الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية) |
الصفحة - من الجزء (عرض الصورة)كخفائنا من أجله و ظهورنا *** من أجلنا فسناه عين ضيائي ثم التفت بالعكس رمزا ثانيا *** جلت عوارفه عن الإحصاء فكأننا سيان في أعياننا *** كصفا الزجاجة في صفا الصهباء فالعلم يشهد مخلصين تألفا *** و العين تعطي واحدا للرائي فالروح ملتذ بمبدع ذاته *** و بذاته من جانب الأكفاء و الحس ملتذ برؤية ربه *** فإن عن الإحساس بالنعماء فالله أكبر و الكبير ردائي *** و النور بدري و الضياء ذكائي و الشرق غربي و المغارب مشرقي *** و البعد قربى و الدنو تنائي و النار غيبي و الجنان شهادتي *** و حقائق الخلق الجديد إمائي فإذا أردت تنزها في روضتى *** أبصرت كل الخلق في مرائي و إذا انصرفت أنا الإمام و ليس لي *** أحد أخلفه يكون ورائي فالحمد لله الذي أنا جامع *** لحقائق المنشئ و الإنشاء هذا قريضي منبئ بعجائب *** ضاقت مسالكها على الفصحاء فاشكر معي عبد العزيز إلهنا *** و لتشكر أيضا إلى العذراء شرعا فإن اللّٰه قال اشكر لنا *** و لوالديك و أنت عين قضائي و بعد حمد اللّٰه بحمد الحمد لا بسواه و الصلاة التامة على من أسرى به إلى مستواه فاعلم أيها العاقل الأديب الولي الحبيب أن الحكيم إذا نأت به الدار عن قسيمه و حالت صروف الدهر بينه و بين حميمه لا بد أن يعرفه بكل ما اكتسبه في غيبته و ما حصله من الأمتعة الحكمية في غيبته ليسر وليه بما أسداه إليه البر الرحيم من لطائفه و منحه من عوارفه و أودعه من حكمه و أسمعه من كلمه فكان وليه ما غاب عنه بما عرف منه و إن كان الولي أبقاه اللّٰه قد أصاب صفاء وده بعض كدر لعرض و ظهر منه انقباض عند الوداع لإتمام غرض فقد غمض وليه عن ذلك جفن الانتقاد و جعله من الولي أبقاه اللّٰه من كريم الاعتقاد إذ لا يهتم منك إلا من يسأل عنك فليهنأ الولي أبقاه اللّٰه فإن القلب سليم و الود كما يعلم بين الجوانح مقيم و قد علم الولي أبقاه اللّٰه أن الود فيه كان إليا لا غرضيا و لا نفسيا و ثبت هذا عنده قديما عني من غير علة و لا فاقة إليه و لا قلة و لا طلب لمثوبة و لا حذر من عقوبة و ربما كان من الولي حفظه اللّٰه تعالى في الرحلة الأولى التي رحلت إليه سنة تسعين و خمسمائة عدم التفات فيها إلى جانبي و نفور عن الجري على مقاصدي و مذاهبي لما لاحظ فيها رضي اللّٰه عنه من النقص و عذرته في ذلك فإنه أعطاه ذلك مني ظاهر الحال و شاهد النص فإني سترت عنه و عن بنيه ما كنت عليه في نفسي بما أظهرته إليهم من سوء حالي و شره حسي و ربما كنت ألوح لهم أحيانا على طريق التنبيه فيأبى اللّٰه أن يلحظني واحد منهم بعين التنزيه و لقد قرعت أسماعهم يوما في بعض المجالس و الولي أبقاه اللّٰه في صدر ذلك المجلس جالس بأبيات أنشدتها و في كتاب الإسراء لنا أودعتها و هي أنا القرآن و السبع المثاني *** و روح الروح لا روح الأواني فؤادي عند معلومي مقيم *** يشاهده و عندكم لساني فلا تنظر بطرفك نحو جسمي *** وعد عن التنعم بالمغاني و غص في بحر ذات الذات تبصر *** عجائب ما تبدت للعيان و أسرار تراءت مبهمات *** مسترة بأرواح المعاني فو الله ما أنشدت من هذه القطعة بيتا إلا و كأني أسمعه ميتا و سبب ذلك حكمة أبغي رضاها و حاجة ﴿فِي نَفْسِ﴾ [المائدة:116] |
|
||||||||
الفتوحات
المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين. |