الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية) |
![]() |
![]() |
|||||||||||
الصفحة - من الجزء (عرض الصورة)![]() صديقي من يقاسمني همومي *** و يرمي بالعداوة من رمانى أصحاب النبي عليه السّلام فازوا بالمقام العلى هنا و في دار السلام أعلى درجات القربة التحقق في الايمان بالصحبة لا يبلغ أحد نأمد أحدهم و لا نصيفه و لا يصلح أن يكون وصيفه نحن الإخوان فلنا الأمان و هم الأصحاب فهم الأحباب فمن رأى الصحبة عين الاتباع من أهل الحقائق ألحق اللاحق بالسابق فغاية السابق تعجيل الرؤية لحصول البغية و لكن ما لها بالسعادة استقلال فيما أخطأه الدليل و صححه السبيل و كم شخص رآه و شقي و الذي تمناه بعدم اتباعه ما لقي فما أعطته رؤيته و قد فاتته بغيته فما ثم إلا الاقتداء و ما يسعدك إلا الاهتداء فتعجل النعيم الصاحب فهو أقرب الأقارب [أعز الأقارب المقارب]و من ذلك أعز الأقارب المقارب من الباب 178 للمقارب الحنان من الرحمن لأن المقارب من الأقارب ما تعلقنا بهذا السبب إلا لما أثبته الرحمن من النسب فلما جعل تعالى بيننا و بينه نسبا و أعلمنا أنه التقوى اتخذناه سببا فاتقيناه به منه كما «أخبر ﷺ عنه فقال و أعوذ بك منك» فقلنا له أخذنا هذا عنك فهو صاحب الحجة و الآتي إلينا بالمحجة له المحجة البيضاء و الحجة الغراء أمته المتطهرون و هم الغر المحجلون تحجيلهم دليلهم لو كان لغيرهم هذا النعت المخصوص من الطهور ما اختصت هذه الأمة المحمدية بهذا النور فإنه «قال ﷺ ما تعرف هذه الأمة المحمدية من سائر الأمم إلا به» فانتبه فوردت الأخبار المنصوصة بطهارة هذه الأعضاء المخصوصة فأسبغناها طهورا فجعل لنا بذلك غررا و ألبسها نورا فكان لهم بذلك التمييز و التعريف المقام الشريف و التشريف فمن أسبغ طهوره تمم اللّٰه له نوره و من ثنى و ثلث فرح بذلك أكثر من صاحب الواحدة إذا تحنث فصاحب الواحدة هو المقارب و صاحب الاثنين و الثلاثة من غير زيادة معدود في الأقارب و إنما ظهر الرسول ﷺ بجميع الصور لبعثته إلى جميع البشر و منهم الرابح و الخاسر المغبون و العالي في ذلك و الدون [قول العارف من وحد ألحد]و من ذلك قول العارف من وحد ألحد من الباب 179 إنما قيل من وحد ألحد من أجل من فإنها تطلب العدد يؤيد هذا التعريض كونها قد تأتي للتبعيض و لا نشك أنه كلمة حق من قول ﴿فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ﴾ [القمر:55] فإنه من وحد مال إلى الحق و توحد إذ الملحد هو المائل في لغة القائل فإذا الحد العبد و مال بلغ ما أمله من الآمال و في الكلام المقبول من الحد فقد أخلد إلا أنه لما الحد فهو لما قصد الإلحاد اللغوي لا بد منه و لا محيص لمخلوق عنه أ لا ترى إلى أصحاب الأعراف لما لم يبلغوا في هذا الاتصاف حد الإنصاف كيف وقفوا بين الجنة و النار فلا هم مع الأشرار و لا مع المصطفين الأخيار فكانوا يخلصون إلى دار القرار أو إلى دار البوار فلو لا التلبيس ما حصلوا بين نعم و بئس ﴿فَنِعْمَ عُقْبَى الدّٰارِ﴾ [الرعد:24] للأبرار و بئس عقبى الدار للفجار اعتدلت كفتا ميزانهم فهذا كان من شأنهم فلو لا ما تفضل الحق عليهم فيما كلف الخلق به يوم القيامة من السجود إليه ما يرجوا عليه فلما سجدوا فيمن سجد رجحت كفة حسناته فسعد فانفك من أسر السور و لحق بدار السرور [من أشرك ملك]و من ذلك من أشرك ملك من الباب 180 الشرك في الألوهة مذموم و صاحبه محروم و الشرك في نعت العبيد بين ذميم و حميد و المتصف به بين مرحوم و محروم فما ثم اسم لغير الحق عند من علم الأمر و تحقق فأسماء الخلق أسماء الحق فما ذا تخلق بما هو تحقق و اللّٰه ما افتريت عليه و لا نسبت شيئا إليه و لا وصفته بوصف و لا أدرجت معناه في حرف فهو سمى نفسه لنا بما سماها فجميع الأسماء إلى ربك منتهاها ففرح و تبشبش و غضب و ما بش و مل و تعجب و ذهب مع عبيده كل مذهب و هو القديم و أنا المحدث فما ثم اسم حدث [من ذلك من رحل حل]و من ذلك من رحل حل من الباب الأحد و الثمانين و مائة عم الوجود وجوده فمنه و فيه يرحل و يحل عبيده فرحلة من يصطفيه إنما هي منه و إليه و فيه الرب الكريم على الصراط المستقيم فأثبت أمرا هو عليه و ما ثم سواه فانظر من يصل إليه إنما جعل يده بناصيتك ابتغاء عافيتك و هذا من كرمه و سابقة قدمه فما ثم إلا مستقيم و على منهج قويم لكونه بيد الكريم فلقد فزت بحظ عظيم ﴿يٰا أَيُّهَا الْإِنْسٰانُ مٰا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ﴾ [الإنفطار:6] ذكره بالحجة و أبان له عن المحجة ليقول كرمك غرني و الكريم لا يضرني و هو الغيور على اسمه و المبقي في قلب عبده رسمه لسابق علمه [من حل لم يرحل]و من ذلك من حل لم يرحل |
|
|||||||||||
![]() |
![]() |
|||||||||||
الفتوحات
المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين. |