الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية) |
![]() |
![]() |
|||||||||
الصفحة - من الجزء (عرض الصورة)![]() الخيرات و كما يتقرب بالفرائض كذلك يتقرب بالنوافل و قد وردت الأخبار بما تنتجه نوافل الخيرات من القرب الإلهي فجعل لها حكما في نفسها فهذا اعتبار من أفرد نسل الغنم بالحكم [اعتبار من ألحق نسل الغنم بالأمهات في الحكم]و من ألحقها بالأمهات كما ذكرنا في المذهبين و اعتباره أن نوافل الخيرات فرائض و كان حكمها حكم الفرائض فلهذا ضمن إليها فإن صلاة التطوع و هي النافلة التي لا تجب على الإنسان و لا يعصي بتركها إذا شرع فيها في صلاة نافلة أو صيام أو حج فإنه يلزمه ما فيها من الفرائض فالركوع و السجود و القيام في صلاة النافلة فريضة واجبة عليه لا تصح أن تكون صلاة إلا بهذه الأركان و لهذا «قال اللّٰه أكملوا لعبدي فريضته من تطوعه» فيكمل فرض المفروض من فرض التطوع كان العمل ما كان فحق اللّٰه في نوافل الخيرات ما تحوي عليه من الفرائض و هو زكاتها و ما في ذلك من الفضل يعود على عاملها و لهذا يكون الحق سمعه و بصره في التقرب بالنوافل (وصل في فصل فوائد الماشية)قد تقدم اعتبار مثله في فوائد الناض فأغنى عن ذكره في هذا الفصل و إنما جئنا به لننبه عليه (وصل في فصل اعتبار حول الديون)فيمن يرى الزكاة فيه فإن قوما قالوا يستقبل به الحول من اليوم الذي قبضه يعني الدين من غريمه و الذين يقولون في الدين الزكاة اختلفوا فمن قائل يعتبر فيه من أول ما كان دينا و إن مضى عليه حول زكى زكاة حول و إن مرت عليه أحوال زكى لكل حول مر عليه زكاة فأنزله صاحب هذا المذهب منزلة المال الحاضر و من قائل يزكيه لعام واحد خاصة و إن أقام أحوالا عند الذي عنده الدين فلا زكاة فيه إلا هذا القدر و لا أعرف له حجة في ذلك (الاعتبار في هذا)الحج عن الميت و من لا يستطيع كما ورد في النص و صيام ولي الميت عن الميت إذا مات و عليه صيام فرض رمضان فصار حقا لله فيه على الولي الذي يحج أو يصوم فذلك الحق هو قدر الزكاة الذي في الدين و تبرأ ذمة الذي عنده الدين كما إن الذي عنده الدين لا زكاة عليه فيما عنده لأنه ليس بمالك له [اعتبار من لا يرى الزكاة على الدين ما دام عند المديون]و من يرى أنه لا زكاة عليه فيه ما دام عند المديون بري أنه ليس للإنسان إلا ما سعى و ليس بيده مال يسعى فيه بخير بل خيره منه كونه وسع على المديون بما أعطاه من المال فعين هذا الفعل قام فيه مقام الزكاة فأغنى عن أن يزكيه و أي خير أعظم ممن وسع على عباد اللّٰه و قد قرر العلماء أن المقصود بالزكاة إنما هو سد الخلة و الذي يأخذ الدين لو لا حاجته ما أخذه و الذي يعطيه ذلك قد سد منه تلك الخلة فأشبه الزكاة من هذا الوجه فهذا اعتبار من لا يرى زكاة فيه حتى يقبضه و يستقبل به الحول من يوم قبضه [آية الديون في القرآن هي غاية وصلة اللّٰه بعباده]و آية الديون على ما قلناه قوله تعالى ﴿وَ أَقْرِضُوا اللّٰهَ قَرْضاً حَسَناً﴾ [الحديد:18] و ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللّٰهَ قَرْضاً حَسَناً﴾ [البقرة:245] و لما كان في القرض سد الخلة لذلك قالت اليهود ﴿إِنَّ اللّٰهَ فَقِيرٌ وَ نَحْنُ أَغْنِيٰاءُ﴾ [آل عمران:181] أي من أجل فقره طلب القرض منا و غابوا عن الذي أراده الحق تعالى من ذلك من غاية وصلته بخلقه كما جاء في الصحيح جعت فلم تطعمني و شبه ذلك و الباب واحد و قد تقدم الكلام في القرض في أول الباب (وصل في فصل حول العروض عند من أوجب الزكاة فيها)و قد تقدم اعتبار الحول و الذي أذهب إليه أنه لا زكاة فيها لعدم النص في ذلك و كأنه شرع زائد و هو القياس المرسل لا شرع مستنبط من شرع ثابت و اللّٰه أعلم فمن العلماء من اشترط مع العروض وجود الناض و منهم من اعتبر فيه النصاب و منهم من لم يعتبر ذلك و قال أكثر العلماء المدير و غير المدير حكمه واحد و أنه من اشترى عرضا و حال عليه الحول قومه و زكاه و قال قوم بل يزكي ثمنه و به أقول لا قيمته (وصل الاعتبار في هذا)العروض هو ما يعرض على الإنسان من أعمال البر مما لا نية له في ذلك أو يكون من الأعمال التي لا نشترط فيها النية و له الثواب عليها كما قال صلى اللّٰه عليه و سلم أسلمت على ما أسلفت من خير أي لك ثوابه و إن لم يكن فعلك فيه عن شرع ثابت لكنه مكارم خلق فصادف الحق فجوزي عليه فلو لم يكن في ذلك العمل الذي عرض حق لله لنسبة تعطيه ما صح أن يثني عليه فذلك زكاته من حيث لا يشعر |
|
|||||||||
![]() |
![]() |
|||||||||
الفتوحات
المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين. |