الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية) |
![]() |
![]() |
||||||||||
الصفحة - من الجزء (عرض الصورة)![]() الخير فيها فإن الأمر إذا كان بهذه المثابة يرجى أن يكون المال إلى خير و إن دخل النار فإن اللّٰه أجل و أعظم و أعدل من أن يعذب مكرها مقهورا و قد قال ﴿إِلاّٰ مَنْ أُكْرِهَ وَ قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمٰانِ﴾ [النحل:106] [ارتباط النفس بالحواس و الجوارح]و قد ثبت حكم المكره في الشرع و علم حد المكره الذي اتفق عليه و المكره الذي اختلف و هذه الجوارح من المكرهين المتفق عليهم أنهم مكرهون فتشهد هذه الأعضاء بلا شك على النفس المدبرة لها السلطانة عليها و النفس هي المطلوبة عند اللّٰه عن حدوده و المسئولة عنها و هي مرتبطة بالحواس و القوي لا انفكاك لها عن هذه الأدوات الجسمية الطبيعية العادلة الزكية المرضية المسموع قولها و لا عذاب للنفس إلا بوساطة تعذيب هذه الجسوم و هي التي تحس بالآلام المحسوسة لسريان الروح الحيواني فيها [عذاب النفس]و عذاب النفس بالهموم و الغموم و غلبة الأوهام و الأفكار الرديئة و ما ترى في رعيتها مما تحس به من الآلام و يطرأ عليها من التغييرات كل صنف بما يليق به من العذاب و قد أخبر بمآلها لإيمانها إلى السعادة لكون المقهور غير مؤاخذ بما جبر عليه و ما عذبت الجوارح بالألم إلا لإحساسها أيضا باللذة فيما نالته من حيث حيوانيتها فافهم فصورتها صورة من أكره على الزنا و فيه خلاف و النفس غير مؤاخذة بالهم ما لم تعمل ما همت به بالجوارح و النفس الحيوانية مساعدة بذاتها مع كونها من وجه مجبورة فلا عمل للنفوس إلا بهذه الأدوات و لا حركة في عمل للادوات إلا بالأغراض النفسية فكما كان العمل بالمجموع وقع العذاب بالمجموع ثم تفضي عدالة الأدوات في آخر الأمر إلى سعادة المؤمنين فيرتفع العذاب الحسي [ارتفاع العذاب في آخر الأمر عن أهل الإيمان]ثم يقضي حكم الشرع الذي رفع عن النفس ما همت به فيرتفع أيضا العذاب المعنوي عن المؤمن فلا يبقى عذاب معنوي و لا حسي على أحد من أهل الايمان و بقدر قصر الزمان في الدار الدنيا بذلك العمل لوجود اللذة فيه و أيام النعيم قصار تكون مدة العذاب على النفس الناطقة و الحيوانية الدراكة مع قصر الزمان المطابق لزمان العمل فإن أنفاس الهموم طوال فما أطول الليل على أصحاب الآلام و ما أقصره بعينه على أصحاب اللذات و النعيم فزمان الشدة طويل على صاحبه و زمان الرخاء قصير (إفصاح)و اعلم أن للزكاة نصابا و حولا أي مقدارا في العين و الزمان كذلك الاعتبار في زكاة الأعضاء لها مقدار في العين و الزمان فالنصاب بلوغ العين إلى النظرة الثانية فإنها المقصودة و الإصغاء إلى السماع الثاني و كذلك الثواني في جميع الأعضاء لأجل القصد و المقدار الزماني يصحبه فلنذكر ما يليق بهذا الباب مسألة مسألة على قدر ما يلقي اللّٰه عزَّ وجلَّ في الخاطر من ذلك و اللّٰه الموفق و الهادي إلى صراط مستقيم (وصل في زكاة الحلي)اختلف العلماء رضي اللّٰه عنهم في زكاة الحلي فمن قائل لا زكاة فيه و من قائل فيه الزكاة (الاعتبار في ذلك)الحلي ما يتخذ للزينة و الزينة مأمور بها قال اللّٰه تعالى ﴿يٰا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ﴾ [الأعراف:31] و قال تعالى ﴿قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّٰهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبٰادِهِ﴾ [الأعراف:32] و أضافها إليه ما أضافها إلى الدنيا و لا إلى الشيطان و الزكاة حق له و ما كان مضافا إليه لا يكون فيه حق له لأنه كله له فلا زكاة في زينة اللّٰه [شرع اللّٰه للإنسان أن يستعين به في أفعاله]و من اتخذه لزينة الحياة الدنيا و سلب عنه زينة اللّٰه أوجب فيه الزكاة و هو أن يجعل اللّٰه نصيبا فيه يحيي به ما أضاف منه إلى نفسه و يزكو و يتقدس كما شرع اللّٰه للإنسان أن يستعين بالله و يطلب العون منه في أفعاله التي كلفه سبحانه أن يعملها و هو العامل سبحانه لا هم فكذلك ينبغي أن يجعل الزكاة في زينة الحياة الدنيا و إن كانت ﴿زِينَةَ اللّٰهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبٰادِهِ﴾ [الأعراف:32] فأوجبوا الزكاة في تلك الزينة كما أوجبها من أوجبها في الحلي (وصل في زكاة الخيل)اختلفوا في الخيل فالجمهور على أنه لا زكاة في الخيل و قال قوم إذا كانت سائمة و قصد بها النسل ففيها الزكاة أعني إذا كانت ذكرنا و إناثا (وصل الاعتبار في ذلك)هذا النوع من الحيوان و أمثاله من جملة زينة اللّٰه قال تعالى ﴿وَ الْخَيْلَ وَ الْبِغٰالَ وَ الْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهٰا وَ زِينَةً﴾ [النحل:8] و هي من زينة ﴿اَللّٰهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبٰادِهِ﴾ [الأعراف:32] ثم إنه من الحيوان الذي له الكر و الفر فهو أنفع حيوان يجاهد عليه في سبيل اللّٰه فالأغلب فيه أنه لله و ما كان لله فما فيه حق لله لأنه كله لله [النفس مركبها البدن]النفس مركبها البدن فإذا كان البدن في مزاجه و تركيب طبائعه بحيث أن يساعد النفس المؤمنة الطاهرة على ما تريد منه من الإقبال على طاعة اللّٰه و الفرار عن مخالفة اللّٰه كان لله و ما كان لله فلا حق فيه لله لأنه كله لله و إذا كان البدن يساعد |
|
||||||||||
![]() |
![]() |
||||||||||
الفتوحات
المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين. |