الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية) |
![]() |
![]() |
|||||||||
الصفحة - من الجزء (عرض الصورة)![]() منهما لا لذاتها فالسعيد من النفوس المكلفة على نوعين في السعادة النوع الواحد مستور عن قيام المعصية به و غير المرغب فيه و لا لا طاعة و لا لا معصية و لا مرغبا و لا غير مرغب فيه فهو أسعد السعداء و النوع الآخر هو المستور بعد حكم المعصية فيه عن العقوبة على ذلك و هو المغفور له و هذه الأحكام تتعلق من المكلف في ظاهره و باطنه فالسعيد التام الكامل المعصوم و دونه المحفوظ ظاهرا غير المحفوظ باطنا فأقل مستور من اسمه عبد الغافر و أكثر مستور من اسمه عبد الغفور و المتوسط بينهما عبد الغفار فالناس أعني المكلفين على ثلاثة أحوال غافر و غفار و غفور ثم إن للمكلفين بعضهم مع بعض حكم هذه الأسماء فيمن جنى عليهم أو من حموه عن وقوع الجناية منهم و لهم أحكام أسماء اللّٰه فمتى تجاوز عمن جنى عليه تجاوز اللّٰه عنه و من أنظر معسرا جنى ثمرة ذلك في الآخرة من عند اللّٰه فما يرى المكلف في الآخرة إلا أعماله تم إن اللّٰه ﴿يَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ﴾ [أن من الستور ما هو معلول بالبشرية]و اعلم أن من الستور و إرخائها ما هو معلول بالبشرية و هو قوله ﴿وَ مٰا كٰانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللّٰهُ إِلاّٰ وَحْياً أَوْ مِنْ وَرٰاءِ حِجٰابٍ﴾ [الشورى:51] و هو الستر ﴿أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً﴾ [الشورى:51] و هو ستر أيضا و ليس الستر هنا سوى عين الصورة التي يتجلى فيها للعبد عند إسماعه كلام الحق في أي صوره تجلى فإن اللّٰه يقول لنبيه ص ﴿فَأَجِرْهُ حَتّٰى يَسْمَعَ كَلاٰمَ اللّٰهِ﴾ [التوبة:6] و المتكلم رسول اللّٰه ﷺ و إن اللّٰه قال على لسان عبده سمع اللّٰه لمن حمده و «قوله تعالى كنت سمعه و بصره» الحديث فهذه كلها صور حجابية أعطتها البشرية و ما ثم إلا بشر و روح هذه المسألة ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي فنفى الوسائط عن خلق آدم و من هنا إلى ما دون ذلك حكم اسم البشر فحيث ارتفعت الوسائط ظهر حكم البشرية لمن عقل ﴿إِنَّ فِي ذٰلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾ [النحل:67] فهذا حصر الستور و إرخاؤها على البدور و المكسوفات ستور فمنها ظلالية و منها أعيان ذوات مثل كسوف القمر و الشمس و سائر الكواكب الخمسة و أعظمها ستر الشمس فإنها تطمس أنوار الكواكب كلها فلا يبقى نور إلا نورها في عين الرائي و إن كانت أنوار الكواكب مندرجة فيها و لكن لا ظهور لها كما قال النابغة الجعدي في ممدحه أ لم تر أن اللّٰه أعطاك صورة *** ترى كل ملك دونها يتذبذب بأنك شمس و الملوك كواكب *** إذا طلعت لم يبد منهن كوكب و نعلم بالقطع أن الكواكب بادية و طالعة في أعيانها و مجاريها غير إن إدراك الرائي يقصر عنها لقوة نور الشمس نور على نور البصر فيبهره «قيل لرسول اللّٰه ﷺ أ رأيت ربك فقال نوراني أراه» فكيف أن يرى به فهو حجاب عليه و لم يكن ذلك إلا لضعف الإدراك فإنه تعالى قد يتجلى فيما دون النور فيرى كما ورد أينما شاء و هو القائل ﴿لَنْ تَرٰانِي﴾ [الأعراف:143] فرؤيته لا رؤيته فهو المستور المرئي من غير ظهور و لا إحاطة فالستر لا بد منه و هذا القدر كاف من الإيماء فإن ميدان الغفران واسع لأنه الغيب و الشهادة ﴿وَ اللّٰهُ مِنْ وَرٰائِهِمْ مُحِيطٌ﴾ [البروج:20] فأسبل الستر بالوراء على أعين السامعين فوقفوا مع ما سمعوا فأسبل الستر بالوراء *** إسباله الستر بالمراء بلا نزاع و لا خصام *** و لا جدال و لا مراء فكل مجلى له حجاب *** يحجبه عند كل راء من عن يمين و عن شمال *** و عن أمام و عن وراء يعرفه كل من رآه *** من مخلص كان أو مراء «حضرة القهر»إذا كان قهري عين أمري فإنني *** إذا ما أمرت الأمر كان لي القهر عليه فيبدو للوجود بصورتي *** فما نهينا نهي و لا أمرنا أمر [محل تجلى ظهور القهر و القهارية]يدعى صاحبها عبد القهار و عبد القاهر فأكبر العلماء من لا يكون له هذا الاسم أعني عبد القهار و لا عبد القاهر و هو العارف المكمل المعتنى به بل هو المعصوم و ما تجلى لي الحق بحمد اللّٰه من نفسي في هذا الاسم و إنما رأيته من |
|
|||||||||
![]() |
![]() |
|||||||||
الفتوحات
المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين. |