فمن ذلك الصلاة على من هو من أهل لا إله إلا اللّٰه فمن قائل يصلي عليهم مطلقا و لو كانوا من أهل الكبائر و الأهواء و البدع و كره بعضهم الصلاة على أهل البدع و بالأول أقول و لم يجز آخرون الصلاة على أهل الكبائر و لا على أهل البغي و البدع و لو علم هذا القائل إن المصلي على الجنازة شفيع و «قد ثبت أن النبي صلى اللّٰه عليه و سلم قال خبأت دعوتي شفاعة لأهل الكبائر من أمتي»
(وصل اعتبار هذا الفصل)
«قال صلى اللّٰه عليه و سلم صلوا على من قال لا إله إلا اللّٰه» و لم يفصل و لا خصص و عم بقوله من و هي نكرة تعم فالمفهوم من هذا الكلام الصلاة على أهل التوحيد سواء كان توحيدهم عن نظر أو عن إيمان أعني عن تقليد للرسول أو عن نظر و إيمان معا و معنى الايمان أن يقولها على جهة القربة المشروعة من حيث ما هي مشروعة و هذا لا سبيل إلى الوصول إلى معرفته من القائل لها إلا بوحي أو كشف فإنه غيب و ما كلف اللّٰه ﴿نَفْساً إِلاّٰ وُسْعَهٰا﴾ [البقرة:286] و لهذا ربطه بالقول
[من لا يتصور منه قول التوحيد أو لم يسمع منه]
و من لا يتصور منه القول أو لم يسمع أنه قالها كالصبي الرضيع فإن الرضيع يلحق بأبيه في الحكم فيصلي عليه و من لم تسمع منه يلحق بالدار و الدار دار الإسلام و هو بين المسلمين و لم يعرف منه دين أصلا لا الإسلام و لا غيره و كان مجهولا فإنه يحكم له بالدار فيصلي عليه فإذا كانت عناية الدار تلحقه بالمحقق إسلامه فما ظنك بعناية اللّٰه و هذا من عناية اللّٰه و أهل لا إله إلا اللّٰه بكل وجه و على كل حال لا يقبلهم الخلود في النار إلا من أشرك أو سن الشرك فإنهم لا يخرجون من النار أبدا
[التوحيد لا يقاومه شيء]
فالأهواء و البدع و كل كبيرة لا تقدح في لا إله إلا اللّٰه لا تعتبر مؤثرة في أهل لا إله إلا اللّٰه فإن التوحيد لا يقاومه شيء مع وجوده في نفس العبد و لو لا النص الوارد في المشرك و فيمن سن الشرك لعمت الشفاعة كل من أقر بالوجود و إن لم يوحد فإن المشرك له ضرب من التوحيد أعني توحيد المرتبة الإلهية العظمى فإن المشرك جعل الشريك شفيعا عند اللّٰه يقولون ﴿هٰؤُلاٰءِ شُفَعٰاؤُنٰا عِنْدَ اللّٰهِ﴾ [يونس:18]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية