهم البعث وتكذيبهم الرسل. وقرأ حمزة وحفص بنصب {نكذب} و{نكون} جوابا للتمني؛ لأنه غير واجب، وهما داخلان في التمني على معنى أنهم تمنوا الرد وترك التكذيب والكون مع المؤمنين. قال أبو إسحاق : معنى {ولا نكذب} أي إن رددنا لم نكذب. والنصب في {نكذب} و {نكون} بإضمار (أن) كما ينصب في جواب الاستفهام والأمر والنهي والعرض؛ لأن جميعه غير واجب ولا واقع بعد، فينصب، الجواب مع الواو كأنه عطف على مصدر الأول؛ كأنهم قالوا : يا ليتنا يكون لنا رد وانتفاء من الكذب، وكون من المؤمنين؛ فحملا على مصدر {نرد} لانقلاب المعنى إلى الرفع، ولم يكن بد من إضمار (أن) فيه يتم النصب في الفعلين. وقرأ ابن عامر {ونكون} بالنصب على جواب التمني كقولك : ليتك تصير إلينا ونكرمك، أي ليت مصيرك يقع وإكرامنا يقع، وأدخل الفعلين الأولين في التمني، أو أراد : ونحن لا نكرمك على القطع على ما تقدم؛ يحتمل. وقرأ أبي {ولا نكذب بآيات ربنا أبدا}. وعنه وابن مسعود {يا ليتنا نرد فلا نكذب} بالفاء والنصب، والفاء ينصب بها في الجواب كما ينصب بالواو؛ عن الزجاج. وأكثر البصريين لا يجيزون الجواب إلا بالفاء.
ولو ترى -أيها الرسول- هؤلاء المشركين يوم القيامة لرأيت أمرًا عظيمًا، وذلك حين يُحْبَسون على النار، ويشاهدون ما فيها من السلاسل والأغلال، ورأوا بأعينهم تلك الأمور العظام والأهوال، فعند ذلك قالوا: ياليتنا نُعاد إلى الحياة الدنيا، فنصدق بآيات الله ونعمل بها، ونكون من المؤمنين.
يقول تعالى -مخبرا عن حال المشركين يوم القيامة، وإحضارهم النار:. { وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ } ليوبخوا ويقرعوا، لرأيت أمرا هائلا، وحالا مفظعة. ولرأيتهم كيف أقروا على أنفسهم بالكفر والفسوق، وتمنوا أن لو يردون إلى الدنيا. { فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}
قوله عز وجل : ( ولو ترى إذ وقفوا على النار ) يعني : في النار ، كقوله تعالى : ( على ملك سليمان ) أي : في ملك سليمان ، وقيل : عرضوا على النار ، وجواب " لو " محذوف معناه : لو تراهم في تلك الحالة لرأيت عجبا ، ( فقالوا يا ليتنا نرد ) يعني : إلى الدنيا ، ( ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين ) قراءة العامة كلها بالرفع على معنى : يا ليتنا نرد ونحن لا نكذب ، ونكون من المؤمنين ، وقرأ حمزة وحفص ويعقوب " ولا نكذب ونكون " بنصب الباء والنون على جواب التمني ، أي : ليت ردنا وقع ، وأن لا نكذب ونكون ، والعرب تنصب جواب التمني بالواو كما تنصب بالفاء ، وقرأ ابن عامر " نكذب " بالرفع و " نكون " بالنصب لأنهم تمنوا أن يكونوا من المؤمنين ، وأخبروا عن أنفسهم أنهم لا يكذبون بآيات ربهم إن ردوا إلى الدنيا .
(وَلَوْ) الواو استئنافية. لو حرف شرط غير جازم (تَرى) مضارع والجملة استئنافية (إِذْ) ظرف لما مضى من الزمن متعلق بالفعل قبله (وُقِفُوا عَلَى النَّارِ) فعل ماض مبني للمجهول تعلق به الجار والمجرور والواو نائب فاعله، والجملة في محل جر بالإضافة، وجواب لو محذوف أي لرأيت أمرا عظيما يومذاك (فَقالُوا) فعل ماض وفاعل والجملة معطوفة (يا لَيْتَنا) الياء للنداء، والمنادى محذوف، أو للتنبيه وليت حرف مشبه بالفعل، ونا اسمها (نُرَدُّ) مضارع مبني للمجهول، ونائب الفاعل نحن والجملة في محل رفع خبر ليت (وَلا نُكَذِّبَ) الواو واو المعية، لا نافية، نكذب مضارع منصوب بأن المضمرة بعد واو المعية، والفاعل نحن (بِآياتِ) متعلقان بنكذب (رَبِّنا) مضاف إليه. والمصدر المؤول من أن المضمرة والفعل بعدها معطوف على مصدر مقدر والتقدير: يا ليت لنا ردا وعدم تكذيب (وَنَكُونَ) عطف على نرد (مِنَ) حرف جر (الْمُؤْمِنِينَ) اسم مجرور بالياء لأنه جمع مذكر سالم والجار والمجرور متعلقان بمحذوف خبر الفعل الناقص (نكن) واسمه ضمير مستتر تقديره نحن.
