الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية) |
![]() |
![]() |
|||||||||
الصفحة - من الجزء (عرض الصورة)
ذاته ليظهر فيها حكم صفاته أو سماته فهو أصل الجود حيث انفعل للوجود حتى اتصف بأنه موجود فظهر فيه الاقتدار و وصف بالافتقار و الاضطرار فقبل هذا الوصف تظرفا و طلب من الحق تعرفا لما رأى حاجة الأسماء إليه و تعولها عليه و الأمر عند أهل النظر الفكري بعكس ما ذكرناه و ما بيناه حين سردناه و ليس التحقيق و الحق إلا فيما أشرنا إليه و أردناه و هذا أنفس علم يكون و هو الذي قيل به للشيء كن فكان و يكون به كل مكون [ما هي أسباب التولي الإلهي]و من ذلك ما هي أسباب التولي الإلهي من الباب 149 نحن أسبابه و إهابه و منا أعداؤه و أحبابه فمن خرج مضطرا و كان وجهه مكفهرا فهو العدو المبين و هو الذي إذا حدث يمين و من خرج طيب النفس مطيعا حاز الأمر جميعا فهو البلد الأمين و المخلوق في أحسن تقويم و الظاهر بصورة القديم فهذا سبب حصول العالم في القبضتين و خلق الدارين و تعيين النجدين ف ﴿إِمّٰا شٰاكِراً وَ إِمّٰا كَفُوراً﴾ [الانسان:3] و إما ساخطا متضجرا و إما راضيا صبورا فتولى اللّٰه العالم إظهارا لملكه و انخراطا في سلكه و تولاه بأسمائه الحسنى و أحله منه المحل الأسنى و جعل قربه منه ﴿قٰابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنىٰ﴾ [ النجم:9] هذا غاية قرب الخلق من الحق و جعل قربه من العبيد أقرب ﴿مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ﴾ [ق:16] و هذا غاية قرب الحق من الخلق فالأمر بين قربين و ما جعل اللّٰه لرجل في جوفه من قلبين : لكنه جعل لكل قلب وجهين لأنه خلق ﴿مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ﴾ [هود:40] فبنى الجمع على الشفع فلم يكن و تريته سوى و ترية الكثير و بهذا نطق الكتاب المنير فما شهد عليه سواه و ما انتهك أحد من المخلوقين حماه و لا ينبغي ذلك فكل شيء سوى وجهه هالك : و ما ثم سوى حتى نقول بالسوى العين واحدة و الأحكام ناقصة و زائدة فاطلب على ما أشرت إليه تحصل على الفائدة فهذه أسرار لا بل هي أنوار ما عليها غبار و إن عميت عنها الأبصار و تعالت عن مدارك الاعتبار و حكم الأغيار و إليه الإشارة ب ﴿فَنِعْمَ عُقْبَى الدّٰارِ﴾ [الرعد:24] و أنت الدار و عليك المدار [ولاية البشر عين الضرر]و من ذلك ولاية البشر عين الضرر من الباب 150 ﴿إِنِّي جٰاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً﴾ [البقرة:30] يؤمن به من كل خيفة أعطاه التقليد و مكنه من الإقليد فتحكم به في القريب و البعيد و جعله عين الوجود و أكرمه بالسجود فهو الروح المطهر و الإمام المدبر شفع الواحد عينه و حكم بالكثرة كونه و إن كان كل جزء من العالم مثله في الدلالة و لكنه ليس بظل فلهذا انفراد بالخلافة و تميز بالرسالة فشرع ما شرع و اتبع و اتبع فهو واسطة العقد و حامل الأمانة و العهد حكم فقهر حين تحكم في البشر فظهر النفع و الضرر فأول من تضرر هو كما ذكر ثم إنه لم يقتصر حتى آذى الحق و سبه و أعطاه قلبه و علم أنه ربه فأحبه و لما حسده و غبطه أغضبه و أسخطه ثم بعد ذلك هداه و أرضاه و اجتباه فلو لا قوة الصورة ما عتى و لا لرجوعه إلى الحق سمي فتى فظهر بالجود في إزالة الغرض و أزال بزواله المرض و قام الأمر على ساق و حصل القمر في اتساق ﴿وَ الْتَفَّتِ السّٰاقُ بِالسّٰاقِ إِلىٰ رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسٰاقُ﴾ إن اللّٰه يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن فإن السلطان ناطق خالق و القرآن ناطق صامت فحكمه حكم المائت لا يخاف و لا يرجى و لا يطرد و لا يزجي و ما استند الصديقون إليه و لا عول المؤمنون عليه إلا لصدق ما لديه فالقرآن أحق بالتعظيم من السلطان لأنه الكلام المجيد الذي ﴿لاٰ يَأْتِيهِ الْبٰاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ لاٰ مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ﴾ [فصلت:42] لا راد لأمره و ﴿لاٰ مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ﴾ [الرعد:41] يصدق في نطقه و يعطي الشيء واجب حقه فهو النور و السلطان قد يجور [نصرة الملك في حركة الفلك]و من ذلك نصرة الملك في حركة الفلك من الباب الواحد و الخمسين و مائة حركات الأفلاك مخاض لولادة الأملاك أطت السماء و حق لها أن تئط و غطت و حقيق لها أن تغط ما فيها قيد فتر و لا موضع شبر إلا و فيه ملك ساجد لربه حامد فهم في الأفلاك كما هي في بطون الأمهات الأجنة و لهذا سموا بالجنة فهم المسبحون في بطون الأمهات إلى أن يحيي اللّٰه من أمات فعند ذلك تقع لهم الولادة و الخروج إلى عالم الشهادة و قد أشبه بعضهم بعض الحيوان مما ليس بإنسان فولد و رجع إلى بطن أمه إلى يومه و تميز بهذا القدر عن قومه كجبريل و غيره بما أنزلهم به من خيره و ضيره و لا تلد إلا عن انشقاق و ذهاب عين بالإنفاق فتبدل الأرض و لا تبدل السماء إلا أنه ينكشف الغطاء [الإخبار في الأخبار]و من ذلك الإخبار في الأخبار من الباب 152 الأخبار تعرب عن الأسرار و الأخبار تشهد للمؤمن بالإيمان و البهتان و الدليل خبر الهدهد فيما أخبر به سليمان ﴿قٰالَ سَنَنْظُرُ أَ صَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكٰاذِبِينَ﴾ [النمل:27] فإن شهد |
|
|||||||||
![]() |
![]() |
|||||||||
| الفتوحات
المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين. |
||||||||||





