الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية) |
![]() |
![]() |
||||||||
الصفحة - من الجزء (عرض الصورة)![]() و ما له في الوجود حظ *** فما حرمت و ما منعتا أحكام سلب قامت بعين *** من غير عين إذا نسبتا مثل العزيز الغني فاعلم *** فإنك الحبر إن علمتا (الضار حضرة الضرر)إذا كان إضراري و ضري بمؤنسي *** فلا زال ضري مؤنسي و مصاحبي لقد أنست نفسي به حين جاءني *** فلله من خل و في و صاحب أسير به تيها و عجبا و نخوة *** لذلك قد هانت على مطالبي يطالبني في كل وقت بدينه *** ففزت به إذ كان حبي مطالبي و لما وسعت الكل ضاقت برحبها *** على نواحي الأرض من كل جانب [الإنسان الكامل ضرتان]يدعى صاحبها عبد الضار فهو و الإنسان الكامل ضرتان لأنه ما نازعه أحد في سورته إلا من أوجده على صورته فأول ضار كان هو حيث ضر نفسه و لهذا لم يدع أحد الألوهة ممن ادعيت فيه إلا الإنسان و هذا ضرر معنوي بين الصورتين ﴿وَ مٰا رَمَيْتَ﴾ [الأنفال:17] فضره ﴿إِذْ رَمَيْتَ﴾ [الأنفال:17] فتضرر فإن نفا أضر بصاحبه و إن أثبت أضر بنفسه و لا بد من نفي و إثبات فلا بد من الضرر فهو الضار للصورتين لاحدية الصورة فإنه إذا نزل فيها أحدهما ارتحل الآخر حكما فإن ظلم نفسه أضر بها و إن ظلم لنفسه أضر بمثله و ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ [الشورى:11] إلا هو و هذه حضرة سرها دقيق لأنها بين الحق و الإنسان الكامل فكل ضرر في الكون فليس إلا منع الغرض أن يكون و هو عرض بالنظر إلى هذا الأصل و هو محقق في هذه العين قد نبه الشارع على إن الأولى و الآخرة ضرتان إن أسخطت الواحدة أرضيت الأخرى و الذات الأولى معلومة و الذات الأخرى أيضا معلومة ﴿وَ لَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ﴾ [الضحى:4] فإنها عين كونك من الأولى لأنها تفنيك بظهورها و تردك إلى حكم العدم و الآخرة لا تفني الأولى و لكن تندرج الأولى فيها إذا كان الظهور للآخرة فالأولى لا تمييز فيها فتجمع بين الضدين و الآخرة ليست كذلك فبهذا تميزت عن الأولى ﴿فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَ فَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ﴾ [الشورى:7] فيلتذ المعذب بالعذاب القائم به في الدنيا لأنه على صورة الأولى في الجمع بين الضدين و في الآخرة ما له هذا الحكم ﴿فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَ فَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ﴾ [الشورى:7] ﴿وَ امْتٰازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ﴾ [يس:59] فأنت الآخرة فعينك خير لك فإنك لا التذاذ لك إلا بوجودك فما يلتذ شيء بشيء إلا بما يقوم به و كذلك لا يتألم إلا بما يقوم به فحضرة النفع حضرة الضرر *** في كل عين عين من البشر لو رفع الضر لم يكن بشر *** و لا بدا الاشتراك في الصور فالبعل هو الذي يعطي كل ضرة حقها من نفسه و إن أضر ذلك الحق بالأخرى فلعدم إنصافها في ذلك و ليس البعل هنا بين الصورتين إلا ما قررناه من حقيقة الحقائق المعقولة التي لها الحدوث في الحادث و القدم في القديم و يظهر ذلك بالاشتراك في الأسماء فسماك بما سمى به نفسه و ما سماك و لكن الحقيقة الكلية جمعت بين الحق و الخلق فأنت العالم و هو العالم لكن أنت حادث فنسبة العلم إليك حادثة و هو قديم فنسبة العلم إليه قديم و العلم واحد في عينه و قد اتصف بصفة من كان نعتا له فافهم ﴿وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ﴾ [الأحزاب:4] (النافع حضرة النفع)إني انتفعت بمن تأتي منائحه *** فقرا إلي به و النافع اللّٰه لو لا وجودي و لو سر حكمته *** ما قلت في كل شيء جاءني ما هو لله قوم إذا حلوا بساحته *** و في مساحته بربهم تاهوا أفناهم عنهم كوني و طالبهم *** أغناهم عن وجودي المال و الجاه و اللّٰه لو لا وجود الحق في خلدي *** ما كنت أرقبه لولاه لولاه |
|
||||||||
![]() |
![]() |
||||||||
الفتوحات
المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين. |