Traslation and Transliteration:
Walaw tara ith wuqifoo AAala alnnari faqaloo ya laytana nuraddu wala nukaththiba biayati rabbina wanakoona mina almumineena
If thou couldst see when they are set before the Fire and say: Oh, would that we might return! Then would we not deny the revelations of our Lord but we would be of the believers!
Ateşin başında durduruldukları zaman bir görseydin onları. Keşke dünyaya tekrar döndürseler bizi de Rabbimizin ayetlerini yalanlamasak ve inananlardan olsak derler.
Si tu les voyais, quand ils seront placés devant le Feu. Ils diront alors: «Hélas! Si nous pouvions être renvoyés (sur la terre), nous ne traiterions plus de mensonges les versets de notre Seigneur et nous serions du nombre des croyants».
Und würdest du doch nur sehen, als sie dem Feuer vorstellig wurden und dann sagten: "Würden wir doch zurückgebracht, (würden wir) die Ayat unseres HERRN nicht verleugnen und mit den Mumin sein!"
![](/images/arrowtop.jpg) |
بيانات السورة |
اسم السورة |
سورة الأنعام (Al-An'am - The Cattle) |
ترتيبها |
6 |
عدد آياتها |
165 |
عدد كلماتها |
3055 |
عدد حروفها |
12418 |
معنى اسمها |
(الأَنْعَامُ): كُلُّ مَا لَهُ خُفٌّ وَظِلْفٌ مِن الحَيَوَانَاتِ، وَهِيَ: الإِبِلُ والبَقَرُ وَالغَنَمُ |
سبب تسميتها |
انْفِرَادُ السُّورَةِ بِذِكْرِ أَحْكَامِ الأَنْعَامِ تَفْصِيلاً |
أسماؤها الأخرى |
لَا يُعرَفُ للسُّورَةِ اسمٌ آخَرُ سِوَى سُورَةِ (الأنْعَامِ) |
مقاصدها |
تَقْرِيرُ عَقِيدَةِ التَّوحِيدِ، وإثْبَاتِ النُّبُوَةِ، وَالبَعْثِ وَالنُّشُورِ |
أسباب نزولها |
سُورَةٌ مَكِّيَّةٌ، لَمْ يُنقَل سَبَبٌ لِنـُزُوْلِهَا جُملَةً وَاحِدَةً، ولكِن صَحَّ لِبَعضِ آياتِها سَبَبُ نُزُولٍ |
فضلها |
هِيَ مِنَ السَّبعِ، قَالَ ﷺ: «مَن أخَذَ السَّبعَ الْأُوَلَ منَ القُرآنِ فَهُوَ حَبْرٌ» أَيْ: عَالِم. (حَدِيثٌ حَسَنٌ، رَوَاهُ أَحمَد) |
مناسبتها |
مُنَاسَبَةُ أَوَّلِ سُورَةِ (الْأَنْعَامِ) بِآخِرِهَا:
الحَدِيثُ عَنْ تَسْوِيَةِ الكَافِرِ عِبَادَةَ غَيْرِ اللهِ مَعَ اللهِ تَعَالَى.
فَقَالَ فِي فَاتِحَتِهَا: ﴿ثم الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ﴾، وَقَالَ فِي آخِرِهَا: ﴿وَهُم بِرَبِّهِمۡ يَعۡدِلُونَ ١٥٠﴾.
مُنَاسَبَةُ سُورَةِ (الْأَنْعَامِ) لِمَا قَبلَهَا مِنْ سُورَةِ (المَائِدَةِ):
الحَدِيثُ عَنْ مُلكِ اللهِ؛ إِذْ خُتِمَتِ (المَائدةُ) بِقَولِهِ: ﴿لِلَّهِ مُلۡكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا فِيهِنَّۚ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرُۢ ١٢٠﴾، وافْتُتِحَتِ (الأَنْعَامُ) بِقَولِهِ: ﴿ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ ...١﴾.. |