الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية) |
![]() |
![]() |
|||||||||
الصفحة - من الجزء (عرض الصورة)![]() يخيل لي قد ارتفعت عن الأرض بقواعدها مشمرة الأذيال كما يتشمر الإنسان إذا أراد أن يثب من مكانه يجمع عليه ثيابه هكذا خيلت لي قد جمعت ستورها عليها لتثب علي و هي في صورة جارية لم أر صورة أحسن منها و لا يتخيل أحسن منها فارتجلت أبياتا في الحال أخاطبها بها و أستنزلها عن ذلك الحرج الذي عاينته منها فما زلت أثنى عليها في تلك الأبيات و هي تتسع و تنزل بقواعدها على مكانها و تظهر السرور بما أسمعها إلى أن عادت إلى حالها كما كانت و أمنتني و أشارت إلي بالطواف [أمانة ابن عربى التي أودعها عند الكعبة]فرميت بنفسي على المستجار و ما في مفصل إلا و هو يضطرب من قوة الحال إلى أن سرى عني و صالحتها و أودعتها شهادة التوحيد عند تقبيل الحجر فخرجت الشهادة عند تلفظي بها و أنا أنظر إليها بعيني في صورة سلك و انفتح في الحجر الأسود مثل الطاق حتى نظرت إلى قعر طول الحجر فرأيته نحو ذراع فسألت عنه بعد ذلك من رآه من المجاورين حين احترق البيت فعمل بالفضة و أصلح شأنه فقال لي رأيته كما ذكرت في طول الذراع و رأيت الشهادة قد صارت مثل الكبة و استقرت في قعر الحجر و انطبق الحجر عليها و انسد ذلك الطاق و أنا أنظر إليه فقالت لي هذه أمانة عندي أرفعها لك إلى يوم القيامة أشهد لك بها عند اللّٰه هذا قول الحجر لي و أنا أسمع فشكرت اللّٰه ثم شكرتها على ذلك و من ذلك الوقت وقع الصلح بيني و بينها و خاطبتها بتلك الرسائل السبعة فزادت بي فرحا و ابتهاجا حتى جاءتني منها بشرى على لسان رجل صالح من أهل الكشف ما عنده خبر بما كان بيني و بينها مما ذكرته فقال لي رأيت البارحة فيما يرى النائم هذه الكعبة و هي تقول لي يا عبد الواحد سبحان اللّٰه ما في هذا الحرم من يطوف بي إلا فلان و سمتك لي باسمك ما أدري أين مضى الناس ثم أقمت لي في النوم و أنت طائف بها وحدك لم أرى معك في الطواف أحدا قال الرائي فقالت لي انظر إليه هل ترى بي طائفا آخر لا و اللّٰه و لا أراه أنا فشكرت اللّٰه على هذه البشرى من مثل ذلك الرجل و تذكرت قول رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم في الرؤيا الصالحة يراها الرجل المسلم أو ترى له [الأبيات التي استنزل بها ابن عربى الكعبة]و أما الأبيات التي استنزلت بها الكعبة فهي هذه بالمستجار استجار قلبي *** لما أتاه سهم الأعادي يا رحمة اللّٰه للعباد *** أودعك اللّٰه في الجماد يا بيت ربي يا نور قلبي *** يا قرة العين يا فؤادي يا سر قلب الوجود حقا *** يا حرمتي يا صفا ودادي يا قبلة أقبلت إليها *** من كل ربع و كل وادي و من بقاء فمن سماء *** و من فناء فمن مهاد يا كعبة اللّٰه يا حياتي *** يا منهج السعد يا رشادي أودعك اللّٰه كل أمن *** من فزع الهول في المعاد فيك المقام الكريم يزهو *** فيك السعادات للعباد فيك اليمين التي كستها *** خطيئتي جدة السواد ملتزم فيك من يلازم *** هواه يسعد يوم التناد ماتت نفوس شوقا إليها *** من ألم الشوق و البعاد من حزن ما نالها عليهم *** قد لبست حلة الحداد لله نور على ذراها *** من نوره للفؤاد بادي و ما يراه سوى حزين *** قد كحل العين بالسهاد يطوف سبعا في أثر سبع *** من أول الليل للمنادي بعبرة ما لها انقطاع *** رهين وجد حلف اجتهاد سمعته قال مستغيثا *** من جانب الحجر آه فؤادي قد انقضى ليلنا حثيثا *** و ما انقضى في الهوى مرادي |
|
|||||||||
![]() |
![]() |
|||||||||
الفتوحات
المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين. |