الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية) |
![]() |
![]() |
||||||||
الصفحة - من الجزء (عرض الصورة)![]() اللّٰه فله حكم الأزل و الأبد فاعلم ذلك [حكم الأزل و الأبد]و من هذه الحضرة ثبت حكم الأزل و الأبد لمن وصف به و إن عين العالم لم يزل في الأزل الذي هو الدهر الأول بالنسبة إلى ما نذكره ثابت العين و لما أفاده الحق الوجود ما طرأ عليه الإحالة الوجود لا أمر آخر فظهر في الوجود بالحقيقة التي كان عليها في حال العدم فتعين بحال وجود العالم الطرف الأول المعبر عنه بالأزل و ليس إلا الدهر و تعين حال وجود العالم بنفسه و هو زمان الحال و هو الدهر عينه ثم استمر له الوجود إلى غير نهاية فتعين الطرف الآخر و هو الأبد و ليس إلا الدهر فمن راعى هذه النسب جعله دهور أو هو دهر واحد و ليس إلا عين الوجود الحق بأحكام أعيان الممكنات أو ظهور الحق في صور الممكنات فتعين إن الدهر هو اللّٰه تعالى كما أخبر عن نفسه على ما أوصله إلينا رسوله ص «فقال لنا لما سمع من يسب الدهر لكونه لم يعطه أغراضه فقال لا تسبوا الدهر فإن اللّٰه هو الدهر» لأنه المانع وجود ما لكم في وجوده غرض و لهذا سمي بالمانع و له حضرة في هذا الباب في هذا الكتاب مذكورة فتوليد العالم إنما هو للزمان و هو الدهر ﴿يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهٰارِ﴾ [الحج:61] فيتناكحان فيلد النهار جميع ما يظهر فيه من الأعيان القائمة بأنفسها و غير القائمة بأنفسها من الأجسام و الجسمانيات و الأرواح و الروحانيات و الأحوال فيظهر كل روحاني و جسماني من كل اسم رباني و يظهر كل جسم و روح من الاسم الرب لا من الاسم الرباني ﴿وَ يُولِجُ النَّهٰارَ فِي اللَّيْلِ﴾ [الحج:61] فيتناكحان فيلد الليل مثل ما ولد النهار سواء على حد ما مضى و هذا المعبر عنه بالليل و النهار سدنة الدهر و الإيلاج و التكوير و الغشيان و هو قوله ﴿يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهٰارِ وَ يُكَوِّرُ النَّهٰارَ عَلَى اللَّيْلِ﴾ [الزمر:5] من كور العمامة و ﴿يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهٰارَ﴾ [الأعراف:54] فهذه مقاليد الدهر الذي ﴿لَهُ مَقٰالِيدُ السَّمٰاوٰاتِ﴾ [الزمر:63] و هو الناكح و الأرض و هو المنكوح فمن علا من هذين الزوجين فله الذكورية و هو السماء و من سفل من هذين الزوجين فله الأنوثة و هو الأرض و نكاحهما المقلاد و الإقليد الذي به يكون الفتح فيظهر ما في خزائن الجود و هو الدهر فهكذا وجد العالم عن نكاح دهري زماني ليلي و نهاري فإن علا ماء الناكح ماء المنكوح أذكر فظهرت الأرواح الفاعلة و إن علا ماء المنكوح ماء الناكح أنثى فظهرت الجثث الطبيعية القابلة للانفعال المنفعلة فهكذا كانت الأمور *** و أظهرت حكمها الدهور فكل أمر يخصه اسم *** كان له الكون و الصدور ثم إلى اللّٰه بعد هذا *** تصير في سيرها الأمور فكل جسم له ظلام *** و كل روح لديه نور إذا انطوى ظله و يخفى *** في ذاته ذلك النفور لم يعدم اللّٰه عين شيء *** أبداه لكنه يبور فخلقه لم يزل جديدا *** في كل أوقاته يثور لو لا وجود النكاح فيه *** ما كان للعالم الظهور و لا لأسمائه احتكام *** و لا لأعيانها نشور فأنجم منه طالعات *** و أنجم عنده تغور كأنها طالبات ثار *** و طالب الثأر ما يجور فالكون في ليل أو نهار *** على الذي قلته دور «الصاحب حضرة الصحبة»الصاحب الحق ليس الصاحب الداعي *** و لو تحكم في بريء و أوجاعي و إن صاحبها يبغي مصاحبتي *** و يدعي أنه مني ي كأسماعي صحبة الرحمن فيها أدب *** فأصحب الرحمن لا تصحب سواه يتمناه الذي يصحبه *** إن يراه فيرى فيه مناه |
|
||||||||
![]() |
![]() |
||||||||
الفتوحات
المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين. |