﴿وَ جٰاءَ رَبُّكَ﴾ [الفجر:22] فثم إتيان عام مثل هذا و هو الإتيان للفصل و القضاء و ثم إتيان خاص بالرحمة لمن اعتنى به من عباده «قال رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم لما اشتد كربه من المنازعين إني لأجد نفس الرحمن من قبل اليمن» و هو ما مشى إلى اليمن لكن النفس أدركه من قبل اليمن و ما أدركه حتى أتاه فجاء بالتنفيس من الشدة و الضيق الذي كان فيه بالأنصار رضي اللّٰه عن جميعهم فتقدم إليه النفس في باطنه و قلبه مبشرا بما يظهره اللّٰه من نصرة الدين و إقامته على أيدي الأنصار
[ابن عربي بدمشق و حديث الأنصار]
و لقد جرى لنا في حديث الأنصار ما نذكره إن شاء اللّٰه و ذلك أنه عندنا بدمشق رجل من أهل الفضل و الأدب و الدين يقال له يحيى بن الأخفش من أهل مراكش كان أبوه يدرس العربية بها فكتب إلي يوما من منزله بدمشق و أنا بها يقول لي في كتابه يا ولي رأيت رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم البارحة بجامع دمشق و قد نزل بمقصورة الخطابة إلى جانب خزانه المصحف المنسوب إلى عثمان رضي اللّٰه عنه و الناس يهرعون إليه و يدخلون عليه يبايعونه فبقيت واقفا حتى خف الناس فدخلت عليه و أخذت يده فقال لي هل تعرف محمدا قلت له يا رسول اللّٰه من محمد فقال له ابن العربي قال فقلت له نعم أعرفه فقال له رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم إنا قد أمرناه بأمر فقل له يقول لك رسول اللّٰه انهض لما أمرت به و اصحبه أنت فإنك تنتفع بصحبته و قل له يقول لك رسول اللّٰه امتدح الأنصار و لتعين منهم سعد بن عبادة و لا بد ثم استدعى بحسان بن ثابت فقال له رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم يا حسان حفظه بيتا يوصله إلى محمد بن العربي يبني عليه و ينسج على منواله في العروض و الروي فقال حسان يا يحيى خذ إليك و أنشدني بيتا و هو
شغف السهاد بمقلتي و مزاري *** فعلى الدموع معولي و مشاري
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية