و من قائل هي النفل فقط بعد الصبح و العصر و النفل و السنن معا عند الطلوع و الغروب و أما عندنا فإن هذه الأوقات هي للفرائض للنائم و الناسي يتذكر أو يستيقظ فيها و لقضاء النوافل إذا شغل عنها أن يصليها في الوقت الذي كان عينه لها
اعتبار الباطن في ذلك
المناجاة الإلهية بين اللّٰه و بين عبده على أربعة أقسام مناجاة من حيث إنه يراك و مناجاة من حيث إنك تراه و مناجاة من حيث إنه يراك و تراه و مناجاة لبعض أهل النظر في الاعتقادات بالأدلة من حيث إنك لا تراه علما في اعتقاد و لا تراه بصرا في اعتقاد و لا يراك بصرا في اعتقاد و لا علما في اعتقاد من نفى عنه العلم بالجزئيات لكن تراه علما لاندراج الجزء في الكل و هذا ما هو اعتقادنا و لا اعتقاد أهل السنة بل هو سبحانه ﴿بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ [البقرة:29] و قال ﴿أَ لَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللّٰهَ يَرىٰ﴾ [العلق:14] و «قال النبي صلى اللّٰه عليه و سلم في الخبر الصحيح عنه أنه يراك» و قد نبهناك على مأخذ الاعتبارات في هذه الأقسام و أنت تعرف قسمك منها و من عرف قسمه فمن هناك يثبت مناجاته أو يحيلها
(فصول بل وصول الأذان و الإقامة)
[الأذان شرعا:إعلام بدخول وقت الصلاة]
الأذان الإعلام بدخول الوقت و الدعاء للاجتماع إلى الصلاة في المساجد و الإقامة الدعاء إلى المناجاة الإلهية
الاعتبار
في الباطن في ذلك
الأذان الإعلام بالتجلي الإلهي لتتطهر الذوات لمشاهدته و الإقامة للقيام لتجليه إذا ورد ﴿يَوْمَ يَقُومُ النّٰاسُ لِرَبِّ الْعٰالَمِينَ﴾ [المطففين:6]
(فصل بل وصل في صفات الأذان)
[صيغ الأذان الأربعة]
اعلم أن الأذان على أربع صفات الصفة الأولى تثنية التكبير و تربيع الشهادتين و باقيه مثنى و بعض القائلين بهذه الصفة يرون الترجيع في الشهادتين و ذلك أن يثني الشهادتين أولا خفيا ثم يثنيها مرة ثانية مرفوع الصوت بها و هذا الأذان أذان أهل المدينة الصفة الثانية تربيع التكبير الأول و الشهادتين و تثنية باقي الأذان و هذا أذان أهل مكة الصفة الثالثة تربيع التكبير الأول و تثنية باقي الأذان و هذا أذان أهل الكوفة الصفة الرابعة تربيع التكبير الأول و تثليث الشهادتين و تثليث الحيعلتين يبتدئ بالشهادة إلى أن يصل إلى حي على الفلاح ثم يعيد ذلك على هذه الصفة ثانية ثم بعيدها أيضا على تلك الصورة ثالثة الأربع الكلمات نسقا ثلاث مرات و هذا أذان أهل البصرة
اعتبار الباطن في ذلك
تثنية التكبير للكبير و الأكبر و تربيعه للكبير و الأكبر و لمن تكبر نفسا و حسا مشروعا كان ذلك التكبر كحديث أبي دجانة أو غير مشروع و التربيع في الشهادتين للأول و الآخر و الظاهر و الباطن و تثنية ما بقي لك و له تعالى و تثليث الأربع الكلمات على نسق واحد في كل مرة و هو كما قلنا مذهب البصريين إعلام بالمرة لواحدة لعالم الشهادة و بالثانية لعالم الجبروت و بالثالثة لعالم الملكوت و عند أبي طالب المكي الثانية لعالم الملكوت و الثالثة لعالم الجبروت
[الأسباب شعائر و أعلام موضوعة لإرادة اللّٰه في التكوين و الخلق]
تحقيق ذلك هو أن الإنسان إذا نظر بعين بصره و عين بصيرته إلى الأسباب التي وضعها اللّٰه تعالى شعائر و أعلاما لما يريد تكوينه و خلقه من الأشياء لما سبق في علمه أن يربط الوجود بعضه ببعضه و دل الدليل على توقف وجود بعضه على وجود بعضه و سمع ثناء الحق تعالى على من عظم شعائر اللّٰه و إن ذلك التعظيم لها من تقوى القلوب في قوله تعالى في كتابه العزيز ﴿وَ مَنْ يُعَظِّمْ شَعٰائِرَ اللّٰهِ فَإِنَّهٰا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾ [الحج:32] قال عند ذلك اللّٰه أكبر يقول و إن كانت عظيمة في نفسها بما تدل عليه و عظيمة من حيث إن اللّٰه أمر بتعظيمها فموجدها و خالقها الآمر بتعظيمها أكبر منها و هذه هي أكبر للمفاضلة و هي أفعل من فلما أتمها كوشف هذا الإنسان الناطق بها على حقارة الأسباب في أنفسها لا نفسها و افتقارها لي موجدها لإمكانها افتقار المسببات على السواء و رآها عينا و كشفا عند كشف الغطاء عن بصره ناطقة بتسبيح خالقها و تعظيمه
[تسبيح كل شيء بحمد خالقه]
فإنه القائل ﴿وَ إِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاّٰ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ﴾ [الإسراء:44] تسبيح نطق يليق بذلك الشيء لا تسبيح حال و لهذا قال ﴿لاٰ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ﴾ [الإسراء:44] لاختلاف ما يسبحون به إلا لمن سمعه ﴿إِنَّهُ كٰانَ حَلِيماً﴾ [الإسراء:44] حيث لم يؤاخذ و لم يعجل عقوبة من قال إنه تسبيح حال ﴿غَفُوراً﴾ [النساء:23] ساترا نطقهم عن أن تتعلق به الأسماع إلا لمن خرق اللّٰه له العادة «فقد ورد أن الحصى سبح بحضور من حضر من الصحابة في كف رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم و ما زال الحصى مسبحا» و ما خرق اسم العادة إلا في إسماع السامعين ذلك بتعلقها بالمسموع و ما قال ﴿وَ لٰكِنْ لاٰ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ﴾ [الإسراء:44] إلا في معرض الرد على من يقول أنه تسبيح حال فإن العالم كله قد تساوى في الدلالة فمن