الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية) |
الصفحة - من الجزء (عرض الصورة)و الكثرة آحاد فهي عين الافتراق في عين الجمع فهو الفرقان القرآن [اختيار لا إله إلا اللّٰه من بين الأذكار]و أما اختياره لا إله إلا اللّٰه فإنه ذكر عم النفي و الإثبات و ليس ذلك لغيره من الأذكار [اختيار الرضا من بين الأحوال]و أما اختياره الرضي من الأحوال فإنه آخر ما يكون من الحق لأهل السعادة من البشرى فلا بشرى بعدها فإنها بشرى تصحب الأبد كما ورد في الخبر و هي بشرى بعد رجوع الناس من الرؤية لا بل هي من اللّٰه لهم في الكثيب عند الرؤية في الزور الأعظم [اختيار الجنة]و أما اختياره الجنة فإنها دار بقاء السعادة و النظر الساترة لأهلها عن كل مكروه يكون في الدار التي تقابلها و ما يعطيه سلطان أسماء الانتقام [اختيار الرؤية]و أما اختياره الرؤية فإنها غاية البصر فاللذة البصرية لا تشبهها لذة فإنها عين اليقين في المعبود [اختيار العدد التسعة و التسعين من بين الأعداد]و أما اختياره من الأعداد التسعة و التسعين فلأنها وتر الأسماء الجامع بين الآحاد و العقد إن لله تسعة و تسعين اسما مائة إلا واحدا من أحصاها دخل الجنة بمجرد الإحصاء حفظا و لفظا و إحاطة فإن اللّٰه وتر يحب الوتر [اختيار الفرائض]و أما اختياره الفرائض فلأن نتيجتها أن يكون العبد نعت الحق سمعه و بصره فإن حب النوافل يعطى أن يكون الحق سمع العبد و بصره و النفل لا يكون إلا في الدرجة النازلة عن الفرض فالفرض له الأولية و لا ينزل الحق إلى أن يكون سمعا للعبد كما قال بما يقتضيه من الجلال فلا بد أن ينزل اللّٰه بصفته و هو كون العبد صفة الحق للصورة التي خلق عليها فهي مقتطعة من الصورة الإلهية كما هي الرحم شجنة من الرحمن و الفرض القطع فإذا أداه ظهر له في ذلك أنه صفة للحق فإذا تنفل كان صفة الحق له فتميز الفرض من النفل و كانت الدرجة العليا للفرض و لو لا ما أعطى الفرض ذلك «ما ثبت أن يقول جعت فلم تطعمني» و «أنا أشد شوقا إلى لقاء عبدي يريد إياي» فإنه أقرب إلينا ﴿مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ﴾ [ق:16] و «ما ترددت في شيء أنا فاعله» و أمثال هذا من الإخبارات الإلهية [اختيار ليلة القدر من سائر الليالي]و أما اختياره ليلة القدر فإن الأمور لا تتميز إلا بأقدارها عند الحق و الحق غيب فاختص القدر بالليلة لأن الليل ستر كما يستر الغيب [اختيار يوم الجمعة من بين الأيام]و أما اختياره من الأيام يوم الجمعة لأن فيه ظهرت الصورتان و جعل اللّٰه ذلك اليوم للصور و هو الشهر الخامس لمسقط النطفة و هو يوم مؤنث له الزينة و تمام الخلق و اختار اللّٰه فيه ساعة من ساعاته هي كالنكتة في المرآة و هو موضع صورة المتجلي من مرآة اليوم فيرى فيها نفسه و على الصورة الظاهرة بين المرآة و الناظر فيها يقع الخطاب و التكليف و بها تحدث أسماء الإشارات من ذا و ذان و تا و تان و أولاء و أسماء الضمائر مثل هو و هي و هما و هم و هن و ك و ك و كما و كم و كن و أنت و أنت و أنتما و أنتم و أنتن و ياء ضمير المتكلم المؤثرة في آنيته إن لم تحفظها نون الوقاية و لا بد لها من تأثير إما في الآنية أو في نون الوقاية لا بد لها من ذلك و لهذا نون الوقاية له الفتوة و الإيثار من عالم الحروف و لهذا سميت نون الوقاية فلها منزلة لكاف من قوله أعوذ بك و لنا فيها نون الوقاية نون ليس يشبهها *** من الوجود سوى صوم و خلاق له الفتوة و الإيثار نشأته *** فما لنا غيره في اللفظ من واق شطر الوجود له من نعت خالقه *** من المكانة فهو الدائم الباقي [اختيار الثلاثة القرون على الترتيب]و أما اختياره الثلاثة القرون على الترتيب فإن الأول من ذلك لظهور كمال محمد ﷺ غيبا و شهادة فسن الشريعة بنفسه و نسخ ما كان سنة نوابه بوجوده و قرر منه ما قرر و أقر الايمان بجميعه ما نسخ منه و ما لم ينسخ و هذا هو القرن الأول ثم اثنان بعده و الكل أهل فتح و ظهور بمنزلة الثلاث الغرر من كل شهر يقول ﷺ يغز و فئام من الناس فيقال هل فيكم من رأى رسول اللّٰه ﷺ فيقولون نعم فيفتح لهم و هذا هو القرن الأول ثم يغز و فئام من الناس فيقال هل فيكم من رأى من رأى رسول اللّٰه ﷺ فيقولون نعم فيفتح لهم و هذا هو القرن الثاني ثم يغز و فئام من الناس فيقال هل فيكم من رأى من رأى من رأى رسول اللّٰه ﷺ فيقولون نعم فيفتح لهم و هذا هو القرن الثالث و ما زاد ﷺ على هذا و ذلك أنه ما ثم سوى الحضرة الإلهية و هي عبارة عن الذات و الصفات و الأفعال فهذا معنى خير القرون فبعناية القرن الأول فتح للجميع و هي ذات رسول اللّٰه ﷺ فأعطت قوة نوره و سلطان ظهوره الفتح الإلهي لمن رآه أو رأى من رآه أو رأى من رأى من رآه فهو «قوله خير القرون قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم» و إنما شبهناهم بالثلاث الغرر من الشهر و جعلنا زمان دعوته مشبهة بالشهر لأنهم اختلفوا في القرن ما قدره من الزمان فمن جملة أقوالهم أن القرن |
|
|||||||||
الفتوحات
المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين. |