الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية) |
![]() |
![]() |
|||||||||
الصفحة - من الجزء (عرض الصورة)![]() و هي فاتحة الكتاب و السبع المثاني و القرآن العظيم و الكافية و البسملة آية منها و هي تتضمن الرب و العبد و لنا في تقسيمها قريض منه للنيرين طلوع بالفؤاد فما *** في سورة الحمد يبدو ثالث لهما فالبدر محو و شمس الذات مشرقة *** لو لا الشروق لقد ألفيته عدما هذي النجوم بأفق الشرق طالعة *** و البدر للمغرب العقلي قد لزما فإن تبدي فلا نجم و لا قمر *** يلوح في الفلك العلوي مرتسما [الكتاب من باب الإشارة]فهي فاتحة الكتاب لأن الكتاب عبارة من باب الإشارة عن المبدع الأول فالكتاب يتضمن الفاتحة و غيرها لأنها منه و إنما صح لها اسم الفاتحة من حيث إنها أول ما افتتح بها كتاب الوجود و هي عبارة عن المثل المنزه في ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ [الشورى:11] بأن تكون الكاف عين الصفة فلما أوجد المثل الذي هو الفاتحة أوجد بعده الكتاب و جعله مفتاحا له فتأمل و هي أم القرآن لأن الأم محل الإيجاد و الموجود فيها هو القرآن و الموجد الفاعل في الأم فالأم هي الجامعة الكلية و هي أم الكتاب الذي عنده في قوله تعالى ﴿وَ عِنْدَهُ أُمُّ الْكِتٰابِ﴾ [الرعد:39] فانظر عيسى و مريم عليهما السلام و فاعل الإيجاد يخرج لك عكس ما بدا لحسك فالأم عيسى و الابن الذي هو الكتاب العندي أو القرآن مريم عليهما السلام فافهم و كذلك الروح ازدوج مع النفس بواسطة العقل فصارت النفس محل الإيجاد حسا و الروح ما أتاها إلا من النفس فالنفس الأب فهذه النفس هو الكتاب المرقوم لنفوذ الخط فظهر في الابن ما خط القلم في الأم و هو القرآن الخارج على عالم الشهادة و الأم أيضا عبارة عن وجود المثل محل الأسرار فهو الرق المنشور الذي أودع فيه الكتاب المسطور المودعة فيه تلك الأسرار الإلهية فالكتاب هنا أعلى من الفاتحة إذ الفاتحة دليل الكتاب و مدلولها و شرف الدليل بحسب ما يدل عليه أ رأيت لو كان مفتاحا لضد الكتاب المعلوم أن لو فرض له ضد حقر الدليل لحقارة المدلول و لهذا «أشار النبي صلى اللّٰه عليه و سلم أن لا يسافر بالمصحف إلى أرض العدو» لدلالة تلك الحروف على كلام اللّٰه تعالى إذ قد سماها الحق كلام اللّٰه و الحروف الذي فيه أمثالها و أمثال الكلمات إذا لم يقصد بها الدلالة على كلام اللّٰه يسافر بها إلى أرض العدو و يدخل بها مواضع النجاسات و أشباهها و الكشف [حضرتا الجمع و الأفراد في الفاتحة]و هي السبع المثاني و القرآن العظيم : الصفات ظهرت في الوجود في واحد و واحد فحضرة تفرد و حضرة تجمع فمن البسملة إلى الدين إفراد و كذلك من ﴿اِهْدِنَا﴾ [الفاتحة:6] إلى ﴿اَلضّٰالِّينَ﴾ [الفاتحة:7] و قوله ﴿إِيّٰاكَ نَعْبُدُ وَ إِيّٰاكَ نَسْتَعِينُ﴾ [الفاتحة:5] تشمل «قال اللّٰه تعالى قسمت الصلاة بيني و بين عبدي نصفين فنصفها لي و نصفها لعبدي و لعبدي ما سأل» فلك السؤال و منه العطاء كما إن له السؤال بالأمر و النهي و لك الامتثال «يقول العبد» ﴿اَلْحَمْدُ لِلّٰهِ رَبِّ الْعٰالَمِينَ﴾ [الفاتحة:2] يقول اللّٰه حمدني عبدي يقول العبد ﴿اَلرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ﴾ [الفاتحة:1] يقول اللّٰه أثنى على عبدي يقول العبد ملك ﴿(مٰالِكِ)يَوْمِ الدِّينِ﴾ يقول اللّٰه مجدني عبدي و مرة قال فوض إلى عبدي هذا إفراد إلهي و «في رواية يقول العبد» ﴿بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ﴾ [الفاتحة:1] يقول اللّٰه ذكرني عبدي ثم قال يقول العبد ﴿إِيّٰاكَ نَعْبُدُ وَ إِيّٰاكَ نَسْتَعِينُ﴾ [الفاتحة:5] يقول اللّٰه هذه بيني و بين عبدي و لعبدي ما سأل فما هي العطاء و إياك في الموضعين ملحق بالإفراد الإلهي يقول العبد ﴿اِهْدِنَا الصِّرٰاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرٰاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَ لاَ الضّٰالِّينَ﴾ فهؤلاء لعبدي هذا هو الإفراد العبدي المألوه و لعبدي ما سأل سأل مألوه ما إلها فلم تبق إلا حضرتان فصح المثاني فظهرت في الحق وجودا و في العبد الكلي إيجادا فوصف نفسه بها و لا موجود سواه في العماء ثم وصف بها عبده حين استخلفه و لذلك خروا له ساجدين لتمكن الصورة و وقع الفرق من موضع القدمين إلى يوم القيامة و القرآن العظيم الجمع و الوجود و هو إفراده عنك و جمعك به و ليس سوى قوله ﴿إِيّٰاكَ نَعْبُدُ وَ إِيّٰاكَ نَسْتَعِينُ﴾ [الفاتحة:5] و حسب ﴿وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ﴾ [الأحزاب:4] (واقعة) [الحمد لله من طريق الأسرار]أرسل رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم عثمان رضي اللّٰه عنه إلي آمرا بالكلام في المنام بعد ما وقعت شفاعتي على جماعتي و نجا الكل من أسر الهلاك و قرب المنبر الأسنى و صعدت عليه عن الأذن العالي المحمدي الأسمى بالاقتصار على لفظة الحمد لله خاصة و نزل التأييد و رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم عن يمين المنبر قاعد فقال العبد بعد ما أنشد و حمد و أثنى و بسمل حقيقة الحمد هي العبد المقدس المنزه لله إشارة إلى الذات الأزلية و هو مقام انفصال |
|
|||||||||
![]() |
![]() |
|||||||||
الفتوحات
المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين. |