الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية) |
![]() |
![]() |
|||||||||
الصفحة - من الجزء (عرض الصورة)
و تقليبي مع الهجران عندي *** ألذ من العناق مع الوصال فإني في الوصال عبيد نفسي *** و في الهجران عبد للموالي و شغلي بالحبيب بكل وجه *** أحب إلي من شغلي بحالي ففي هذا الشعر ايثار مآثره المحبوبة و يتضمن ما أشرنا إليه في كلامنا قبله و أما قولنا إن المحبوب صفة المحب فيما ذكرناه فهو «قوله تعالى فإذا أحببته كنت سمعه و بصره» فجعل عينه سمع العبد و بصره فأثبت أنه صفته فما أحب المحب البعد إلا بمحبوبه و هذا غاية الوصلة في عين البعد (منصة و مجلى)نعت المحب بأنه خائف من ترك الحرمة في إقامة الخدمةو ذلك أنه لا يخاف من هذا إلا عارف متوسط لم يبلغ التحقيق في المعرفة إلا أنه يشعر به من غير ذوق سوى ذوق الشعور و هو محب و المحب مطيع لمحبوبه في جميع أوامره و تحقيق الأمر يعطي أن الآمر عين المأمور و المحب عين المحبوب إلا إن الظاهر يظهر بحسب ما تعطيه حقيقة المظهر و بالمظاهر تظهر التنوعات في الظاهر و تختلف الأحكام و الأسامي و بها يظهر الطائع و العاصي فالذي هو في مقام الشعور و لم يحصل في حد أن ينزل الأشياء منازلها في الظاهر يخاف أن يصدر منه ما يناقض الحرمة في خدمته إذ يقول ليس إلا هو كما يذهب إلى ذلك من يرى الأعيان عينا واحدة و لكن لا يعرف كيف فلا يزال يسيء الأدب لأنه أخذ ذلك عن غير ذوق و هذا مذهب من يرى أن المدبر أجسام الناس روح واحدة و أن عين روح زيد هو عين روح عمرو و فيه من الغلط ما قد ذكرناه في غير هذا الموضع و هو أنه يلزم ما يعلمه زيد لا يجهله عمرو لأن العالم من كل واحد عين روحه و هو واحد و الشيء الواحد لا يكون عالما بالشيء جاهلا به فيخاف المحب إن صدرت منه قلة حرمة بهفوة و غلط أن يستند فيها بعد وقوعها إلى ما ذكرناه فيحصل في قلة المبالاة بما يظهر عليه من ذلك و المحبة تأبى إلا حرمة المحبوب و إن كان المحب مدلا بحبه لغلبة الحب عليه و أنه يرى نفسه عين محبوبه فيقول أنا من أهوى و من أهوى أنا فهذا سبب خوفه لا غير (منصة و مجلى)نعت المحب أن يستقل الكثير من |
|
|||||||||
![]() |
![]() |
|||||||||
| الفتوحات
المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين. |
||||||||||





