الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية) |
![]() |
![]() |
||||||||||
الصفحة - من الجزء (عرض الصورة)![]() «أنت الخليفة في الأهل و الصاحب في السفر» و «هو ﷺ القائل إن اللّٰه أدبني فأحسن أدبي» و «قال الرداء للتجمل فله الجمال» فلا أجمل من الإنسان إذا كان عالما بربه و قال العالم عند الجماعة هو إنسان كبير في المعنى و الجرم يقول اللّٰه تعالى ﴿لَخَلْقُ السَّمٰاوٰاتِ وَ الْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النّٰاسِ وَ لٰكِنَّ أَكْثَرَ النّٰاسِ لاٰ يَعْلَمُونَ﴾ [غافر:57] فلذلك قلنا في المعنى و صدق و ما نفى العلم عن الكل و إنما نفاه عن الأكثر و الإنسان الكامل من العالم و هو له كالروح لجسم الحيوان و هو الإنسان الصغير و سمي صغيرا لأنه انفعل عن الكبير و هو مختصره لأن كل ما في العالم فيه فهو و إن صغر جرمه ففيه كل ما في العالم [مزلة الاقدام في بعض أحكام العقول و الأحلام]و من ذلك مزلة الاقدام في بعض أحكام العقول و الأحلام من الباب 407 قال العارف من عبد اللّٰه من حيث ما شرع لا من حيث ما عقل من طريق النظر و قال العقل قيد موجدة و الشرع و الكشف أرسله و هو الحق و قال للهوى في العقل حكم خفي لا يشعر به إلا أهل الكشف و الوجود و قال أثر الأوهام في النفوس البشرية أظهر و أقوى من أثر العقول إلا من شاء اللّٰه و قال من رحمة اللّٰه بنا إنه رفع عنا المؤاخذة بالنسيان و الخطاء و ما يحدث به أنفسنا فلو أخذنا بما ذكرنا لهلك الناس و قال ما سميت العقول عقولا إلا لقصورها على من عقلته من العقال فالسعيد من عقله الشرع لا من عقله غير الشرع [من أحب اللقاء اختار الفناء على البقاء]و من ذلك من أحب اللقاء اختار الفناء على البقاء من الباب 408 قال من أحب الموت أحب لقاء اللّٰه فإن أحدنا لا يرى اللّٰه حتى يموت بهذا جاء الخبر الصادق و قال من مات في حياته الدنيا فهو السعيد الخاص و قال لقاء الحق على الشهود فناء و قال انظر إلى حكمة الشارع في حديث الدجال في قوله فإن أحدكم لا يرى ربه حتى يموت يعني هذا الموت المعهود الذي يعرفه الناس و هو خروج الروح من جسم الحيوان فيزول عنه التكليف و قد عرفنا إنا نرى ربنا يوم القيامة إذا بعثنا فما رأيناه إلا بعد موتنا عن هذه الحياة الدنيا و هذا من جوامع الكلم الذي أعطاه اللّٰه و إنما نبهنا على هذا لئلا يقول القائل لا نرى الحق إلا بعد مفارقة هذا الهيكل ما أراد ذلك الشارع و إنما أراد نفي الرؤية في الحياة الدنيا خاصة فنرى الحق بعد الموت كما قال الشارع و قال إنما كان اللقاء كفاحا لتحقق التقابل لأنه السيد و نحن العبيد فنراه مقابلة من غير تحديد و لا تشبيه لأنه ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ [الشورى:11] كما نرى الصفات من غير تحديد فافهم [أين رحمة الرحماء من رحمة الاعتناء]و من ذلك أين رحمة الرحماء من رحمة الاعتناء من الباب 409 قال رحمة الرحماء جزاء فهي على صورة ما رحموا و قدرها و مرتبتها ﴿جَزٰاءً وِفٰاقاً﴾ [النبإ:26] و قال رحمة الاعتناء ما رحم به الرحماء من رحموه و قال رحمة الاعتناء فيما لا عين رأت و لا أذن سمعت و لا خطر على قلب بشر و قال رحمة الاعتناء الزيادة على الحسنى و قال رحمة الرحماء رحمة الأسماء فإن الرحماء بحكم الأسماء الإلهية رحموا و هي التي حكمت عليهم و إنما يرحم اللّٰه من عباده الرحماء لعلمه بأن رحمتهم بمن رحموه حكم أسمائه تعالى فما جازاهم إلا على قدر الاسم الذي رحموا به [ما معنى قوله تعالى أو أدنى]و من ذلك ما معنى قوله تعالى ﴿أَوْ أَدْنىٰ﴾ [ النجم:9] من الباب 410 قال لا يكون قرب أقرب من القوسين إلا من كان قربه قرب حبل الوريد منه و هو القرب العام و من عرف هذا القرب كان من المقربين و عرف سر الحق في وجوده و موجوداته على التنزيه و قال ﴿فَأَمّٰا إِنْ كٰانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ فَرَوْحٌ﴾ لما هو عليه من الراحة حيث رآه عين كل شيء ﴿وَ رَيْحٰانٌ﴾ [الواقعة:89] لما رآه عين الرزق الذي يحيى يتناوله كما قال سهل و قد سئل عن القوت فقال اللّٰه ﴿وَ جَنَّةُ نَعِيمٍ﴾ [الواقعة:89] أي ستر ينعم به وحده لما علم إن كل أحد ما له من اللّٰه تعالى مثل هذا المشهد و هؤلاء هم الذين هم ﴿فِي جَنّٰاتٍ وَ نَهَرٍ فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ﴾ لأنهم كل ما هموا به انفعل لهم و قال قوله ﴿أَوْ أَدْنىٰ﴾ [ النجم:9] يعني أدنى مما تمناه العبد أو يتمناه و هذا أبلغ في المعنى في قوله ﴿أَوْ أَدْنىٰ﴾ [ النجم:9] و قال ﴿فَإِذٰا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ﴾ [النحل:98] فاجتمع عليه فإنه قرآن و إذا قرأته من كونه فرقانا فكن بحسب الآية التي أنت فيها في جميع قراءتك و قال ﴿فَإِذٰا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللّٰهِ مِنَ الشَّيْطٰانِ الرَّجِيمِ﴾ [النحل:98] فإن القرآن جمع و الجمعية تدعوه للحضور فهي معينة له بخلاف الفرقان فالقرآن يحضره و الفرقان يطرده [مركب الأعمال براق العمال]و من ذلك مركب الأعمال براق العمال من الباب 411 قال ﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ﴾ [فاطر:10] و الموجودات كلها كلمات اللّٰه و ﴿إِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ﴾ [هود:123] و ﴿اَلْعَمَلُ الصّٰالِحُ يَرْفَعُهُ﴾ [فاطر:10] إلى ما انتهت إليه همته و ما تعطيه حقيقة العمل الرافع له و رفعة اللّٰه لا تدرك و لا تعرف فلا حد لها فاعلم «يقال يوم القيامة لصاحب القرآن اقرأ و ارق فإن منزلك عند آخر آية» |
|
||||||||||
![]() |
![]() |
||||||||||
الفتوحات
المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين. |