الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية) |
![]() |
![]() |
||||||||
الصفحة - من الجزء (عرض الصورة)![]() (مسألة دورية من هذا الباب و هذه صورتها)إنما قلنا اختلفت الشرائع لاختلاف النسب الإلهية لأنه لو كانت النسبة الإلهية لتحليل أمر ما في الشرع كالنسبة لتحريم ذلك الأمر عينه في الشرع لما صح تغيير الحكم و قد ثبت تغيير الحكم و لما صح أيضا قوله تعالى ﴿لِكُلٍّ جَعَلْنٰا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَ مِنْهٰاجاً﴾ [المائدة:48] و قد صح أن لكل أمة شرعة و منهاجا جاءها بذلك نبيها و رسولها فنسخ و أثبت فعلمنا بالقطع أن نسبته تعالى فيما شرعه إلى محمد صلى اللّٰه عليه و سلم خلاف نسبته إلى نبي آخر و إلا لو كانت النسبة واحدة من كل وجه و هي الموجبة للتشريع الخاص لكان الشرع واحدا من كل وجه [إنما اختلفت النسب الإلهية لاختلاف الأحوال]فإن قيل فلم اختلفت النسب الإلهية قلنا لاختلاف الأحوال فمن حاله المرض يدعو يا معافي و يا شافي و من حاله الجوع يقول يا رزاق و من حاله الغرق يقول يا مغيث فاختلفت النسب لاختلاف الأحوال و هو قوله ﴿كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ﴾ [الرحمن:29] و ﴿سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلاٰنِ﴾ و «قوله صلى اللّٰه عليه و سلم لما وصف ربه تعالى بيده الميزان يخفض و يرفع» فلحالة الوزن قيل فيه الخافض الرافع فظهرت هذه النسب فهكذا في اختلاف أحوال الخلق [إنما اختلفت الأحوال لاختلاف الزمان]و قولنا إنما اختلفت الأحوال لاختلاف الأزمان فإن اختلاف أحوال الخلق سببها اختلاف الأزمان عليها فحالها في زمان الربيع يخالف حالها في زمان الصيف و حالها في زمان الصيف يخالف حالها في زمان الخريف و حالها في زمان الخريف يخالف حالها في زمان الشتاء و حالها في زمان الشتاء يخالف حالها في زمان الربيع يقول بعض العلماء بما تفعله الأزمان في الأجسام الطبيعية تعرضوا لهواء زمان الربيع فإنه يفعل في أبدانكم ما يفعل في أشجاركم و تحفظوا من هواء زمان الخريف فإنه يفعل في أبدانكم كما يفعل في أشجاركم و قد نص اللّٰه تعالى على إننا من جملة نبات الأرض فقال ﴿وَ اللّٰهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبٰاتاً﴾ [نوح:17] أراد فنبتم نباتا لأن مصدر أنبتكم إنما هو إنباتا كما قال في نسبة التكوين إلى نفس المأمور به فقال تعالى ﴿إِنَّمٰا قَوْلُنٰا لِشَيْءٍ إِذٰا أَرَدْنٰاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ [النحل:40] فجعل التكوين إليه كذلك نسب ظهور النبات إلى النبات فافهم فلذلك قلنا إنما اختلفت الأحوال لاختلاف الأزمان [إنما اختلفت الأزمان لاختلاف الحركات]و أما قولنا إنما اختلفت الأزمان لاختلاف الحركات فأعني بالحركات الحركات الفلكية فإنه باختلاف الحركات الفلكية حدث زمان الليل و النهار و تعينت السنون و الشهور و الفصول و هذه المعبر عنها بالأزمان و قولنا اختلفت الحركات لاختلاف التوجهات أريد بذلك توجه الحق عليها بالإيجاد لقوله تعالى ﴿إِنَّمٰا قَوْلُنٰا لِشَيْءٍ إِذٰا أَرَدْنٰاهُ﴾ [النحل:40] فلو كان التوجه |
|
||||||||
![]() |
![]() |
||||||||
الفتوحات
المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين. |