الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية) |
![]() |
![]() |
|||||||||
الصفحة - من الجزء (عرض الصورة)![]() سابقته عين خاتمته لأنه ليس له في كونه غير زمان كونه خاصة ثم ينعدم لنفسه و إنما تتميز السابقة فيه من الخاتمة بالحكم فتحكم عليه بالوجود في السابقة و بالعدم في الخاتمة و في عين سابقته عين خاتمته لأنه ليس له وجود في الزمان الثاني من زمان وجوده فافهم [خاتمة السالكين]و اعلم أن السالك إذا وصل إلى الباب الذي يصل إليه كل سالك بالاكتساب فأخر قدم في السلوك هو خاتمة السالكين ثم يفتح الباب و تخرج العطايا و المواهب الإلهية بحكم العناية و الاختصاص لا بحكم الاكتساب و هذا الباب الإلهي قبول كله لا رد فيه البتة بخلاف أبواب المحدثات و فيه أقول كل باب إذا وصلت إليه *** أمكن الرد و القبول جميعا غير باب الإله فهو قبول *** للذي جاءه سميعا مطيعا و الذي رد إذ تخيل فيه *** أنه الباب خر ثم صريعا فيناديه ربه ليس بابي *** إن بابي لمن يريد خشوعا لو تفطنت حين جئت إليه *** كنت عاينت فيك أمرا بديعا أنت ما أنت لست أنت سوانا *** فاسكب إن شئت للفراق دموعا و لما وصلت في جماعة الواصلين من أهل زماني إلى هذا الباب الإلهي وجدته مفتوحا ما عليه حاجب و لا بواب فوقفت عنده إلى أن خلع على خلعة الوراثة النبوية و رأيت خوخة مغلقة فأردت قرعها فقيل لي لا تقرع فإنها لا تفتح فقلت فلأي شيء وضعت قيل لي هذه الخوخة التي اختص بها الأنبياء و الرسل عليه السّلام و لما كمل الدين أغلقت و من هذا الباب كانت تخلع على الأنبياء خلع الشرائع ثم إني التفت في الباب فرأيته جسما شفافا يكشف ما وراءه فرأيت ذلك الكشف عين الفهم الذي للورثة في الشرائع و ما يؤدي إليه اجتهاد المجتهدين في الأحكام فلازمت تلك الخوخة و النظر فيما وراء ذلك الباب فجليت لي من خلفه صور المعلومات على ما هي عليه فذلك عين الفتح الذي يجده العلماء في بواطنهم و لا يعلمون من أين حصل لهم إلا إن كوشفوا على ما كشف لنا فالنبوة العامة لا تشريع معها النبوة الخاصة التي بابها تلك الخوخة هي نبوة الشرائع فبابها مغلق و العلم بما فيها محقق فلا رسول و لا نبي فشكرت اللّٰه على ما منح من المتن في السر و العلن فلما اطلعت من الباب الأول الذي يصل إليه السالكون الذي منه تخرج الخلع إليهم رأيت منه شكر الشاكرين كالصور التي تجلت لنا خلف الخوخة و الظاهر من الشكر كالخوخة فلم أر شاكرا إلا لواحد من خلف الكلمات الظاهرة فلم أجد في تلك الحالة مساعد إلى على الشكر فقلت أخاطب ربي تعالى عز و جل إذا رمت شكرا لم أجد لك شاكرا *** و إن أنا لم أشكر أكون كفورا سترت عقول الخلق بالسبب الذي *** وضعت فلم آنس عليك غيورا و قد بلغت عنك التراجم غيرة *** أمرت بها عبدا بتلك خبيرا لذلك لم تشهد و لم تك ظاهرا *** و لو كنت مشهودا لكنت غفورا و قد قلت بالتلبيس في الملك الذي *** بعثت شخيصا للأنام بصيرا و كيف لنا بالعلم و الأمر لم يزل *** على حالة الإمكان منك ظهيرا فكان محمد ﷺ عين سابقة النبوة البشرية «بقوله معرفا إيانا كنت نبيا و آدم بين الماء و الطين» و هو عين خاتم النبيين بقوله تعالى ﴿وَ لٰكِنْ رَسُولَ اللّٰهِ وَ خٰاتَمَ النَّبِيِّينَ﴾ [الأحزاب:40] لما ادعى فيه أنه أبو زيد نفى اللّٰه تعالى عنه أن يكون أبا لأحد من رجالنا لرفع المناسبة و تمييز المرتبة أ لا تراه ﷺ ما عاش له ولد ذكر من ظهره تشرع تفأله لكونه سبق في علم اللّٰه أنه خاتم النبيين و «قال ﷺ إن الرسالة يعني البعثة إلى الناس بالتشريع لهم و النبوة قد انقطعت» أي ما بقي من يشرع له من عند اللّٰه حكم يكون عليه ليس هو شرعنا الذي جئنا به فلا رسول بعدي يأتي بشرع يخالف شرعي إلى الناس و لا نبي يكون على شرع ينفرد به من عند ربه يكون عليه فصرح أنه خاتم نبوة التشريع و لو أراد غير ما ذكرناه لكان معارضا «لقوله إن عيسى عليه السّلام ينزل فينا حكما مقسطا يؤمنا بنا» أي بالشرع الذي نحن عليه |
|
|||||||||
![]() |
![]() |
|||||||||
الفتوحات
المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين. |