الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية) |
![]() |
![]() |
|||||||||
الصفحة - من الجزء (عرض الصورة)![]() ﴿وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ﴾ [الأحزاب:4] و هو قوله ﴿وَ يَهْدِي مَنْ يَشٰاءُ إِلىٰ صِرٰاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [يونس:25] «حضرة الجلال»إن الجليل له الجلال الأعظم *** و الجود و الكرم العميم الأفخم فإذا تخلق عبده بجلاله *** تعنو الوجوه له و منه يعظم و هو الذي سبق الجمال نفاسة *** فله التقدم و المقام الأقدم و له التنزه في المعارج كلها *** و له التكرم و الصراط الأقوم يبدو فيظهره جمال وجوده *** يعلو فيحجبه الجلال المعلم بحقيقة حوت الحقائق كلها *** ما قد علمت به و ما لا يعلم فانهض بها إن كنت تعرف قدرها *** ذوقا و لا تك في القيامة تندم لا تفز عن لها فأنت من أهلها *** و أرحل إلى طلب المعالي تعصم *** ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُبٰايِعُونَكَ﴾ [الفتح:10] إنهم *** ليبايعون الحق حقا فاعلموا و أفشوا الذي جئنا به في حقه *** لا تكتموه فإنه لا يكتم و انظر إليه من وراء حجابه *** تحظى به إن كنت ممن يفهم إن كنت من أصحابه في غيبه *** فأنعم به إن كنت ممن ينعم مهما بنيت الصرح أنت خليفة *** فاحذر إذا قام البناء يتهدم إن البناء إذا تقوم بأمره *** لا يعتريه تقوض و تهدم يدعى صاحب هذه الحضرة عبد الجليل قال تعالى و جل ﴿وَ هُوَ الَّذِي فِي السَّمٰاءِ إِلٰهٌ وَ فِي الْأَرْضِ إِلٰهٌ﴾ [الزخرف:84] و ﴿فِي السَّمٰاءِ رِزْقُكُمْ وَ مٰا تُوعَدُونَ﴾ [الذاريات:22] جعل الرزق و البناء جميعا *** في سماء و ما لها من فروج ثم لا بد للعبيد إليها *** حين يدعون نحوها من عروج إنما الخلق إن نظرتم إليهم *** تجدوهم في كل أمر مريج دون علم فهم حيارى سكارى *** في خروج إن كان أو في ولوج [من حضرة الجلال ظهرت الألوهة]فمن نسبة الجلال إليه له الاسم و من حضرة الجلال ظهرت الألوهة و عجز الخلق عن المعرفة بها و من هذا الاسم يعلم سركم في الأرض لما فيكم من نسبة الباطن و جهركم لما فيكم من نسبة الظاهر لارتفاعكم عن تأثير الأركان فكل عظيم فهو جليل و كل حقير فهو جليل فهو من الأضداد و قيل لأبي سعيد الخراز بم عرفت اللّٰه فقال بجمعه بين الضدين ثم تلا ﴿هُوَ الْأَوَّلُ وَ الْآخِرُ وَ الظّٰاهِرُ وَ الْبٰاطِنُ﴾ [الحديد:3] يعني من عين واحدة و في عين واحدة ثم نرجع و نقول و لا أحقر ممن يسأل أن يطعم لإقامة نشأته و إبقاء الحياة الحيوانية عليه و على قدر الاحتقار يكون الافتقار و أي افتقار أعظم ممن لا يكون له ما يريد إلا بغيره لا بنفسه و لو لا القوابل ما ظهر مجد القادر لو لا جوع العبد ما ادعى فيه السيد و لو لا عين العبد ما كان للجوع حكم و لما أراد السيد أن يظهر بحكم لا يقوم إلا بعبده فلا بد أن يتعين وجود العبد و هو الذليل فالمفتقر إليه أشد في الحكم و أولى بالاسم فما كمل الوجود إلا بهذا الاسم فما من شيء إلا و له و عليه حكم فثبت الافتقار للحكم سواء حكمت له أو عليه و ما حكم على شيء و لا لشيء إلا عينه فما جاءه شيء من خارج فما ثم إلا هو فهو الحاكم و الحكم و المحكوم عليه أو له فتوحدت العين و اختلفت النسب كبدل الشيء من الشيء و هما لعين واحدة و أما عظمة الجليل فمن تأثيره كما إن حقارته من كونه مؤثرا فيه اسم مفعول و ما من شيء إلا مؤثر و مؤثر فيه لا بد من ذلك فاسم الجليل له حقيقة فيقول العظيم الذي له التأثير للمؤثر فيه الحقير يا جليل و يقول الحقير الذي تأثر و ظهر الأثر فيه للذي له الأثر و التأثير يا جليل بالوجهين من كل قائل و مسم و واصف |
|
|||||||||
![]() |
![]() |
|||||||||
الفتوحات
المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين. |