الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية) |
![]() |
![]() |
||||||||||
الصفحة - من الجزء (عرض الصورة)![]() و لا عتى و لهذا صح له اسم الفتى الفتى من لا يزال للعلم طالبا و من الجهل هاربا لو لا ما شاهد في الكلام السنة الإمام ما كلم و لا اتبع مخلوقا ليتعلم هو عرف ما هنالك فتعشق بذلك قال له ﴿هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلىٰ أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمّٰا عُلِّمْتَ رُشْداً قٰالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً وَ كَيْفَ تَصْبِرُ عَلىٰ مٰا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً﴾ أي لم تذق خطاب الحق بلساني و لا رأيته في كياني [إدراك الغرر من النظر]و من ذلك إدراك الغرر من النظر من الباب 145 الفراسة رياسة ما حار و ما ظلم من تفرس و حكم يستخرج خفايا الأسرار بما عنده من الأنوار يعرف الماء في الماء و ﴿لاٰ يَخْفىٰ عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَ لاٰ فِي السَّمٰاءِ﴾ [آل عمران:5] ليس بقائف بل هو العارف و ليس بعارف و لا زاجر و إن أتى بالزواجر يعرف الأول من كل شيء فيكشف بها كل خبء يفور من بصره النور و لا يبور هو بالإيمان مشروط و بحكمه مربوط يمده المؤمن بما شاء من أسمائه عند إنبائه فلا يبطىء و لا يخطئ له النفوذ و المضاء و له الحكم و القضاء و له الإمساك إن شاء و لا مضاء فإن شاء لم يقض و إن شاء قضى بما يكون و هو كائن و ما قد مضى نوره لا يحتاج إلى مدد و لا انقضاء مدد و لا استبصار بأحد سورته من القرآن ﴿قُلْ هُوَ اللّٰهُ أَحَدٌ اَللّٰهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَ لَمْ يُولَدْ وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ﴾ فعل سورة الإخلاص ما له مناص [الخلق تحقق لا تخلق]و من ذلك الخلق تحقق لا تخلق من الباب 146 مكارم الأخلاق أدلة على كرم الأعراق التصوف خلق و المعرفة تحقق الصوفي رباني و العارف وحداني و العالم إلهي و الواقف طالب و الحكيم ناصب الخلق العظيم عند الكظيم الغصن إذا حركته الريح مال و الإناء إذا زاد على وسعه سأل الإناء بما فيه ينضح و على ظاهره يرشح فلا يفرح الإنسان حتى يرى ما به ينصح من نصح فقد أفصح و دل على المقام الأرجح إذا وزنت فارجح و إذا وليت فأسجح معاوي إننا بشر فأسجح *** فلسنا بالجبال و لا الحديد السماحة ملاحة بها يظهر جمال الإنسان في معاملة الأعيان من الأكوان من صرف خلقه مع ربه فقد علم من في قلبه و قلبه [لو لا الأعيان ما ظهر الغيران]و من ذلك لو لا الأعيان ما ظهر الغيران من الباب 147 الغيور سريع النفور فيخطئ أكثر مما يصيب و هو من شأنه في كل يوم عصيب لما حاز جميع الأسماء ظهر منه الاعتداء لا يحتمل المزيد و إن كان من جملة العبيد يفنى و يبيد إذا سمع تشبيه القرب الإلهي منه بحبل الوريد مقامه الوحدة و إن طالت المدة ينفر من صفات الحق لعلمه بأنه خلق لا يقول بالامتزاج و إن كان خلقه من نطفة أمشاج لا يقول بالنتاج و هو النمام كالزجاج تميل به الأرواح في هبوبها لتدنيه من محبوبها فيأبى الميل و هي تغلبه فتحكم عليه بما لا يقتضيه منصبه و لا يعطيه مذهبه فلا يزال لمجاري الأقدار في حال اضطرار لا اختيار ﴿وَ رَبُّكَ يَخْلُقُ مٰا يَشٰاءُ وَ يَخْتٰارُ﴾ [القصص:68] فترى الغير أن يحار عجبت و قد علم إن الحق أغير منه فكيف لا يأخذ عنه و من غيرته حرم الفواحش و هي من الحقائق الدواهش فلا تجمعه بين الشكلين و لا بقوله في رضاه بأخذ الميلين فرق بين النكاح و السفاح حتى تتميز الأرواح و جعل حكم هذا المفتاح في انضمام الأشباح و الزنا لا بد منه و قد قال لصاحبه استتر به و صنه و هو يعلم به و يراه و قدره و قضا به و مع ذلك نهاه و إن استتر عن أبناء جنسه فما استتر عمن هو أدنى إليه من نفسه و نفسه و هو خالق الحركات المنهي وقوعها و إليه يرجع جميعها ثم يفرح بتوبة عبده منها فكيف لا ينزه محل عبده عنها فلا يخلق إلا ما يسره و إن كانت المعاصي لا تضره كما إن الطاعات ما تنفعه و مع هذا العلم فلا أرى العالم إلا يفرقه و يجمعه [شهود الغير لا خير و لا مير]و من ذلك شهود الغير لا خير و لا مير من الباب 148 ما عنده خير و لا مير من ترك الغير الغير ما له مستند إلا إليه فلا يزال نصب عينيه لقد افترى من قال إن اللّٰه لم يقل ﴿أَ لَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللّٰهَ يَرىٰ﴾ [العلق:14] يا ليت شعري بعد نفسه لمن يرى هل يرى إلا المير الذي أصله خير فإن الحق أصله و منه كان فصله فأوجده على صورته و حياه بسورته أشد ما ظهر من الصدق حكم الخلق على الحق فلا يحكم عليه إلا بما يعطيه و لا يقضى فيه إلا ما يقتضيه فيمضيه بحكمه يتصرف و إليه محبة تعرف أهل الإستبصار يعلمون أنه ما قام بالخلق افتقار و لا يتصف باضطرار و لا باختيار بل هو على ما هو عليه و يقبل من كرمه ما أضيف إليه فأبت الأسماء إلا التصرف و أبت الأعيان من الخلق إلا التظرف فمكنتها من التصريف في أعيانها و تخيلت أنها جادت عليها بأكوانها و ما علمت بأن الجود كان على نفسها بظهور عقلها و حسها فلو لا كرم الخلق ما انفعل للحق و لما كان ذا أصل كريم يحكم فيه الحكيم إيثارا له على |
|
||||||||||
![]() |
![]() |
||||||||||
الفتوحات
المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين. |