الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية) |
![]() |
![]() |
||||||||
الصفحة - من الجزء (عرض الصورة)![]() فما في الكون إلا الشفع فانظر *** فإن الرب بالمربون كانا فمن فهم الذي قد قلت فيه *** أهان شريكه و الشرك هانا لهذا الحق بعد الأخذ فيه *** يورثه برحمته جنانا بدار النار لم يخرجه منها *** و أعطاه بها النعمى امتنانا فكن فردا و كن وترا تكنه *** و لا تك واحدا فيه عيانا تحز بالوتر إن فكرت فيه *** و بالفرد المكانة و المكانا و لا تنظر إلى الأحد المعلى *** فما في الكون من عين سوانا إذا قال الإله لكل شيء *** يريد وجوده إن كن فكانا و ما كان الذي قد كان منه *** سواه فمن رآه فقد رآنا «الرفيق حضرة الرفق و المرافقة»إن الرفيق هو الذي يسترفق *** و هو الإمام العالم المتحقق فإذا نطقت عن الإله مترجما *** ألقى على الأسماء ما يتحقق إذا كان الرفيق هو الرفيق *** فلا تجنح إلى غير الرفيق تفز بالسبق و التحقيق فيه *** يبينه له معنى الطريق لقد دقت إشارات المعاني *** إلى قلبي بمعناها الدقيق و جلت أن تنال بكل فكر *** لأن مجيئها لمع البروق و قلت لصاحبي مهلا فإني *** سأشهد حالها عند الشروق [إن الإنسان خلق في محل الحاجة]يدعى صاحبها عبد الرفيق و هو أخو الصاحب في الدلالة و لما خبر ﷺ عند الموت ما قال و لا سمع منه إلا الرفيق الأعلى فإنه تعالى كان مرافقه في الدنيا و علم منه تعالى أنه يريد بطلوع الفجر الرجوع إلى عرشه من السماء الدنيا التي نزل إليها في ليل نشأته الطبيعية فلم يرد ﷺ مفارقة رفيقه فانتقل لانتقاله و رحل لرحلته و لذلك قال ﷺ الرفيق و لم يقل غير ذلك لأن الإنسان خلق في محل الحاجة و العجز فهو يطلب من يرتفق به فلما وجد الحق نعم الرفيق و علم إن الارتفاق به على الحقيقة هو الارتفاق الموجود في العالم و إن أضيف إلى غيره فلجهل الذي أضافه فطلب الرفيق الذي بيده جميع الإرفاق فلم يطلب أثرا بعد عين و هكذا حال كل من أحب لقاء اللّٰه إذا لم تكن له درجة مشاهدة الرفيق و هو في قوله تعالى ﴿وَ هُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مٰا كُنْتُمْ﴾ [الحديد:4] فهو رفيقنا تعالى في كل وجهة نكون فيها غير إنا حجبنا فسمي انفصالنا عن هذا الوجود الحسي بالموت لقاء اللّٰه و ما هو لقاء و إنما هو شهود الرفيق الذي أخذ اللّٰه بأبصارنا عنه فقال من أحب لقاء اللّٰه أحب اللّٰه لقاءه فنلقاه بالكرامة *** و البشر و بالرضى و بأهل و مرحب ضاق *** عن وسعه الفضاء فلم يعرفه المحجوب رفيقا حتى لقيه فإذا لقيه عرفه و هو قوله ﴿وَ بَدٰا لَهُمْ مِنَ اللّٰهِ مٰا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ﴾ [الزمر:47] فاستحيوا منه المؤمنون لما عاملوه به من المخالفة لأوامره تعالى و خاف منه المجرمون فلقوه على كره فكره اللّٰه لقائهم و مع هذه الكراهة فلا بد من اللقاء للجزاء كان الجزاء ما كان و لما كان الأنس و الرحمة و أخواتهما في الرفيق و المرافقة لذلك اختصت البنوية باسم الرفيق فتقول فلان رفيق فلان لأنه يغضب لرفيقه و ينصره و لا يخذله و ينصر الحق و لا يخذله فإنه من شرط البنوة أنه لا يكذب فيعتضد بالنبوي الحق في إظهار الصدق و ليس ذلك لغير هذه الطائفة و إذا لم يكن على مكارم هذه الأخلاق خلع عنه قميص البنوة و هو قميص نقي سابغ فمن دنسه أو قلصه عاد ذلك عليه و خلع عنه قميصها فلا يلبسه إلا أهلها «الباعث حضرة البعث»حضرة البعث حضرة الإرسال *** فلها الصدق و هو من أحوالي |
|
||||||||
![]() |
![]() |
||||||||
الفتوحات
المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين. |