الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية) |
![]() |
![]() |
||||||||||
الصفحة - من الجزء (عرض الصورة)![]() له العيان أو الضرورة من الجنان وقع الايمان و إن كذبه ألحقه بالبهتان فالإخبار محك و معيار تشهد لها الآثار الصادقة و الأنوار الشارقة لو كان مطلق الايمان يعطي السعادة لكان المؤمن بالباطل في أكبر عباده فمن آمن بالباطل أنه باطل فهو حال غير عاطل فله السعد الأعم و العلم الوافر الأتم فإنه لا يلزم من العلم بشيء الايمان به و العلم بكل شيء أ لا تراه قد زاد في ذلك حكما بأمره ﴿وَ قُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً﴾ [ طه:114] و ما زاده إلا التعلق بما هو عليه ذلك المعلوم و التحقق [خبر الإنسان كلام الرحمن]و من ذلك خبر الإنسان كلام الرحمن من الباب 153 ﴿اَلرَّحْمٰنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ﴾ أين ينزل من الإنسان هل في النفس أو في الجنان ﴿خَلَقَ الْإِنْسٰانَ عَلَّمَهُ الْبَيٰانَ﴾ و هو الفرقان ﴿اَلشَّمْسُ وَ الْقَمَرُ بِحُسْبٰانٍ﴾ [الرحمن:5] ليجمع له بين ما يثبت على حال واحدة و بين ما يقبل الزيادة و النقصان ﴿وَ النَّجْمُ وَ الشَّجَرُ يَسْجُدٰانِ﴾ [الرحمن:6] و هما ما ظهر و ما قام على ساق فعلا حكمت بذلك القدمان ﴿وَ السَّمٰاءَ رَفَعَهٰا﴾ [الرحمن:7] في البنيان لما لها من الولاية و الحكم في الأكوان فهي السقف المرفوع على الأركان ﴿وَ وَضَعَ الْمِيزٰانَ﴾ [الرحمن:7] للنقصان و الرجحان ﴿أَلاّٰ تَطْغَوْا فِي الْمِيزٰانِ﴾ [الرحمن:8] لكم بالرجحان و عليكم بالنقصان ﴿وَ أَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ﴾ [الرحمن:9] و هو الاعتدال مثل لسان الميزان و الكفتان ﴿وَ لاٰ تُخْسِرُوا الْمِيزٰانَ﴾ [الرحمن:9] و هو الموزون من الأعيان ﴿وَ الْأَرْضَ وَضَعَهٰا لِلْأَنٰامِ﴾ [الرحمن:10] من أجل المشي و المنام ﴿فِيهٰا فٰاكِهَةٌ وَ النَّخْلُ ذٰاتُ الْأَكْمٰامِ﴾ [الرحمن:11] لحصول المنافع و دفع الآلام ﴿وَ الْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَ الرَّيْحٰانُ﴾ [الرحمن:12] و هو ما يقوت الإنسان و الحيوان ﴿فَبِأَيِّ آلاٰءِ رَبِّكُمٰا تُكَذِّبٰانِ﴾ [الرحمن:13] أيها الإنس و الجان و قد غمركما الإنعام و الإحسان ﴿خَلَقَ الْإِنْسٰانَ مِنْ صَلْصٰالٍ كَالْفَخّٰارِ وَ خَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مٰارِجٍ مِنْ نٰارٍ﴾ فالإنسان ما يفخر إلا بالجان و بما في الجان من الضلال كان الصلصال و هو الثناء الذميم على من خلق في أحسن تقويم فيبقى الإنسان على التقديس و يأخذ صلصاله إبليس فيرجع أصله إليه و يجور وباله عليه و الجياد على أعراقها تجري و نجومها في أفلاكها تسبح و تسري ﴿رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ﴾ [الرحمن:17] في ظاهر النشأتين ﴿وَ رَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ﴾ [الرحمن:17] في باطن الصورتين ﴿فَبِأَيِّ آلاٰءِ رَبِّكُمٰا تُكَذِّبٰانِ﴾ [الرحمن:13] يا هذان [سر المفتاح في إخبار الأرواح]و من ذلك سر المفتاح في إخبار الأرواح من الباب 154 تنزلت الأرواح بتوقيعات السراح من الفتاح إلى إخوانها من الأرواح المحبوسة في هذه الأشباح فمن استعجل تسرح بفكره و عقله و منهم من تسرح بكشفه لما عمل على ما ثبت عنده في نقله و ما عدا هذين من الثقلين بقي رهين المحيسين حتى يأتي قابض الأرواح بالمفتاح و لهذا انطلقت الألسنة الفصاح إنه من مات استراح و هيهات أين الاستراحة و إني تعقل الراحة و هو ينتقل إلى حبس الصور الذي هو قرن من نور لأنه نفر ظلام الأجسام بالأجساد و زال عنها بسرعة التقليب في الصور البقاء على الأمر المعتاد فلا يزال في الصور حبيسا لأنه لا يزال رئيسا مدبرا سؤوسا فإن كان من السعداء أو الورثة من العلماء أو الأنبياء فلهم السراح التام في عين الأجساد و الأجسام مثل ما يراه الإنسان في المنام فيرى نفسه و هو عين واحدة في أمكنة متعدده و العقول تحيل أن يكون الجسم في مكانين فكيف بهذين الخيال قد حكم به فانتبه إذا كان المخلوق في قوته الإمكان فيما أحاله دليل عقل الإنسان فما ظنك بخالق هذا الخلق و هو الواحد الحق أ لا تراه يتجلى في الصور فيعرف و ينكر و هو هو ليس سواه و الذي يراه يطلب أن يراه فلو عرف معرفته ما طلب رؤيته فإنه لم يشهد إلا هو و لو علم أنه هو لم يقل بعد ذلك ما هو هو ما رأيت و أنت فيما تمنيت و اشتهيت [توجيه الرسل لإيضاح السبل]و من ذلك توجيه الرسل لإيضاح السبل من الباب 155 جاءت الرسل بهداية السبل و ثم سبل لا تظهر إلا بالجهاد إلى عين الفؤاد إن كان الجهاد عن رؤية فقد بلغت المنية فإن اللّٰه مع المحسنين كما هو مع المتقين إن رأينا وجهه فله في كل شيء وجهه ﴿إِنَّ اللّٰهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا﴾ [النحل:128] و المتوقى يباشروا فيه ﴿وَ الَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ﴾ [النحل:128] فهو صاحب العين الباقية الإحسان عيان و في منزل كأنه عيان و ليس إلا الخيال فتعمل في تحصيل هذه الخلال ﴿وَ الَّذِينَ جٰاهَدُوا فِينٰا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنٰا﴾ [ العنكبوت:69] فبلغنا أملنا و تمم بمشاهدته عملنا و قسم عليه الصلاة و السلام سبيله على ثلاثة أقسام إحسان و إيمان و إسلام و المعلم السائل و المخاطب القائل فعلمه في السر ما يقول في الجهر نزل به على قلبه من عند ربه فبدأ بالإسلام و قرن به عمل الأجسام من تلفظ بشهادتين و صلاة و زكاة و حج و صيام و ثنى بالإيمان و هو ما يشهد به الجنان من التصديق بالله و ملائكته و كتبه و رسله و القدر |
|
||||||||||
![]() |
![]() |
||||||||||
الفتوحات
المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين. |