الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية) |
![]() |
![]() |
||||||||
الصفحة - من الجزء (عرض الصورة)![]() أحد ما مثله أحد *** بكمال النعت منفرد [الإتيان إلهي و الإتيان الإلهي الخاص]اعلم يا ولي أن لله عبادا من حيث اسمه الرحمن و هو قوله ﴿وَ عِبٰادُ الرَّحْمٰنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَ إِذٰا خٰاطَبَهُمُ الْجٰاهِلُونَ قٰالُوا سَلاٰماً﴾ [الفرقان:63] يقول تعالى ﴿يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمٰنِ وَفْداً﴾ [مريم:85] و لله عباد يأتي إليهم الرحمن من اسمه الرب فإن اللّٰه يقول ﴿قُلِ ادْعُوا اللّٰهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمٰنَ أَيًّا مٰا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمٰاءُ الْحُسْنىٰ﴾ [الإسراء:110] فكماله من الاسم اللّٰه الأسماء الحسنى كذلك له من الاسم الرحمن الأسماء الحسنى «قال رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم ينزل ربنا إلى السماء الدنيا» و قال ﴿وَ جٰاءَ رَبُّكَ﴾ [الفجر:22] فثم إتيان عام مثل هذا و هو الإتيان للفصل و القضاء و ثم إتيان خاص بالرحمة لمن اعتنى به من عباده «قال رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم لما اشتد كربه من المنازعين إني لأجد نفس الرحمن من قبل اليمن» و هو ما مشى إلى اليمن لكن النفس أدركه من قبل اليمن و ما أدركه حتى أتاه فجاء بالتنفيس من الشدة و الضيق الذي كان فيه بالأنصار رضي اللّٰه عن جميعهم فتقدم إليه النفس في باطنه و قلبه مبشرا بما يظهره اللّٰه من نصرة الدين و إقامته على أيدي الأنصار [ابن عربي بدمشق و حديث الأنصار]و لقد جرى لنا في حديث الأنصار ما نذكره إن شاء اللّٰه و ذلك أنه عندنا بدمشق رجل من أهل الفضل و الأدب و الدين يقال له يحيى بن الأخفش من أهل مراكش كان أبوه يدرس العربية بها فكتب إلي يوما من منزله بدمشق و أنا بها يقول لي في كتابه يا ولي رأيت رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم البارحة بجامع دمشق و قد نزل بمقصورة الخطابة إلى جانب خزانه المصحف المنسوب إلى عثمان رضي اللّٰه عنه و الناس يهرعون إليه و يدخلون عليه يبايعونه فبقيت واقفا حتى خف الناس فدخلت عليه و أخذت يده فقال لي هل تعرف محمدا قلت له يا رسول اللّٰه من محمد فقال له ابن العربي قال فقلت له نعم أعرفه فقال له رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم إنا قد أمرناه بأمر فقل له يقول لك رسول اللّٰه انهض لما أمرت به و اصحبه أنت فإنك تنتفع بصحبته و قل له يقول لك رسول اللّٰه امتدح الأنصار و لتعين منهم سعد بن عبادة و لا بد ثم استدعى بحسان بن ثابت فقال له رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم يا حسان حفظه بيتا يوصله إلى محمد بن العربي يبني عليه و ينسج على منواله في العروض و الروي فقال حسان يا يحيى خذ إليك و أنشدني بيتا و هو شغف السهاد بمقلتي و مزاري *** فعلى الدموع معولي و مشاري و ما زال يردده علي حتى حفظته ثم قال لي رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم إذا مدح الأنصار فاكتبه بخط بين و احمله ليلة الخميس إلى تربة هذا الذي تسمونها قبر الست فستجد عندها شخصا اسمه حامد فادفع إليه المديح فلما أخبرني بذلك هذا الرائي و فقه اللّٰه عملت القصيدة من وقتي من غير فكرة و لا روية و لا تثبط و دفعت القصيدة إليه فكتب إلى أنه لما جاء قبر الست وصل إليه بعد العشاء الآخرة قال فرأيت رجلا عند القبر فقال لي ابتداء أنت يحيى الذي جاء من عند فلان و سماني قال فقلت له نعم قال فأين القصيد الذي مدح به الأنصار عن أمر رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم فقلت هو ذا عندي فناولته إياه فقرب من الشمعة ليقرأ القصيدة فلم أره يخبر ذلك الخط فقلت له تأمرني أنشدك إياها قال نعم فأنشدته إياها و هذا نص القصيدة قال ابن ثابت الذي فخرت به *** فقر الكلام و نشأة الأشعار شغف السهاد بمقلتي و مزاري *** فعلى الدموع معولي و مشاري و كانت أمي تنسب إلى الأنصار فقلت فلذا جعلت رويه الراء التي *** هي من حروف الرد و التكرار فأقول مبتدئا لطاعة أحمد *** في مدح قوم سادة أبرار إني امرؤ من جملة الأنصار *** فإذا مدحتهمو مدحت نجاري بسيوفهم قام الهدى و بهم علت *** أنواره في رأس كل منار قاموا بنصر الهاشمي محمد *** المصطفى المختار من مختار صحبوا النبي بنية و عزائم *** فازوا بهن حميدة الآثار |
|
||||||||
![]() |
![]() |
||||||||
الفتوحات
المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين. |