الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية) |
![]() |
![]() |
|||||||||
الصفحة - من الجزء (عرض الصورة)![]() بقعة خضراء فيها عين خرارة فاستحسن ذلك طبعا فخطر له لو ركع فيها ركعتين فسقط من بين الجماعة و ما رجع بعد ذلك إلى تلك الحالة لأنه ما طلب العبادة لما يستحقه الحق و إنما كان الباعث لذلك الطلب الطبع في ذلك المكان لحسنه طبعا فعوقب فمن رأى هذا قال لا أجرة إلا من اللّٰه إذ العمل بذاته يطلب الأجرة و لا بد (وصل في فصل حج العبد)فمن قائل بوجوبه عليه و من قائل لا يجب عليه حتى يعتق و بالأول أقول و إن منعه سيده مع القدرة على تركه لذلك كان السيد عندنا من ﴿اَلَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللّٰهِ﴾ [الأعراف:45] [ابن حنبل في حال سجنه أيام المحنة]كان أحمد بن حنبل في حال سجنه أيام المحنة إذا سمع النداء للجمعة توضأ و خرج إلى باب السجن فإذا منعه السجان و رده قام له العذر بالمانع من أداء ما وجب عليه و هكذا العبد فإنه من جملة الناس المذكورين في الآية [من استرقه الكون]اعلم أن من استرقه الكون فلا يخلو إما أن استرقه بحكم مشروع كالسعي في حق الغير و السعي في شكر من أنعم عليه من المخلوقين نعمة استرقه بها فهذا عبد لا يجب عليه الحق فإنه في أداء واجب حق مشروع يطلبه به ذلك الزمان و هو عند اللّٰه عبد لغير اللّٰه عن أمر اللّٰه لأداء حق اللّٰه و إن كان استرقه غرض نفسي و هوى كياني ليس للحق المشروع فيه رائحة وجب عليه إجابة الحق فيما دعاه اللّٰه من الحج إليه في ذلك الفعل فإذا نظر إلى وجه الحق في ذلك الغرض كان ذلك عتقه فوجب الحج عليه و إن غاب عنه ذلك لغفلة لم يجب عليه و كان عاصيا لمعرفته بأن اللّٰه خاطبه بالحج مطلقا [العبد المخلص لله]و إن كان مشهده في ذلك الوقت أنه مظهر و المخاطب بالحج الظاهر فيه و ليس عينه لم يوجب الحج عليه و هذا هو العبد المخلص لله و هذه عبودة لا عتق فيها أ لا ترى أن الشارع قد قال في الصبي يحج و العبد يحج قبل إن يعتق ثم يموت قبل العتق و يموت الصبي قبل البلوغ إن ذلك الحج يكتب له عن فريضته و ذلك لأنه خرج بالموت عن رق الغير فعتق بالموت و حينئذ كتب له ذلك الحج بأداء واجب و إن كان فعله في غير زمان الوجوب على من يقول بذلك (وصل في فصل هذه العبادة هل هي على الفور أو على التراخي و التوسعة)فمن قائل على الفور و من قائل على التراخي و بالفور أقول عند الاستطاعة [الأسماء الإلهية و حكمها في العالم]الأسماء الإلهية على قسمين في الحكم في العالم من الأسماء من يتمادى حكمه ما شاء اللّٰه و يطول فإذا نسبته من أوله إلى آخره قلت بالتوسع و التراخي كالواجب الموسع بالزمان فكل واجب توقعه في الزمان الموسع فهو زمانه سواء أوقعته في أول الزمان أو في آخره أو فيما بينهما فإن الكل زمانه و أديت واجبا فاستصحاب حكم الاسم الإلهي على المحكوم عليه موسع كالعلم في استصحابه للمعلومات و كالمشيئة و هكذا المكلف إن شاء فعل في أول و إن شاء فعل في آخر و لا يقال هنا و إن شاء لم يفعل لأن حقيقة فعل أثر و حقيقة لم يفعل استصحاب الأصل فلا أثر فلم يكن للمشيئة هنا حكم عياني و من الأسماء من لا يتمادى حكمه كالموجد فهو بمنزلة من هو على الفور فإذا وقع لم يبق له حكم فيه فإنه تعالى ﴿إِذٰا أَرٰادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ﴾ [يس:82] على الفور من غير تراخ فإن الموجد ناظر إلى تعلق الإرادة بالكون فإذا رأى حكمها قد تعلق بالتعيين أوجد على الفور مثل الاستطاعة إذا حصلت تعين الحج (وصل في فصل وجوب الحج على المرأة و هل من شرط وجوبه أن يسافر معها زوج أو ذو محرم أم لا)فقيل ليس من شرط الوجوب ذلك و قيل من شرطه وجود المحرم و مطاوعته [النظر في معرفة اللّٰه من طريق الشهود]النفس تريد الحج إلى اللّٰه و هو النظر في معرفة اللّٰه من طريق الشهود فهل يدخل المريد إلى ذلك بنفسه أو لا يدخل إلى ذلك إلا بمرشد و المرشد أحد شخصين إما عقل وافر و هو بمنزلة الزوج للمرأة و إما علم بالشرع و هو ذو المحرم فالجواب لا يخلو هذا الطالب أن يكون مرادا مجذوبا أو لا يكون فإن كان مجذوبا فالعناية الإلهية تصحبه فلا يحتاج إلى مرشد من جنسه و هو نادر و إن لم يكن مجذوبا فإنه لا بد من الدخول على يد موقف إما عقل أو شرع فإن كان طالبا المعرفة الأولى فلا بد من العقل بالوجوب الشرعي و إن طلب المعرفة الثانية فلا بد من الشرع يأخذ بيده في ذلك فبالمعرفة الأولى يثبت الشرع عنده و بالمعرفة الثانية يثبت الحق عنده و يزيل عنه من أحكام المعرفة الأولى العقلية نصفها و يثبت له نصفها فالعقل مع الشرع في هذه المسألة [مثل الذي أعطى المعرفة الأولى و الذي أعطى المعرفة الثانية]كملك ولى في ملكه نائبا و أيده و قواه و احتجب الملك عن رعاياه و تحكم النائب و استفحل فلما قوى |
|
|||||||||
![]() |
![]() |
|||||||||
الفتوحات
المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين. |