الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية) |
![]() |
![]() |
||||||||||
الصفحة - من الجزء (عرض الصورة)![]() لو ثبت للعالم القدم لاستحال عليه العدم و العدم ممكن بل واقع عند العالم الجامع لكن أكثر العبيد ﴿فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ﴾ [ق:15] فما عرف تجدد الأعيان إلا أهل الحسبان و أثبت ذلك الأشعري في العرض و تخيل الفيلسوف فيه أنه صاحب مرض فجهله بسواد الزنجي و صفرة الذهب و ذهب به مثل هذا المذهب [من عنت فقد وقت]و من ذلك من عنت فقد وقت من الباب 245 الوقت سيف و منه الخوف كل الخوف زمانك حالك و في إقامتك ارتحالك فسيرك يا هذا كسير سفينة *** بقوم قعود و القلاع تطير المسافر بمركبه جاهل بمذهبه رحله ريح بالمكان الفسيح رأسه في الماء و رجلاه في الهواء فمشيه مقلوب و هو المطلوب لو لا قلبه ما مشى و لو لا قلبه ما وشى إلا لراحة قلبه و ما علم ما احتقبه من ذنبه لو كتم العبد سرا ما قيل له لقد جئت ﴿شَيْئاً إِمْراً﴾ [الكهف:71] و لا جئت ﴿شَيْئاً نُكْراً﴾ [الكهف:74] و لا أقام لذلك عذرا حتى قال ﴿ذٰلِكَ تَأْوِيلُ مٰا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً﴾ [الكهف:82] فلو ترك السر مخزونا ما كان الكليم مفتونا ﴿إِنْ هِيَ إِلاّٰ فِتْنَتُكَ﴾ [الأعراف:155] عن ذوق مع شدة الشوق [لا تهب لما تغلب]و من ذلك لا تهب لما تغلب من الباب 246 من هابك غلبته و من استضعفك قويته الهيبة خيبه و لا تكون إلا مع الغيبة الظهور للحضور ما طاب من هاب و من هاب لم يلتذ بوصال الأحباب بل هو في عذاب جمعه كفرقه و حقه في حقه لا تهاب خوفا من الذهاب لو كان للمهابة حكم ما تجلى و لا رؤي عبد بأسمائه تحلى و لا قيل في عبد إنه بربه تخلى و لا دنا و لا تدلى و لا نزل إلى قوله ﴿فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلّٰى﴾ [ النجم:29] ما ثم سوى عينك فلا تكن جاهلا بكونك ﴿لاٰ تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَ لاٰ تَقُولُوا عَلَى اللّٰهِ إِلاَّ الْحَقَّ﴾ [النساء:171] فقد الحق الخلق بالحق قال أين هذا التعالي و ما ثم أعلى من اللّٰه المتعالي فالنزول علو و البعد دنو [الأنس في الياس]و من ذلك الأنس في الياس من الباب 247 العذاب الحاضر تعلق الخاطر من يئس استراح و حرج من القيد و راح الأنس بالمشاكل و المشاكل مماثل و المثل ضد و الضدية بعد و الأنس بالقرب فما ثم أنس ليس في الأنس خير لما فيه من إثبات الغير من أنس بنفسه فقد جعلها أجنبية و هذا غاية النفس الآبية و من تغرب عن نفسه جهل في جنسه و استوحش في أنسه الأنس بالأنس لا يكون إلا لمغبون و الكتاب المكنون ﴿لاٰ يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ﴾ [الواقعة:79] و ما ثم إلا الجنة و هم منا في أجنة فهم أهل الكمون و عما نالهم كالبطون هو أعلم لكم ﴿إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ﴾ [ النجم:32] بأبيكم ﴿وَ إِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهٰاتِكُمْ﴾ [ النجم:32] ببنيكم فأين التزكية مع هذه التخلية [من جل مل]و من ذلك من جل مل من الباب 248 الاستبلال لا يرد إلا على الاعتلال و من قال بالحلول فهو معلول و هو مرض لا دواء لدائه و لا طبيب يسعى في شفائه مريض الكون إذا بل أعل فإن الحدوث له لازم به و قائم فمرضه دائم لا يزال على فراشه ملقى و من سهام نوائب زمانه غير موقى فلا يزال غرضا مائلا و هدفا نائلا فهو الصحيح العليل و الكثيب المهيل علته صحيحه و ألسن عباراتها بالحال عنها فصيحة فإن كان الحق قواه فقد بريء من علته و قواه فإن الحق سمعه فانجبر صدعه و إنه بصره فقد نفذ نظره و إنه لسانه فقد فهم بيانه و إنه رجله فقد استقام ميلة و إنه يده فما يطلب من يعضده فمن عرف هذه النحل فقد بريء من جميع العلل فالله شفاؤه و هو داؤه فالمتكبر مقصوم و من كان الحق صفته فهو معصوم [من تجمل استعمل]و من ذلك من تجمل استعمل من الباب 249 المتجمل مؤتمن و لهذا يغتبن يظهر الجمال و إن كان كاسف البال التجمل مروة و لا يكون إلا من أهل الفتوة من ألحق البنوة بالنبوة فقد ضاعف اللّٰه سموه العلو زيادة في الواجب في أصح المذاهب الهيبة من آثار الجمال على كل حال الجمال محبوب و هو أعز مصحوب من صحبه الجمال لم يزل في اعتلال من زاد شهوده في غلته زاد في علته «إن اللّٰه جميل يحب الجمال» ﴿فَلاٰ تَضْرِبُوا لِلّٰهِ الْأَمْثٰالَ﴾ [النحل:74] و إنما ضرب اللّٰه تعالى لنفسه الأمثال لأنه يعلم و نحن لا نعلم و من أعلمه اللّٰه فليكتم لئلا يجرأ فيأثم فاستعذ بالله من المغرم و المأثم كما استعاذ به من ثم [ ما مال من اتصف بالكمال]و من ذلك ما مال من اتصف بالكمال من الباب 250 الكمال في البرزخ و هو المقام الأشمخ لو مال ما اتصف بالاعتدال مرج البحرين ﴿بَيْنَهُمٰا بَرْزَخٌ لاٰ يَبْغِيٰانِ﴾ [الرحمن:20] و من البغي ما هو طغيان من بغي طغى من ﴿بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللّٰهُ﴾ [الحج:60] و لو بعد حين ف ﴿اُعْبُدْ رَبَّكَ حَتّٰى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ﴾ [الحجر:99] فإذا أتاك جاء النصر فترمي الباغي ﴿بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ كَأَنَّهُ جِمٰالَتٌ صُفْرٌ﴾ فتخرج من المكان الأضيق إلى المنزل الأفيح و الشذا الأعطر الأفوح فعطر النادي ذلك الشذا |
|
||||||||||
![]() |
![]() |
||||||||||
الفتوحات
المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين. |