الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية) |
الصفحة - من الجزء (عرض الصورة)الاعتبار في ذلك في النفسما يذم و يكره و يخبث من الإنسان هو العورة على الحقيقة و السوءتان محل لما ذكرناه فهو بمنزلة الحرام و ما عدا السوءتين مما يجاوزهما من السرة علوا و من الركبة سفلا هو بمنزلة الشبهات فينبغي أن يتقى فإن الراتع حول الحمى يوشك أن يقع فيه (فصل بل وصل في حد العورة من المرأة)[أقوال الفقهاء في حد العورة من المرأة]فمن قائل إنها كلها عورة ما خلا الوجه و الكفين و من قائل بذلك و زاد أن قدميها ليستا بعورة و من قائل إنها كلها عورة و أما مذهبنا فليست العورة في المرأة أيضا إلا السوءتين كما قال تعالى ﴿وَ طَفِقٰا يَخْصِفٰانِ عَلَيْهِمٰا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ﴾ [الأعراف:22] فسوى بين آدم و حواء في ستر السوأتين و هما العورتان و إن أمرت المرأة بالستر فهو مذهبنا لكن لا من كونها عورة و إنما ذلك حكم مشروع ورد بالستر و لا يلزم أن يستر الشيء لكونه عورة اعتبار ذلك في النفسالمرأة هي النفس و الخواطر النفسية كلها عورة فمن استثنى الوجه و الكفين و القدمين فلأن الوجه محل العلم لأن المسألة إذا لم تعرف وجهها فما علمتها و إذا استتر عنك وجه الشيء فما علمته و أنت مأمور بالعلم بالشيء فأنت مأمور بالكشف عن وجه ما أنت مأمور بالعلم به فلا يستر الوجه من كونه عورة فإنه ليس بعورة و أما اليدان و هما الكفان بهما محل الجود و العطاء و أنت مأمور بالسؤال فلا بد للمعطي أن يمد يده بما يعطي فلا يستر كفه فإنه المالك للنعمة التي تطلبها منه فلا بد أن تتناولها إذا جاد عليك بها و الجود و الكرم مأمور بهما شرعا و قد ورد أن اليد العليا خير من اليد السفلي فعم يد السائل و المعطي فلا بد للمعطي أن يناول و للسائل أن يتناول و أما القدمان فلا يجب سترهما و أنهما ليستا بعورة لأنهما الحاملتان للبدن كله و نقلاته من مكان إلى مكان و من كان حكمه التصريف فيتعذر ستره و احتجابه فلا بد أن يظهر و يبرز ضرورة فيبعد إن يكون عورة تستر (فصل بل وصل في اللباس في الصلاة)اتفق العلماء على أنه يجزي الرجل من اللباس في الصلاة الثوب الواحد اعتباره في النفسالموحد في الصلاة هو الذي لا يرى نفسه فيها بل يرى أن الحق يقيمه و يقعده و هو كالميت بين يدي الغاسل فهذا معنى الثوب الواحد (فصل بل وصل) |
|
|||||||||
الفتوحات
المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين. |